رفض الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الانتقادات الموجهة إلى الجامعة العربية، بأنها تركز فقط على الملف الفلسطيني وتترك الملف السوداني والملفات الأخرى. وقال موسى في المؤتمر الصحفي السنوي بمقر الجامعة العربية الاثنين 27 ديسمبر 2010، حول (حصاد عام 2010) إن الجامعة العربية سارت هذا العام وما قبله في مسارات متوازية لعلاج مشاكل السودان والعراق ولبنان، جنبا إلى جنب مع قضية الصراع العربي الإسرائيلي لأن الجامعة العربية منظمة سياسية إقليمية لديها كوادر وخبرات مختلفة تعمل على كل هذه المسارات. وتابع قائلا إن الجامعة العربية كانت أحد المفاوضين الرئيسيين في مفاوضات إبوجا بنيجريا وأحد الموقعين على اتفاق نيفاشا للسلام كما كانت أحد اللاعبين الأساسيين في حل الأزمة اللبنانية على مدى عام ونصف وهو ما يؤكد سير الجامعة العربية في علاج هذه الملفات في صعيد واحد. وأوضح الأمين العام للجامعة العربية أن أهم الانجازات التي تحققت خلال العام المنصرم 2010 هو انعقاد 4 قمم عربية وسيعقد مثلها العام المقبل بجانب انعقاد 35 اجتماع وزاري و758 اجتماع نوعي على مدار 348 يوما تغطي مختلف مجالات العمل العربي المشترك السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية. وأضاف أن أهم الانجازات التي تحققت على صعيد العمل الاقتصادي إنشاء الصندوق العربي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة برأسمال بلغ ملياري دولار تم تلقي مليار و300 مليون دولار منها إلى جانب تكليف شركات ايطالية لتنفيذ الدراسة الخاصة بالربط السككي بين الدول العربية. وفي الشق السياسي تناول موسى قضايا فلسطين والسودان والعراق والصومال ولبنان إلى جانب موضوع رابطة دول الجوار العربي وتطوير منظومة العمل العربي المشترك أما فيما يخص القضية الفلسطينية فاستعرض الأمين العام للجامعة العربية الإنجازات التي حققتها الجامعة العربية على مدار العام الجاري .. مشددا على أن العرب جادون في التوجه لمجلس الأمن الدولي لطرح موضوع الاستيطان. ورأى أن عملية السلام تواجه أزمة كبيرة نتيجة فقدانها قوة الدفع وعدم الاقتناع الذي تبلور لدى الكثيرين بأنها يمكن أن تقدم شيئا في ظل الوضع الراهن واستمرار إسرائيل بالاستيطان .. مبينا أن العرب والفلسطينيين استفادوا كثيرا من تجربة 20 عاما من المفاوضات لذلك صمموا على ضرورة رفض التفاوض في ظل الاستيطان. وتساءل موسى "هل نجري مفاوضات من أجل التقاط الصور وإسرائيل تواصل الاستيطان"، مجيبا "بالتأكيد لا .. لأن الحكومة الإسرائيلية بإجراءاتها الأحادية لا تعمل على تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة". وأثنى الأمين العام للجامعة العربية على النضال الفلسطيني وصمود الشعب الفلسطيني على أرضه ومواجهته الاحتلال الإسرائيلي.. قائلا إن الشعب الفلسطيني موجود على أرضه وصامد وصابر لكنه يعاني الكثير بسبب الاحتلال وإجراءاته القمعية. وأكد موسى أن الحديث عن دولة فلسطين يعني الحديث عن دولة حقيقية وليست شكلية ودولة مكتملة الأركان فالشعب موجود لكن الأرض تتآكل بسبب الاستيطان لذلك اتخذت لجنة مبادرة السلام العربية خلال اجتماعها الأخير قرارا برفض التفاوض في ظل الوضع الراهن. وردا على الادعاءات بأن الجامعة العربية ولجنة مبادرة السلام عملت على تكبيل الحركة بسبب قراراتها الصادرة في الاجتماع الأخير للجنة المتابعة العربية قال "بالعكس نحن نريد تسيير الحركة وليس وقفها لكن نريد أن تسير الأمور بطريقة سليمة ولا نريد التفاوض من أجل التفاوض إننا نريد شيئا ملموسا على الأرض وتقدم يشعر به المواطن العربي والفلسطيني". وعقب الأمين العام للجامعة العربية على الإدعاء بأنه تم اختصار القضية الفلسطينية بموضوع الاستيطان بقوله إن الحقيقة أن القضية لم تختصر بالاستيطان لكنها تتأثر كثيرا بالسياسات التوسعية الإسرائيلية .. مبينا أن عنصر السيادة والأرض شيء أساسي لقيام الدولة والاستيطان يقضي على الأرض والاحتلال يواصل ضم الأراضي. وأفاد موسى أن الجامعة العربية تدرك أن هناك ملفات أخرى مثل اللاجئين والمياه والحدود والأمن وغيرها من القضايا التي يتم بحثها تباعا لكن الاستيطان يعتبر موضوعا خطيرا لأنه يعني تغيير التركيبة السكانية للأراضي المحتلة كما يعني ضم الأراضي للاحتلال رغم أن كل هذا يتنافى مع القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة. ورأى الأمين العام للجامعة العربية أن التفاوض في ظل الاستيطان هو خديعة كبرى .. متسائلا كيف يتم التفاوض على أرض تتآكل وإذا فشلت واشنطن في التوصل إلى وقف مؤقت للاستيطان هل توجد إمكانية لإحداث اختراق في ملفات القدس والحدود. وعن مواقف الرئيس الأمريكي بارك أوباما المهمة والمعلنة بشأن رفض الاستيطان وبخصوص عملية السلام أشاد موسى بدور الرئيس أوباما لجهوده في وقف الاستيطان رغم فشله في تحقيق ذلك .. قائلا أن الرئيس الأمريكي حاول ولا بد أن يتم تحيته على ذلك .. معربا عن أمله أن تدعم الولاياتالمتحدةالأمريكية إدانة الاستيطان في الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي. وأكد الأمين العام للجامعة العربية أن هناك تصميم من جانب القيادة الفلسطينية وبدعم عربي كامل بالتوجه لمجلس الأمن الدولي لإدانة الاستيطان .. مشيرا إلى أن العمل العربي الراهن بشأن عملية السلام ينطلق من قرارات لجنة المتابعة العربية في اجتماعها الأخير في الرابع عشر من الشهر الجاري. وفي الشأن العراقي قال موسى إن القمة العربية المقبلة ستعقد في بغداد نهاية مارس المقبل وأن الاتجاه العام هو قبول ذلك .. مشيدا بتجربة الانتخابات العراقية الأخيرة التي أظهرت توجهها عراقيا جديدا في رفض الطائفية والتوجه نحو التوافق بما يؤكد أن العراق يسير نحو عراق جديد. وفي الشأن اللبناني أعتبر الأمين العام للجامعة العربية أن لبنان فيه الكثير من اللغط على كل كبيرة وصغيرة وهو ما تتمنى الجامعة العربية أن ينتهي .. مضيفا أنه مهما كان هذا اللغط الذي أصبح ثمة لن يلقي لبنان بنفسه إلى التهلكة .. معربا عن أمله في ألا يكون لبنان جزء من لعبة في المنطقة. وفي الشأن السوداني أشار موسى إلى أن الجامعة العربية كان لها نشاط كبير في السودان .. مبينا أن الجامعة العربية كانت أول منظمة إقليمية ودولية ترسل لجنة تقصي حقائق إلى دارفور وكان تقريريها هو الذي اعتمدت عليه الأممالمتحدة كما كانت شاهدا وموقعا على اتفاق نيفاشا للسلام في جنوب السودان 2005 وشاركت في جهود إعمار جنوب السودان. وفي الشأن الصومالي أوضح الأمين العام للجامعة العربية أن الصومال تمثل مشكلة كبرى وتكاد تصبح لا حل لها لأنه كلما تم إحراز تقدم في جهة نعود إلى الوراء من جهة أخرى. وأعلن موسى أن هناك دولتين من دول الجوار العربي الإفريقي لديهما كل الشروط لأن تصبح عضوا في جامعة الدول العربية وهما تشاد وإريتريا .. مؤكدا أن هاتين الدولتين يجب ضمهما للجامعة العربية في إطار مقترحه لإنشاء رابطة دول الجوار العربي. وأضاف أن اللغة العربية في تشاد هي اللغة الرسمية وتجاور الدول العربية جغرافيا لذلك سيقوم بزيارتها قريبا لتفعيل ما تم الاتفاق عليه في قمة (سرت) العربية لاتخاذ الإجراءات الخاصة بضم تشاد إلى الجامعة العربية على أن يكون ضم إريتريا للجامعة العربية في وقت تالٍ لتشاد. وعبّر الأمين العام للجامعة العربية عن انتقاده وعدم فهمة لوجود اعتراضات من بعض الدول العربية على مقترحه بشأن إقامة رابطة للجوار العربي .. قائلا إن هذا المقترح ما يزال قائما رغم معارضة بعض الدول العربية وسيكون بندا رسميا على القمة العربية المقبلة في بغداد. وخلص إلى القول إن موضوع رابطة الجوار هو أسلوب متبع في العالم حيث تجتمع عشر دول عربية متوسطية مع الاتحاد الأوروبي بكامل هيئته كما تجتمع عشر دول عربية إفريقية مع الاتحاد الإفريقي .. متسائلا ما هو الضرر من مثل هذا الحوار.