يصفهم كتّاب الصحف ب"وزراء التويتر"، ويسميهم بعض المواطنين "الديجيتاليين". وهؤلاء هم بعض أعضاء الحكومة الأردنيّة الذي انضمّوا مؤخّراً إلى مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، مثل تويتر وفيس بوك؛ ويمثّلون تيّاراً قويّاً في الأردن، يسميه خصومهم "التيّار الليبراليّ". فبعد رئيس الوزراء سمير الرفاعي، الذي افتتح موقعه على تويتر مطلع الشهر الجاري، جاء وزير الخارجيّة ناصر جودة، تلاه وزيرا الاتّصالات والطاقة، وعُمدة عمّان، وغيرهم مثلهم مِنَ المسؤولين. وكانت الملكة رانيا مِنْ أوائل الأردنيّين الذي فتحوا حسابات في تويتر. ويسعى هؤلاء المسؤولون في إبقاء المواطنين على اطّلاع فوريّ على نشاطاتهم وأخبارهم الشخصية، وانطباعاتهم عن لقاءاتهم العامة وزياراتهم الميدانية. ولكنّ هذا الأمر لا يروق لبعض كتّاب الصحف الأردنيّة، الذين وجّه بعضُهم انتقادات لاذعة ل"وزراء الديجتال"، ناعين عليهم ولعَهم بالعوالم الافتراضيّة، واعتقادَهم بأنّ "المجتمعات يمكن أنْ تُدار بكبسة "فأر" الكمبيوتر وأنّ الاصلاح والتطوير مشروع يسبح في فضاء "التويتر" لا على الارض ووسط الناس"، على ما قال الكاتب فهد الخيطان في صحيفة "العرب اليوم" اليوميّة. وبإزاء "الديجيتاليّين"، يقف تيّار مناوئ لهم، هو "الأنالوغ". وعلى هذا، فالألفاظ المأخوذة مِنْ العالم الرقميّ إنّما هي كنايات واستعارات يطلقها الخصوم السياسيّون، بعضهم على بعض، في سياق حالة الاستقطاب بين التيار "الليبراليّ" وبين التيار "المحافظ". ويتّهم "المحافظون" زملاءهم "الليبراليّين" بالسعي في الخصخصة وبيع ممتلكات الدولة وتحويل الأردن إلى "شركة"، بينما يرى هؤلاء أنّ "المحافظين" أسهموا بسهم وافر في الأزمة الاقتصاديّة التي يتخبّط فيها الأردن، وأنّهم (أي "الليبراليّين") يريدون إدراج الأردن في المنظومة العالميّة، والخروج به مِنَ النفق الذي تسبّب به "المحافظون". فيردّ الكاتب باتر وردم، في صحيفة "الدستور، على زميله فهد الخيطان بالقول إنّ مواقع التواصل الاجتماعيّ أمست تمثّل منظومةً مِنَ الأدوات المهمّة لنقل المعرفة ونشرها وإنتاج المعلومات. ويستغرب "السخرية مِنَ المعرفة الإلكترونيّة وأدوات الاتّصال الحديثة، ولاسيّما في دولة مثل الأردن تمتلك المزايا البشريّة والفنيّة التي تؤهّلها لأن تكون رائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات"، مذكّراً زميله بأنّنا نعيش في العام 2010، وأنّ هناك عالماً جديداً يتشكّل ويجب التكيّف معه. وموجز القول إنّ تنابز الأردنيّين بالألقاب الإلكترونيّة، يكنّي عن صراع سياسيّ بين مَنْ يريد الإقلاع بالأردن إلى الحداثة، ولكنْ مِنْ غير أنْ يمتلك المؤهّلات الكافية والشروط المواتية، متّخذاً مِنْ شعار "اصرف ما في الجيب يأتِ ما في الغيب" قانوناً ونبراساً؛ وبين تيّار يريد تأبيد الواقع وإبقاء الوضع على ما هو عليه، بانتظار معجزة تجعل السماء تُمطر ذهباً وفضّة، على نحو ما أمطرت منّاً وسلوى على بني إسرائيل.