دخل العراق موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية لفشله في تشكيل حكومة لأطول فترة تستغرقها أي عملية سياسية في تاريخ العالم الحديث، حيث يوصف عام 2010 بامتياز في العراق بأنه عام الأزمة السياسية، وذلك لما أثارته من جدل كان الشغل الشاغل للعراقيين طيلة معظم أشهر السنة. وكان البرلمان العراقي قد صوت، بعد مخاض عسير، بالثقة في الحكومة العراقية الجديدة برئاسة نوري المالكي في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، والتي تضم 42 حقيبة وزارية، إضافة إلى 3 نواب لرئيس الحكومة، وأدت اليمين القانونية، لتكون بذلك أكبر تشكيلة وزارية في مرحلة ما بعد الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين على خلفية الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. ولم يسبق أن شهد العراق أزمة سياسية مثلما جرى بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية أواخر مارس الماضي، وأظهرت نتائجها تقاربا بين الفائزين، فقد حصلت (القائمة العراقية) بزعامة إياد علاوي رئيس الوزراء السابق على 91 مقعدا، وحصلت (دولة القانون) بزعامة المالكي على 89 مقعدا، وذهب 70 مقعدا للائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم، و57 مقعدا للتحالف الكردستاني. وتسببت النتائج في أزمة سياسية خانقة زاد من وطأتها إعلان المحكمة الاتحادية العراقية العليا اعتبار الكتلة الأكبر، التي يمنحها الدستور العراقي الحق في تشكيل الحكومة، هي الكتلة التي تتشكل داخل البرلمان وليست تلك الفائزة بالانتخابات، وهو ما يعني أن علاوي ليس من حقه تشكيل الحكومة بعدما نجح المالكي في استمالة قائمة الائتلاف الوطني العراقي ومن ثم تشكيل كتلة تضم 159 عضوا. وبعد مفاوضات شاقة ومبادرات من كل حدب وصوب، اتفق على انتخاب أسامة النجيفي رئيسا للبرلمان، وجلال طالباني رئيسا للجمهورية، وتكليف المالكي بتشكيل الحكومة العراقية في غضون 30 يوما تنتهي في الخامس والعشرين من ديسمبر الجاري، مع إسناد منصب رئيس المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية لعلاوي، في إطار صفقة سياسية جاءت بمبادرة من رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني. وتنتظر الحكومة العراقية استحقاقات كبيرة خلال العام المقبل أبرزها استضافة العراق القمة العربية في الربع الأول من عام 2011، وطرح مليارات الدولارات للاستثمار أمام الشركات الأجنبية لإعادة بناء البنى التحتية للاقتصاد العراقي، إضافة إلى تتويج الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة بالانسحاب الكامل من العراق نهاية العام المقبل، كما أعطى قرار مجلس الأمن خلال الشهر الجاري بإلغاء عدد من القرارات الدولية التي صدرت ضد العراق عام 1990 على خلفية غزو العراق للكويت، دفعا جديدا لهذا البلد للخروج من طائلة البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة.