لجنة الاستئناف ترفض احتجاج النصر    أمير مكة يهنئ القيادة بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك    مُحافظ وادي الدواسر يُهنئ القيادة ب عيد الفطر المبارك    حديث "أبو شوشة" بعد زيارة أمير عسير لمبادرة تعليم محايل    بلدية وادي الدواسر تُكمل استعداداتها لعيد الفطر بتجهيز الميادين والحدائق    أمير تبوك يرفع التهنئة للقياده بمناسبة عيد الفطر المبارك    تجدد إصابة المدافع الياباني إيتو وينضم لقائمة المصابين في بايرن ميونخ    الأمم المتحدة: «نقص حاد» في الإمدادات الطبية يعوق الاستجابة للزلزال في بورما    أمير القصيم يهنئ القيادة بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك    ولي العهد يوجه بتوفير أراض مخططة ومطورة للمواطنين في الرياض    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفيًا من رئيس دولة الإمارات    كونسيساو مدرب ميلان يقلل من أهمية التكهنات بشأن مستقبله    رئيس مجلس إدارة مجموعة stc ورئيسها التنفيذي يهنئان القيادة بمناسبة عيد الفطر المبارك    القيادة تعزي ملك تايلند في ضحايا زلزال بانكوك    برعاية سعودية.. سورية ولبنان تعيدان تعريف العلاقة    أمانة جدة تدخل موسوعة غينيس للمرة الثالثة    الرئيس عون: لبنان دخل مرحلة جديدة بعد عقود من العنف والحروب    إقالة دوريفال جونيور من تدريب المنتخب البرازيلي    وزير الداخلية يثمن جهود رجال الأمن في تنفيذ الخطط الأمنية للعمرة    غداً الأحد.. عيد الفطر في السعودية والإمارات وقطر والكويت    خلال أسبوع.. ضبط 25 ألف مخالف للأنظمة    خلال أسبوع.. "المنافذ الجمركية" تسجل 1320 حالة ضبط للممنوعات    وزارة الداخلية.. منظومة متكاملة لخدمة وسلامة وأمن ضيوف الرحمن    بيئة وزراعة بريدة تراقب مدينتي الغذاء والأنعام والمسلخ المركزي    "حوامة المنار" تحيي الموروث الشعبي بالبكيرية    البرلمان العربي يدعو لنصرة الفلسطينيين والتصدي للتهجير والضم    إعلان قائمة المساجد والجوامع والمصليات لصلاة عيد الفطر بمنطقة جازان    تجمع الرياض الصحي الأول يحقق أرقاماً قياسية في ختام حملة "صم بصحة"    الأرصاد: أمطار رعدية غزيرة وسيول في عدة مناطق بالمملكة    روح العبادة بين الإخلاص والاستعراض    أبشر بالفطور تختتم أعمالها بتغطية محافظات الشرقية و توزيع ٥٠ الف وجبة    رئيس مجلس السيادة السوداني يغادر جدة بعد أدائه مناسك العمرة    بحضور سفيرة خادم الحرمين.. ترامب يقيم مأدبة إفطار رمضاني بالبيت الأبيض    إعلانات وهمية لتأجير المنتجعات والاستراحات    فعاليات العيد في الشرقية تبدأ بالألعاب النارية    مركز الملك سلمان للإغاثة يتيح إمكانية إخراج زكاة الفطر عبر منصة "ساهم" إلى مستحقيها في اليمن والصومال    "الوطنية" ترعى توزيع مليون وجبة إفطار صائم للحد من حوادث الطرقات في رمضان    الفريق الفتحاوي يتفوق على العدالة بثنائية نظيفة في مباراته الودية الثانية    الشرع يعين الرفاعي مفتيا عاماً لسوريا    إنجازات جمعية سدانة للحج والعمرة في الأسبوع الثالث من شهر رمضان المبارك للعام 1446ه    إيلون ماسك يعلن استحواذ شركته للذكاء الاصطناعي على منصة إكس    تجمع الرياض الصحي الأول يُطلق حملة «عيدك يزهو بصحتك» بمناسبة عيد الفطر المبارك 1446ه    منصة "بصير" تعزز أمن وإدارة حشود المعتمرين والمصلين بالمسجد الحرام    أكثر من 123 مليون كيلوجرام واردات المملكة من الشوكولاتة خلال عام 2024    "الرياض" ترصد إدارة الحشود في ليلة 29    المبادرة السعودية تنجح في إنهاء الخلافات السورية اللبنانية    "سوليوود" يُطلق استفتاءً لاختيار "الأفضل" في موسم دراما رمضان 2025    البكيرية تستعد للاحتفال بعيد الفطر المبارك    أمانة الشرقية تزرع 5 آلاف شجرة و 10 آلاف وردة احتفاءاً بمبادرة السعودية الخضراء    مختص ل"الرياض": انتظار العطلات سعادة    تجمع جدة الصحي الثاني ينفذ حملة "صُمْ بصحة" لمواجهة الأمراض المزمنة    أكثر من 70 ألف مستفيد من برامج جمعية الدعوة بأجياد في رمضان    "مستشفيات المانع" تُطلق أكثر من 40 حملة تثقيفيةً صحيةً خلال شهر رمضان المبارك لتوعية المرضى والزوار    حرائق كوريا الجنوبية ..الأضخم على الإطلاق في تاريخ البلاد    سوزان تستكمل مجلدها الثاني «أطياف الحرمين»    مطبخ صحي للوقاية من السرطان    أنامل وطنية تبهر زوار جدة التاريخية    حليب الإبل إرث الأجداد وخيار الصائمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناصر الحجيلان يوضح المشكلة اللغوية في حياة السعوديين
نشر في عناوين يوم 26 - 06 - 2011

كان عليّ أن أقابل مجموعة من الأشخاص لديهم بعض المسائل التي يريدون الحديث معي حولها، ومن عادتي أن أحضّر لهذا اللقاء لمعرفة الموضوع وتفاصيله وخلفيّاته، والإلمام بما يمكن معرفته عن الشخصيات. ولكنّ عارضًا جعلني لا أتمكن من الإعداد لهذا اللقاء، فحضرت الاجتماع وأنا خالي الذهن من أيّ شيء.
ولأنني لا أعرف ماذا يريد المجتمعون الحديث عنه، وليس لدي معلومات عن موضوعهم. ولهذا، فقد بدأ الحديث بسيطًا، قمتُ فيه بالحديث عن أفكار عامة تتعلق برؤيتي للعمل الإنساني والتعريف بنفسي وملاحظاتي على ما أقع به من أخطاء بشرية نتيجة ضغط الزمن أو نتيجة المعلومات المتوفرة، أو نتيجة أسر الزاوية الذي أنظر فيها للقضية. بعد ذلك، بدأ الحضور بالمشاركة في الحديث المثار عن "المشكلة اللغوية" في حياتنا، وكيف أن اللغة تخوننا في التعبير عن المراد بالدقة المطلوبة في كثير من الأحيان، فتوقعنا في الفهم الخاطئ، وتُوقع غيرنا كذلك في التفسير الذي يبتعد عن السياق ويكون في النهاية غير دقيق. هناك تعبيرات لها تاريخ ولها كيان ثقافي، ولو استخدمناها مستقلة عن حمولتها الثقافية فإننا سنفهمها بطريقة عكسية تمامًا. وهناك تعبيرات مرتبطة بسياق معين (نفسي، اجتماعي، ثقافي، لغوي)، لن ندركها بشكل دقيق دون وضعها في سياقها الصحيح.
بعد فترة، بدأ الحاضرون بالحديث عن موضوع يشغلهم، وانتهينا إلى تحديد بعض المعوقات والحلول المقترحة. وقال أحدهم ونحن نهمّ بالخروج، الحمد لله إن مشكلتنا انتهت، فسألته عن أي مشكلة يتحدث، قال عن خصومات بيننا، قلت له إنني لم أجد هذه الخصومات خلال حديثنا السابق، فأخبرني أنها تلاشت من خلال الحديث ولم تعد موجودة لأنها بالفعل مشكلات لغوية قائمة على فهم العبارة بطريقة بعيدة عن سياقها، أو أنها توضع في سياق مختلف يجعل فهمها مغايرًا للمراد منها.
والحقيقة، أن هذه المشكلة كثيرًا ما نواجهها في حياتنا، فمثلا، يقول أحدهم للآخر: أنا مشغول اليوم، فيفهم صاحبه من كلامه أنه يتهرّب من مقابلته. ثم يؤسس على هذا الفهم موقفًا مضادًا من صاحبه. أو يقول أحدهم للآخر: ماذا حصل بشأن الموضوع الفلاني؟ فيفهم صاحبه أنه يشك فيه ويريد تتبعه. أو يشرح أحدهم أن الطريقة المناسبة لعمل معين هي كذا وكذا، فيعتقد صاحبه أنه بهذه الطريقة يُقلل من قدراته العقلية، ويُنزله منزلة الجاهل الذي لايعرف..إلخ، ومن هنا تنشأ الخصومات.
إن الشخص الذي يحمل في ذهنه معلومات مع أو ضد الشخص، تُعيقه هذه المعلومات عن رؤية عادلة للشخص. فإذا كان ذهنك يحمل افتراضات بأن فلانًا يكيد لك ويتربص بك، فمن المؤكد أن الروح الدفاعية السيكيولوجية لديك تؤثر في تلقي أيّ معلومة من هذا الشخص؛ فلو سألك سؤالا عاديًا مثل: كيف الحال؟ فإن ذهنك الدفاعي سيفهم من سؤاله أنه يريد أن يجسّ ردّة فعلك وربما يقصد إحراجك، هذا إن لم يكن ذهنك يتجه نحو التكهن بأن حالك لا تسره!
ولنا أن نُقارن حالنا حينما نُقابل شخصًا لانعرف عنه أيّ شيء ونظن فيه الخير، وهذا هو الأصل الفطري، مقابل أن نُقابل شخصًا وردتنا معلومات بأنه محتال ويريد استغلالنا.
ذكر "ريتشارد ماككوين" (Richard McKeon)، في مقالة عن "الشخصية والفنون والقواعد"، أن قراءة المرء للأشياء والأشخاص ليست بريئة - في أكثرها- لأنها تخضع لاعتبارات ذاتية يعجز كثير من الأشخاص عن إدراكها والتخلّص منها. ويرى أن علينا أن نبحث عن الدوافع وراء ردود أفعال البشر.
وقد أجريت تجربة بإرسال مجموعة أشخاص إلى مكان لكتابة تقرير عنه، وزوّت هذه المجموعة بمعلومة عن وجود جنّ يختبئون في المكان، وأنّ عليهم أخذ الحذر من أي انهيار أو تهدّم يطرأ. لم يذهب من هذه المجموعة سوى شخصين، أحدهما تعب قبل أن يرى المكان والآخر كان أكثر جرأة وأطل على المكان بسرعة. وأرسلت مجموعة أخرى إلى نفس المكان ووصفته لهم بأنه معلم عريق ومدهش في جماله وروعته، فجاءت التقارير إيجابية ومملوءة بمعطيات خيالية وأوصاف معنوية منسوبة للمكان. وينتهي "جورجن هابرماس" (Jurgen Habermas)، في كتابه: "نظرية الفعل في التواصل"، إلى أن الإنسان ليس حرًا في حكمه على الأشياء إذا دخل عليها وذهنه محشو بمعلومات معها أو ضدها.
والواقع، أن الشخص الذي يتحرّر من القيود المفروضة على عقله تكون الفرصة أمامه أفضل لرؤيةٍ أشمل وحكمٍ أقرب للعدالة. وأغلب القيود على عقولنا هي معلومات نأخذها من الآخرين، أو انطباعات وتكهنات شيّدناها لأنفسنا بسبب خبرات سلبية سابقة مرّت بنا، ولم نتخلص منها؛ وظلت تلك الخبرات السوداوية تلاحقنا وتُطل برأسها في علاقاتنا الجديدة، فتحرمنا فرصة ثمينة لبناء علاقات إيجابية جديدة لأننا - ببساطة - أسْرى لقيود وهميّة.
وحينما يأتي اليوم الذي نتحرّر فيه من تلك القيود السلبية، سنرى الدنيا بشكل أكثر نقاوة، ونجد في الناس الخير والحق والجمال..
( ناصر الحجيلان - الرياض )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.