تنظر المحكمة الكبرى في الرياض ، الثلاثاء 20 مارس 2012 ، في دعوى قضائية رفعتها أسرة الميمون على نظام تشغيل وإدارة الحركة المرورية آلياً (ساهر)، تتهم فيه الشركة بأنها لم توفر سبل السلامة والحماية لابنها حمود الذي مات مقتولاً "بل لم تحفظ كرامته ميتاً" على حد تعبير أحد إخوته ل(عناوين). ولقي حمود بن عبدالله بن صالح الميمون (24 عاماً) مصرعه خلال تأديته عمله في (ساهر) في ذي الحجة 1432 ه على طريق الطائف-الرياض تحت كبري مخرج لبخة-الجلة على بعد 160 كلم عن الرياض. حيث تعرضت سيارة (ساهر) التي كان يركبها " ميتسوبيشي " موديل 2010 لطلق ناري من فوق الكبري، فاخترقت أربعة طلقات سقف السيارة والخامسة كانت في الزاوية الخلفية للسيارة طلقتان جانبيتان أصابت خزان الوقود، ما أسفر عن انفجار السيارة واحتراق حمود. ويقول عزام بن عبدالله الميمون أخو حمود أن تقرير مستشفى القويعية يشير إلى أن أخيه رحمه الله وصل " جثة هامدة محترقة بشكل شديد محولاً من شرطة الجلة وتبراك بسيارة نقل الموتى مع خطاب مخفر الجلة وتبراك ذو الرقم 19\1116\44\6 بتاريخ 13\12\1432ه صباحاً الساعة 5:15 يوم الأربعاء". وبعد الكشف الطبي تبين للطبيب حسب التقرير الذي حصلت عليه (عناوين) أن حمود وصل مستشفى القويعية جثة هامدة " لا يوجد أية علامات للحياة، جثة هامدة غير واضحة المعالم، مع عدم وجود أجزاء منها، حيث يلاحظ عدم وجود عظام الجمجمة، وخروج قسم من محتواها عن الدماغ إلى خارجها، مع عدم وجود عظام وأضلاع وأجزاء من القفص الصدري من الأمام، وخروج محتواها من الأحشاء إلى خارج القفص، أما من خلفه يلاحظ احتراق شديد، وكذلك خروج الأحشاء الداخلية مع احتراق لأجزاء منها جزئياً .......من ناحية الأمامية". ولاحظ الطبيب أيضاً احتراق شديد في منطقة البطن، و الكتفين والعضدين الأيمن والأيسر، مع عدم وجود الذراعين واليدين واحتراقهما التام، و"بخصوص الأطراف السفلية يلاحظ احتراق شديد في الجلد والعظام والحوض، مع احتراق شديد في الساقين، أما بالنسبة للقسم السفلي وكلا القدمين فيلاحظ عدم وجودهما واحتراقهما كاملين، ما يترتب عليه صعوبة تحديد معالم الجثة حيث أنه قد أحترق كامل الوجه، فقط يميز عظام الوجه، لذلك نخلص إلى نتيجة صعوبة تحديد سبب الوفاة بعد احتراقها الشديد واختفاء معالمها". ويقول الميمون "كان أخي حمود رحمه الله باراً بوالديه، وقبل مقتله قام بتأثيث المنزل، واشترى غرفة نوم جديدة لوالدتي، كما عرف عنه حبه لفعل الخير، فقد كان طرفاً في توظيف عدد من زملائه في (ساهر)". ويضيف بأن بعض زملاء أخيه حذروه من الاستلام في الموقع الذي لقي فيه حتفه قبل خروجه، إلا أنه رد عليهم "سأذهب لأكون شهيد ساهر". ويفيد الميمون بأنه بعد أسبوع من الحادث "تلقينا اتصالاً من أحد مسؤولي الشركة قال فيه بعد التعزية بأن هناك تعويضات من الشركة لحمود بمبلغ 13.000 ريال، وأنهم رفعوا المبلغ إلى 20.000 ريال وأن هناك 100.000 مائة ألف ريال هدية لوالدة شهيد ساهر رحمه الله، مع العلم أن بعض مسؤولي الشركة قالوا خلال العزاء بأن مبلغ التعويض يتراوح بين مليون إلى خمسة ملايين!". ويستنكر عزام الميمون تعامل (ساهر) في قضية مقتل أخيه "للأسف أن الشركة تولي اهتماماً بكاميراتها أكثر من اهتمامها بموظفيها، فسعر الكاميرا كما علمنا 400 ألف ريال، بينما قيمة الموظف الذي فقد حياته وهو على رأس العمل، يرصد المخالفات المرورية لا تتعدى 100 ألف ريال". ويضيف بأن (ساهر) لم يحفظ كرامة أخيه القتيل فقد "نقل حمود من مستشفى القويعية إلى مستشفى الشميسي، وعرضت جثته على الطب الشرعي بالواسطة، بعد تراخي مسؤولي (ساهر)". وتذكر أسرة الميمون في دعواها القضائية " أن حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل من الضروريات التي لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد والعياذ بالله، وأن تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق وهو مقصود الشرع من الخلق وهو أن يحفظ عليهم دينهم وأنفسهم وعقولهم ونسلهم وأموالهم؛ فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة، ورفعها مصلحة. قال الله تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ ?لنَّفْسَ ?لَّتِى حَرَّمَ ?للَّهُ إِلاَّ بِ?لْحَقّ ذ?لِكُمْ وَصَّ?كُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:151، 152]. وفي السنة المطهرة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات". وتشير الدعوى القضائية أيضاً إلى أن نظام الحكم أكد على أن الدولة تكفل حقوق الإنسان، وفق الشريعة الإسلامية، "تُيسر الدولة مجالات العمل لكل قادر عليه، وتسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل". وترى أسرة حمود الميمون أن شركة (ساهر) لم تعمل بما نص عليه نظام الحكم في هذا الجانب في قضية ابنها رحمه الله.