أوضح الدكتور عيسى الغيث قاضي المحكمة الجزائية بالرياض أن أكثر المشاكل الزوجية سببها تدخل أهل الزوجين.وقال في حديث خاص ل (عناوين ) أن أهل الزوجين يتدخلون بشكل غير إيجابي ويتسببون بمزيد من الفرقة بينهما، وخصوصاً والدة الزوجة ووالد الزوج، مشيرا الى ان المرأة لا يمكن أن نحملها وحدها الذنب عند الطلاق أثناء مرحلة القران وقبل الدخول إلا إذا كانت مشاركة في السبب. ودعا الدكتور الغيث الفتيات والشباب بترك المبالغات والأوهام والخيالات النرجسية المتأصلة في نفوسهن حول شريك الحياة الزوجية ، قائلا:" أن فارس الأحلام والآمال المعقودة عليه غير منطقية وليست عادلة في الغالب، فالشاب كذلك يطمح في زوجته أن تكون كذلك، ولا بد من مسافة متقاربة بينهما ليمكن الوصال والتفاهم وأن يؤدم بينهما على خير". واعتبر أن الكثير من المشاكل الزوجية تعود إلى الأنانية بين الزوجين، فالزوجة تقبل على الزواج وهي تفكر في حقوقها وربما حقوق مبالغ فيها ولا تأخذ في حسابها حقوق الزوج والحياة الأسرية ومن ثم تنصدم هذه التصورات النرجسية والخيالات العاطفية والحياة الوهمية على صخرة الواقع فتحصل المشاكل ، وكذلك الزوج نجد بأنه يقبل على الزواج وهو لا يفكر إلا بحقوقه وآماله وقد تكون مبالغ فيها أيضاً، في حين أنه لم يأخذ حساب حقوق زوجته، فتحصل المشاكل لهذا السبب في الغالب. وحول أسباب هذه الأفكار والتصورات قال :" يعود الأمر إلى التربية في البيت ومؤثرات الحياة الجديدة وخصوصاً وسائل الإعلام والتقنية التي تعطي انطباعات غير واقعية عن الحياة الزوجية بشكلها الطبيعي، وقد مر بي الكثير من القضايا في المحاكم وتعود الأسباب في الغالب لهذا الأمر". وقال الدكتور الغيث : "مسألة عدم ارتياح الزوجين لبعضهما البعض في فترة الملكة هي من اختصاص علماء الاجتماع والأسرة والنفس والتربية ونحوهم، ولكن من الناحية الفقهية فأرى أنهما زوجين لكونهما قد أتما عقد القران. ولكن لا يعني أن يكون هناك ارتياح خلال هذه الفترة بأنه سيكون دائماً فيما بعد، لأن الطرفين في هذه المرحلة لا يظهران كامل الحقيقة ويتكلفان المعاملة ويبالغان في المجاملة ونحو ذلك، ولكن بعد دخول الزواج تصبح العلاقة شفافة وتنتهي مرحلة المجاملة". وأضاف: أن تطويل فترة الملكة حتى يتفهم الزوجين بعضهما قبل الدخول هي مسألة حرجة، لأنها قبل القران تعتبر غير محرم له، وبعد القران تعتبر زوجة له، وبالتالي لا فرق بين هذه المرحلة وما بعدها من الاشهار إلا في مسألة العذرية في الغالب، وبالتالي تعتبر المرأة مطلقة في الحالتين، لكنها اجتماعياً تعد أحسن من المطلقة بعد الدخول . وأشار إلى أنه من غير الموضوعي ولا العدل أن نحمل أحد الطرفين مسئولية الطلاق ، ففي بعض الحالات يكون الرجل هو المسئول وفي حالات أخرى تكون المرأة هي المسئولة، وأعتقد بأن المرأة في الغالب تستسهل الطلاق أكثر من الرجل، في حين نجد بعض الحالات يكثر الرجل من التهديد بالطلاق ويستسهله حتى أحياناً عند العزيمة على كوب من الشاي وكأن المرأة من سقط المتاع، ولكن مثل هذه العادات لها ارتباطات فكرية اجتماعية متوارثة للأسف، وأعتقد بأنها قلت في عصرنا الحاضر للتطور العلمي والفكري في المجتمع. وتابع الغيث :"أن المسئولية مشتركة، فإذا أحسن الرجل في البحث والتحري قبل الخطبة، وأحسنت المرأة بالسؤال عنه قبل الموافقة، والاستشارة والاستخارة، ثم حصلت الرؤية الشرعية وما يجوز خلال هذه الفترة، فسنكون قد حققنا الكثير من الضمانات، ولا نحتاج بعد عقد الزواج إلا إكمال تلك المرحلة والمسيرة في التحقق والتجانس بينهما، ثم تأتي مرحلة الدخول مكملة للمراحل السابقة ومؤكدة على حسن سيرها، ولدينا حالياً أكثر من ثلاثة أرباع الزواجات تنجح بفضل الله، وأما الربع فيحتاج لدراسات وبحوث علمية ميدانية تكشف الظاهرة وتبين الأسباب وتصف العلاج، فكل حالة طلاق تكون مغايرة في أسبابها عن الحالة الأخرى، ولكنني أحمل الجميع المسئولية.
واختتم الغيث حديثه ل( عناوين) بتوجيه النصح للفتيات قبل الزواج بالتوكل على الله والاستشارة والاستخارة ، والاخذ بالأسباب بحضور ولو دورة واحدة في الحياة الزوجية، وداعيا إلى إنشاء جمعيات خيرية اجتماعية وأسرية تخصص بالعناية والرعاية للحياة الزوجية بحيث تبدأ من الإعداد لما قبل الزواج ومروراً بالخِطبة فالعقد فالدخول وليس انتهاءً بمرحلة ما بعد ذلك من المحافظة على الحياة الزوجية ودعمها علمياً وثقافياً عبر البرامج التلفزيونية والإذاعية ومواقع الانترنت والكتيبات التوجيهية والدورات المتخصصة.