سعى قادة شبان مصريون يوم الخميس إلى تأسيس حزب سياسي جديد في الوقت الذي تلعب فيه جماعة الاخوان المسلمين دورا مهما بشكل متزايد استعدادا لانتخابات وعد الجيش باجرائها خلال ستة اشهر في مرحلة ما بعد مبارك. ويعتزم الزعماء المنادون بالديمقراطية تنظيم مسيرة مليونية جديدة يوم الجمعة أطلقوا عليها اسم جمعة النصر للاحتفال بالاطاحة بحسني مبارك ولتذكير قادة الجيش الذين يتولون السلطة الان بمدى قوة الشارع التي انهت حكم مبارك الذي امتد 30 عاما. وخرج محتجون إلى الشوارع في أنحاء الشرق الاوسط وشمال افريقيا بعد أن ألهمتهم الانتفاضة في مصر ومن قبلها تونس. وشنت البحرين حملة على احتجاجات مناهضة للحكومة كما تحدثت تقارير عن اشتباكات في ليبيا واليمن. ولا يمكن القول ان الحياة عادت لطبيعتها في مصر بعد ستة أيام من تنحي مبارك (82 عاما) حيث لازالت الدبابات في شوارع القاهرة ومازالت البنوك والمدارس مغلقة وتنظم اضرابات واعتصامات فئوية. وقال اللواء محسن اسماعيل عثمان وهو متحدث باسم الجيش للتلفزيون الرسمي مساء الاربعاء ان مصر في حالة اختبار لم ينته بعد. ووجه سؤالا للمصريين وقال هل تعجبكم الاضرابات والاعتصامات والمصانع المغلقة والبنوك التي لا تعمل.. وأضاف أن المجلس الاعلى للقوات المسلحة سيعيد الامور الى طبيعتها لكن على الناس مساعدته. وقال ان الجيش ليست لديه طموحات في المستقبل وانه يريد تسليم السلطة الى الاحزاب المدنية عندما تصبح قوية غير قابلة للانهيار. وجماعة الاخوان المسلمين ممثلة في اللجنة المكلفة باجراء التعديلات الدستورية وفي مجلس أمناء الثورة الذي شكله نشطاء وقالت انها ستؤسس حزبا سياسيا فور تغيير القوانين بشكل يسمح بذلك. وظهر المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين على شاشة التلفزيون الرسمي قبل بضعة ايام وهي المرة الاولى من نوعها بالنسبة لجماعة كانت محظورة في عهد مبارك. وعملت الجماعة على استحياء في الايام الاولى للثورة لكن من الواضح انها ترى الاجواء امنة بما يسمح لها بالخروج الى العلن. وتنظر الولاياتالمتحدة لجماعة الاخوان بقدر من الريبة لكن تعتبر الكتلة الوحيدة المنظمة بشكل حقيقي في مصر ويمكن أن تحصل على ما يصل الى 30 في المئة من الاصوات في انتخابات حرة. وفي مؤشر اخر على التحول في السياسات المصرية عقدت الجماعة الاسلامية التي حملت السلاح ضد نظام مبارك في التسعينات من القرن الماضي وسحقتها قوات الامن اول اجتماع علني لها منذ 15 عاما. وقال عاصم عبد الماجد (53 سنة) القيادي بالجماعة الذي قضى نصف عمره في السجن لدوره في اغتيال الرئيس المصري أنور السادات "موقفنا هو فتح صفحة جديدة مع النظام الجديد" مشيرا الى أنهم سيتعاونون " من أجل ما هو في صالح البلاد". وتعرض المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي تسلم السلطة بعد الاطاحة بمبارك لضغوط يوم الخميس من نشطاء يطالبون بالافراج الفوري عن المعتقلين السياسيين والغاء قانون الطواريء. وسببت ايران صداعا جديدا للمجلس بقولها ان سفينتين حربيتين تابعتين لها ستعبران قناة السويس في خطوة وصفها وزير الخارجية الاسرائيلي افيجدور ليبرمان بأنها "استفزاز". ولم يعرف بعد متى ستصل السفينتان الى الطرف الجنوبي للقناة. وقال مسؤول رفيع بهيئة قناة السويس ان الهيئة لم تتلق اخطارا حتى الان من الحكومة بالسماح بعبور السفينتين. وتتلقى الهيئة عادة اخطارا من وزارتي الدفاع والخارجية بشأن عبور السفن الحربية. وفي حالة عبورهما فسوف تكون أول مرة تعبر فيها قطع حربية ايرانية القناة منذ الثورة الاسلامية عام 1979. وتهدد مسألة عبور السفينتين للقناة بصرف أنظار المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية عن متابعة أولوياته في اعادة القانون والنظام وانعاش الاقتصاد الذي تضرر بسبب ثورة استمرت 18 يوما. وخفضت الحكومة الانتقالية توقعات النمو الاقتصادي في مصر الى ما بين 3.5 و 4 في المئة من نحو 6 في المئة قبل اندلاع الثورة. والبورصة المصرية مغلقة للاسبوع الثالث على التوالي بعد انهيارها مع بدء الاضطرابات. ومازال مبارك المعتل الصحة والموجود مع أسرته في منتجع شرم الشيخ المصري يحاول التأقلم مع الاحداث العاصفة التي أطاحت به وبدا أنه يرفض فكرة العيش في المنفي خارج البلاد بعدما قال انه يريد أن يعيش ويموت على أرض مصر. وعقدت لجنة تعديل الدستور التي تضم صبحي صالح العضو في جماعة الاخوان المسلمين الى جانب خبراء قانونيين ودستوريين اجتماعا يوم الخميس بعدما عطل الجيش الدستور الذي ضمن لمبارك سلطات واسعة النطاق. وقال صالح يوم الاربعاء ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة تعهد بالغاء حالة الطواريء قبل اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. ويخشى بعض الزعماء العلمانيين أن يؤدي الاسراع باجراء انتخابات بعد أن قمع مبارك معظم نشاط المعارضة الى اعطاء ميزة لجماعة الاخوان التي كان النظام المصري السابق يحظرها. وحل المجلس الاعلى للقوات المسلحة مجلسي الشعب والشورى وعطل الدستور ويجب على لجنة تعديل الدستور تحديد التعديلات التي يرجح أن تنص على تقييد فترات الرئاسة ووضع قواعد لاجراء انتخابات نزيهة. ويجب أن تكون التعديلات جاهزة في غضون عشرة أيام. وللانتقال من المرحلة الانتقالية الى الحكم المدني سيصوت المصريون في استفتاء على التعديلات قبل اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في غضون ستة أشهر. ومازال التشكك يخيم على مدى النفوذ الذي سيسعى الجيش لممارسته في اعادة رسم خريطة نظام حاكم فاسد وقمعي حكم البلاد لستة عقود. وقال أعضاء مجلس أمناء الثورة المؤيد للديمقراطية يوم الاربعاء ان هدفهم هو توحيد الصفوف وحماية الثورة وفتح حوار مع الجيش. والاحزاب المصرية المسجلة صغيرة في الغالب وضعيفة ومتشرذمة. وقد تكون جماعة الاخوان التي لا يمكنها بموجب الدستور الحالي أن تشكل حزبا هي أفضل الجماعات تنظيما لكن شعبيتها الحقيقية في الشارع المصري لم تختبر بعد. ومع عدم وجود قيادة واضحة فان حركة الشباب التي لعبت دورا محوريا في الثورة عن طريق استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت لتنظيم الاحتجاجات تسعى للتغلب على الانقسامات ويتوقع أن تعلن جدولا زمنيا لتشكيل حزب سياسي يوم الخميس.