أحيا المغني البريطاني الشهير السير إلتون جون حفلا في العاصمة المغربية الرباط في إطار مهرجان (موازين.. ايقاعات العالم) , وسط انتقادات حادة من التيار الإسلامي الذي أخذ على المنظمين استدعاء فنان يعلن مثليته ويسيء إلى الرموز الدينية. وأدى إلتون جون , وسط اجراءات أمنية مشددة ، نخبة من أنجح أعماله، على منصة أقيمت في الهواء الطلق وسط العاصمة، أمام عشرات آلاف المعجبين بالنجم البريطاني الذي أعرب عن اعتزازه بالغناء في المغرب لأول مرة. وأشارت شبكة CNNالأخبارية الى أنه منذ الإعلان عن أسماء النجوم المدرجة ضمن فعاليات أسبوع المهرجان، احتدم النقاش العام عبر وسائل الإعلام بين الإسلاميين والعلمانيين الذين حذروا من ممارسة الوصاية على أذواق المواطنين واختياراتهم الخاصة. وامتد الجدل الى المؤسسة البرلمانية بعد أن طرح حزب العدالة والتنمية (اسلامي معتدل) سؤالا في الموضوع على الحكومة. وعلى غرار الجدل الذي ثار في مصر وترتب عنه إلغاء زيارة النجم البريطاني، برر الإسلاميون المغاربة رفضهم استقبال إلتون جون بإساءته للرموز الدينية من خلال تصريحه بأن المسيح كان مثلياً، فيما اعتبر العلمانيون أن الأمر يندرج في اطار مشروع أشمل لتكريس قيم الانغلاق والظلامية. وقالت خديجة الرويسي رئيسة (بيت الحكمة) ، الجمعية التي تدافع عن مبادئ العلمانية بالمغرب ، إن موقف الإسلاميين تجاه حفل إلتون جون يندرج في اطار مواقف ممنهجة تصب في مشروع أشمل يقوم على الوصاية على حياة الأفراد واستيراد نماذج مجتمعية تغيب فيها حقوق الأفراد والجماعات، ونقل قيم التخلف بدل المساهمة في بلورة إجابات فعالة على التحديات التي يواجهها المجتمع المغربي متسائلة عن معنى التوقف عند الاختيارات الجنسية لفنان عالمي. وأوضحت الرويسي لCNN أن طريق المعاصرة بالمغرب مازال طويلا رغم المشاريع التحديثية التي انخرطت فيها المملكة، مشيرة إلى أن الإسلاميين يستثمرون العجز الحاصل في تأطير الشباب، ومواجهتهم على الأمدين المتوسط والطويل تتطلب النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتحصين الثقافي لمختلف فئات المجتمع. وشددت الناشطة المغربية، التي طالما دخلت في سجالات مع رموز التيار الإسلامي بشأن قضايا متعددة آخرها الجدل حول تحريم بيع الخمور في المحلات التجارية الكبرى، على أن المغرب اختار منذ القدم إسلاما بحس ووعي محلي متميز يأخذ بعين الاعتبار قيم التعددية والوسطية. أما على الجانب الآخر، فأكد الكاتب الإسلامي بلال التليدي، القيادي بحزب العدالة والتنمية، أن موقف الحركة لا ينصرف الى استدعاء فنانين أجانب بشكل عام، بل الى استقبال أسماء معروفة بإساءتها للأديان والرموز الدينية. وقال التليدي :"إن رؤيتنا تستند إلى نوع القيم المحمولة والمنهجية المعتمدة لاختيار فنانين بعينهم" , محذرا من أن فتح الباب أمام فنانين من طينة إلتون جون يسيء إلى سمعة المغرب. وذكر التليدي بأن المغرب عرف مؤخرا منع فنانين ساخرين بدعوى معاداتهم للسامية وحينها لم يتحرك أحد ممن يتشدقون اليوم بالليبرالية والعلمانية، فلماذا الكيل بمكيالين؟ وأضاف :"أن القضية ليست حربا بين الإسلام والعلمانية بل محاولة لاستهداف طرف معين عبر عن وجهة نظره تجاه واقعة معينة، منبها الى أن العلمانية لا تسوغ الاساءة الى الرموز الدينية". ودخلت جماعة العدل والإحسان، الإسلامية المحظورة، على الخط من خلال مقالات نشرت على موقعها الإلكتروني حذرت فيها من "خطورة فتح المجال على مصراعيه بشكل استعراضي غير متحكم فيه أمام عروض فنية موسيقية أو درامية بحمولة غريبة، بدعوى الانفتاح على ثقافة الآخر، لأن ذلك يهدد نقاء الهوية الداخلية وصفاء ثقافتها خاصة عند غياب ثقافة تحصينية ممانعة". وتساءل أحد كتاب الموقع "أي مصلحة للوطن في تنظيم هذه المهرجانات بهذا الحجم، وبهذا المستوى من التبذير والعبث بأموال الشعب وهو في أمس الحاجة إلى لقمة تسد رمقه، ودواء يسكن ألمه، وعمل يسترد به كرامته، وبيت يأويه". ومضى في الاتجاه ذاته قائلا :"لماذا هذا التحدي في استقدام الشواذ ضدا على كل قيم وأخلاق المجتمع، وهل يمكن أن يوصف ذلك كله بأقل من أنه تمييع للمجتمع، ومساهمة بشكل مفضوح في تدمير حصونه". يذكر أن مهرجان (موازين.. ايقاعات العالم) أضحى واحدا من أضخم التظاهرات الفنية العالمية، حيث تستقطب دورته الحالية كبار النجوم الغربيين من قبيل ستينغ وخوليو ايغلسياس وآل جارو وميكا، والعرب من أمثال إليسا وماجدة الرومي ورامي عياش ومريام فارس وسعد الصغير.