أعلن وزير العدل وحقوق الإنسان الليبي محمد العلاقي السبت أن سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي اعتقل في جنوب ليبيا. وقال الوزير الليبي إن "سيف الإسلام الذي تبحث عنه المحكمة الجنائية الدولية اعتقل في الجنوب الليبي". وأكد مصدر في مجلس الثوار في طرابلس الذي يضم عددا من المقاتلين السابقين في حركة التمرد، توقيفه في منطقة اوباري. وأبلغ مسؤول في المجلس العسكري بطرابلس، شبكة CNN السبت، بأن مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي الليبي، اعتقلوا سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل، في مدينة أوباري جنوب غرب البلاد. وترددت شائعات منذ صباح السبت عن توقيف سيف الإسلام القذافي الذي كان الخليفة المرجح لوالده. وقال مسؤولون في المجلس ان سيف الإسلام كان بصحبة عدد من حراسه ولكن لم يلق القبض على أي مسؤول آخر في نظام القذافي. وأفادت التقارير أن سيف الإسلام كان في حالة صحية جيدة . وقال بشير ثالبة أحد القادة الميدانيين لمقاتلي الزنتان الذي ألقوا القبض على سيف الإسلام للصحفيين في طرابلس انهم سيحتفظون به في بلدة الزنتان لحين تشكيل حكومة ليبية تقوم باستلامه. ولم يوضح ثالبة كيفية اعتقال سيف الإسلام، وأضاف ان لا أثر حتى الآن لمدير المخابرات اللبية السابق عبدالله السنوسي. ويتوقع أن تشكل الحكومة الليبية خلال أيام. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت في يونيو/حزيران الماضي مذكرة اعتقال بحق سيف الإسلام بتهمة "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية إثناء قمع الاحتجاجات في ليبيا". وقد انقطعت أخبار سيف الإسلام منذ سقوط نظام حكم والده العقيد معمر القذافي، وجرى تداول تقارير في وقت سابق عن مفاوضات غير مباشرة تجري مع المحكمة الجنائية الدولية لتسليم نفسه. وكان ينظر لسيف الإسلام في فترة من الفترات على انه مصلح متحرر ومهندس عملية التقارب مع الدول الغربية التي شن عليها والده حروب عصابات بالوكالة طوال عقود. ولكن رد فعله على اندلاع الثورة اتسم بالتهديد بالحرب. وتتهمه المحكمة الجنائية الدولية باستئجار مرتزقة لتنفيذ خطة والعمل مع والده لقتل محتجين غير مسلحين يستلهمون انتفاضات "الربيع العربي". وسيف الإسلام مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما فيها القتل والاضطهاد، أثناء الثورة الليبية التي أطاحت بوالده وانتهت بمقتله على يد مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي. ويعد سيف الإسلام الابن الثاني للزعيم الليبي الراحل، من زوجته الثانية صفية، التي لجأت في وقت سابق مع عدد من أبنائها إلى الجزائر قبل مقتل زوجها، وقد أتم تعليمه في المملكة المتحدة، ويتحدث الإنجليزية بطلاقة. وقبل اندلاع الثورة في ليبيا، كان ينظر إلى سيف الإسلام على نطاق واسع بأنه خليفة والده في حكم ليبيا، إذ كان يتم إعداده لتولي السلطة، لكن عبر مشاريع إصلاح روج لها طويلا. وقتل ثلاثة من أبناء القذافي في الحرب ولجأ الساعدي القذافي إلى النيجر. نبذة عن سيف الإسلام ولد سيف الاسلام القذافي في 25 يونيو/حزيران 1972 في طرابلس، وهو النجل الاكبر من زوجة القذافي الثانية وثاني ابناء الزعيم الليبي الثمانية. وفي العام 1995 حصل سيف الاسلام على اجازة في الهندسة المعمارية من جامعة الفاتح في طرابلس، من هنا جاء لقبه "المهندس سيف". وكلفه والده حينها بوضع مخطط لمجمع عقاري ضخم مع فنادق ومسجد ومساكن. وبعد خمس سنوات، تابع سيف الاسلام القذافي دراسته فاختار ادارة الاعمال في فيينا بالنمسا إذ حصل على شهادة من معهد "انترناشونال بيزنس سكول". وارتبط في تلك الفترة بصداقة مع يورغ هايدر، زعيم اليمين النمساوي الشعبوي الراحل. حصل على درجة الدكتوراه من كلية لندن للدراسات الاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة لندن(LSE)؟ ظهر على الساحة الدولية سنة 2000، عندما فاوضت "مؤسسة القذافي" التي أسسها عام 1997 من اجل الافراج عن رهائن غربيين محتجزين لدى مجموعة من المتطرفين الاسلاميين في الفيليبين. ويتكلم سيف الاسلام القذافي الانجليزية والالمانية وقليلا من الفرنسية. وهو يتحدث بهدوء واتزان ووصفته وسائل الاعلام بانه الوجه الجديد المحترم لنظام اتهم لزمن طويل بمساندة الارهاب. وسيف الاسلام القذافي اعزب ويعنى بمظهره ويعتني باسود مروضة، كما يحب الصيد في اعماق البحار وصيد الصقور وركوب الخيل. ويمارس ايضا فن الرسم. مبعوث قام سيف الاسلام، الذي اوقف الاحد كما اعلن مدعي عام المحكمة الجنائية، في السنوات الاخيرة بدور مبعوث للنظام او ناطق باسمه. وقُدم باستمرار على انه الخليفة المرجح لوالده. وقد اكد سيف الاسلام فجر الاحد على التلفزيون الرسمي ان نظام طرابلس "لن يسلم ولن يرفع الراية البيضاء" داعيا قوى المعارضة الى الحوار. وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في ليبيا. وسيف الاسلام البالغ من العمر 39 عاما صاحب النفوذ الكبير، لم يكن يشغل اي منصب رسمي. لكنه أصبح في السنوات الأخيرة موفد النظام الليبي الأكثر مصداقية ومهندس الإصلاحات والحريص على تطبيع العلاقات بين ليبيا والغرب. وأثار سيف الإسلام لدى عرضه مشروع تحديث بلاده في 20 أغسطس/اب 2007 تكهنات حول مسألة الخلافة في زعامة ليبيا ولو انه اكد ان "ليبيا لن تتحول الى ملكية او دكتاتورية". وبعد سنة من ذلك أعلن انسحابه من الحياة السياسية، مؤكدا انه وضع "قطار الإصلاحات على السكة الصحيحة". ودعا إلى بناء "مجتمع مدني قوي" يواجه اي تجاوزات على مستوى قمة السلطة. وقد ندد باستمرار بالبيروقراطية في بلاده التي اضطر الى خوض "معارك" عديدة ضدها لفرض إصلاحاته. ويؤكد انه "في غياب المؤسسات ونظام اداري، كنت مجبرا على التدخل" في شؤون الدولة. وقد برز دوره خصوصا في الوساطة التي قام بها في قضية الفريق الطبي البلغاري الذي افرج عن افراده (خمس ممرضات وطبيب) في يوليو/تموز 2007 بعد ان امضوا ثماني سنوات في السجن في ليبيا. وهو الذي فاوض ايضا على الاتفاقات من اجل دفع تعويضات لعائلات ضحايا الاعتداء على طائرة في لوكربي باسكتنلدا في 1988 إذ اتهمت ليبيا بالتخطيط للعملية، وقضية دفع تعويضات لضحايا الاعتداء على طائرة اوتا التي تحطمت فوق النيجر في 1989. وقام سيف الاسلام القذافي بحملة من اجل فتح بلاده امام وسائل الاعلام الخاصة. وقد نجح في آب/اغسطس 2007 في اطلاق اول محطة تلفزة خاصة واول صحيفتين خاصتين في البلاد. لكن منذ 2009 سجلت خطته الاصلاحية نكسات لا سيما في مجال الصحافة. وهكذا تم تأميم او اغلاق "وسائل اعلام خاصة" تابعة لشركة الغد تحت وصاية سيف الاسلام. واعلنت مؤسسة القذافي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي 2010 انسحابها من الحياة السياسية المحلية مؤكدة انها ستنصرف فقط للاعمال الخيرية لتحرم البلاد من منبر دبلوماسي هام. لكن في فبراير/ شباط 2011 اندلعت ثورة ضد نظام حكم العقيد القذافي. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 27 يونيو/ حزيران 2010 مذكرات توقيف بحق القذافي وسيف الاسلام والسنوسي متهمة اياهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية اثناء قمع التظاهرات في ليبيا. وبعد نزاع مسلح عنيف شهد تدخل قوات حلف شمال الأطلسي دخلت قوات المجلس الانتقالي طرابلس في أغسطس/ آب 2011 إيذانا بانتهاء حكم القذافي. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2011 قتل العقيد الليبي معمر القذافي بعد قليل من القبض عليه. وجرت بعدها عمليات بحث موسعة عن سيف الإسلام الذي تردد أنه فر إلى النيجر. ويقول لويس مورينو أوكامبو، مدَّعي عام المحكمة الجنائية الدولية، إن لديه "أدلة جوهرية" على أن سيف الإسلام، قد ساعد باستئجار مرتزقة لمهاجمة مدنيين ليبيين كانوا يتظاهرون ضد حكم والده.