كسر بائع الأطياب السوداني ميرغني محمد, قواعد وأعراف مهنته كمسوق حين عبر عن دهشته تجاه إسراف السعوديين في شراء بخور العود ومشتقاته بمبالغ طائلة, ليقول: حرام!! ميرغني محمد الذي يعمل في هذه المهنة منذ عام 1996 يقول: "إنه يستغرب ثقافة المجتمع السعودي في صرف نحو 30 ألف ريال على الكيلوجرام الواحد لتلك الأخشاب الصغيرة في سبيل التعطر من دخانها"، ثم يضع ميرغني أبناء بلده في مقارنة بشعوب الخليج فيقول: إن السودانيين يحبذون التعطر بدخان الصندل الذي يصل سعر الكيلوجرام الواحد منه إلى 100 ريال فقط. ويفضل ميرغني بخور الصندل على بخور العود، بل يؤكد أنه لو رأى كميات من العود ملقاة على الأرض فلن يهدر وقته في انتشالها، رغم علمه أنها تقدر في السوق بعشرات الألوف. وتُخبّئ تجارة عطورات العود في الخليج خلف كواليسها أسرارا مثيرة, إذ إن زبون العود يتعامل بثقافة المستهلك التي تقف عند حدود معينة في معرفة تفاصيل السلعة، فيما يصر باعة من جنسيات عربية على أنهم خبراء في معرفة خفايا هذه السلع، رغم أنهم لم يعرفوا عنها شيئا إلا بعد عملهم في محال المملكة.. هؤلاء يستغلون أن الزبون محدود الثقافة فيقنعونه بأنهم الأعرف بأنواع العود الفاخرة، تمهيدا لتحقيق أعلى ربح من ورائه.
ويقول بائع العود حسين المسعدي: "إن كثيرا من الزبائن يحرص على التظاهر أمام البائع بمعرفته التامة بأنواع العود في سبيل تفادي الوقوع في فخ الغش، إلا أن البائع سرعان ما يكتشف الزبون المدعي". ولا يرتبط غلاء أسعار العود بما يحدث في السوق فقط، فالجمارك السعودية تفرض 100% ضريبة على استيراد العود من الخارج, ما يجعل المستورد يدفع مبلغا مماثلا للبضاعة التي اشتراها كضريبة استيراد, فضلا عن أن الجمارك لا تعتد بفواتير الشراء للعود المستورد وتعتمد على تسعيرة خبرائها الذين يقول عنهم مسؤولو شركات العود في السعودية: إنهم متمرسون في هذا المجال ودائما ما تكون تقديراتهم صائبة. وبحسب تقديرات غير رسمية صدرت منتصف عام 2007, فإن حجم سوق العود في السعودية خلال شهر رمضان فقط الذي يعد موسما رئيسيا لهذه التجارة، يبلغ نحو 700 مليون ريال، فيما يبيّن اقتصاديون أن السعودية تستحوذ على نحو 60% من إجمالي سوق العطورات الشرقية, وأن نمو السوق يراوح بين 15 و20%.
وأعلن مختصون في تجارة العود في الرياض أن سلعتهم بدأت في منافسة الذهب, إذ إن أحد أنواع العود بيع مؤخرا بسعر 80 ألف ريال للكيلوجرام الواحد, وقد ساعد على هذا الارتفاع أن اليابان دخلت كمنافس بين البلدان المستوردة للعود نتيجة استخدام البوذيين له في مناسبات دينية في معابدهم .