لا يرضى الأمريكيون أن يكون الموت مجانيا، عليهم بتحويله إلى "بزنس" رابح كفاتورة أخيرة على الإنسان دفعها لمعقل الرأسمالية العالمية. في حدث وفاة المغني العالمي مايكل جاكسون، استطاعت شركة 1-800 AUTOSPY عقد صفقة رابحة مع عائلة جاكسون لتشريح جثة مايكل، من أجل الوصول إلى غموض الوفاة المفاجئ وما شابه من تفسيرات متضاربة، الأمر الذي يعد ذا أثر اقتصادي بالنسبة إلى الشركة، حيث سترتفع قيمة علامتها التجارية لارتباطها بشخصية أسطورية مثل مايكل جاكسون. إلا أن شركة 1-800 AUTOSPY لن يكون لها حظ في توقيع عقد دفن جثمان مايكل جاكسون، خاصة بعدما صرحت العائلة بأن الجثمان سوف تتسلمه دار جنائز لم يعلن عن اسمها. وفي موقع الشركة الإلكتروني، تعلن الشركة عن شعارها الذي يقول : " حقوق الموتى يجب حفظها .. نحن نتحدث عن الميت الذي لم يعد قادرا على الكلام"، عارضة جميع أنشطتها التجارية ابتداء من نبش المقابر وإخراج الجثة لتشريحها في بعض الحالات الخاصة، مرورا باستخراج سجل مفصل عن أسباب الوفاة بعد تشريح الجثة، وانتهاء بدفن الموتى بطرق فاخرة. وتنشط الشركة في أعمال التنقيب عن أسباب الوفاة، مما قد يترتب عليها دعاوى قانونية في حال ثبوت خطأ طبي من طرف المستشفى أثناء العلاج. وتعد العائلة الأمريكية التي تستنتج خطأ طبيا أدى إلى وفاة أحد أفرادها، محظوظة للغاية، لأن الدعوى القانونية سيتبعها تعويض مادي بحسب كل شخص. وتؤكد الشركة أنها تقوم بتسليم كل الجثث التي تم تشريحها بشكل لا يؤثر في مظهرها الخارجي، التي تشدد العائلة الأمريكية على أهميته أثناء الجنازة، حيث درجت العادة أن يتم توديع المتوفى وهو مرتد بدلة مع ربطة عنق. وتقول الشركة التي تم تأسيسها عام 1988، إنها على استعداد لنقل الجثث جوا من أي مكان في العالم، عبر صندوق خاص يوضع فيها 12 رطلا من الثلج الجاف. ويعد "الموت" في الولاياتالمتحدةالأمريكية فرصة استثمارية، حيث تم تأسيس قطاع كامل لخدمته، يبلغ حجمه سنويا 10 مليارات دولار، تعمل فيه المئات من الشركات الخاصة. ويعتبر اليهود أول جنس بشري يقوم بتأسيس شركات دفن الموتى في أوروبا أثناء فترة القرون الوسطى، وانتقلت تلك الشركات جغرافيا إلى حيث استوطن اليهود. ولقد أصبحت الشركات تملك تقليعات خاصة بها في طريقة دفن الموتى، مثل ما تقوم به شركة (لايف جم) التي تصنع من رماد جثمان الموتى خواتم ألماس، بعد استخراج الكربون ومعالجته ليتحول إلى ألماس صناعي يصمم على شكل خاتم. وتستطيع الشركة أن تصنع من كل جثة ما يقارب 20 خاتما ألماسيا، مع وضع باقي رماد الجثة في جرة صغيرة. ولأن المنافسة عالية، فإن شركات الموتى تتخذ طرقا مختلفة للترويج لخدماتها، وهي حتما طرق لا يمكن وضعها في إعلان تلفزيوني، أو مطبوع، إنما من خلال التنسيق والمتابعة مع المستشفيات للحصول على قائمة بأسماء المرضى الذين فقد أطباؤهم الأمل في أن يبقواعلى قيد الحياة. وهنا يبدأ المريض في صباح اليوم التالي باستقبال كاتالوجات هائلة وبأعداد وفيرة إلى صندوقه البريدي تدعوه إلى أنواع مريحة من القبور، منها ما هو فوق سطح الأرض لمن يخشى فكرة الدفن، ومنها ما هو مزود بقنوات تكييف، وأخرى مع شبابيك، كما يمكن أيضا بالاتفاق مع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) دفن الجثة في القمر. كما أن شركات دفن الموتى لها معرض سنوي يتنقل بين الولاياتالأمريكية لعرض آخر الابتكارات في مجال الموت المريح، آخرها كان شاهدا للقبر بشاشة يقوم بعرض صور ومقاطع فيديو للمتوفى. إنا لله وإنا إليه راجعون.