تشهد المحكمة العامة في محافظة جدة، النطق بالحكم في إحدى أهم وأكبر القضايا التي شغلت الرأي العام مؤخرا، والتي تقدّم بها أحد مصابي مرض السرطان ضدّ شركة لتوزيع التبغ في المملكة. وكانت جمعية (كفى) للتوعية بأضرار التدخين والمخدرات في منطقة مكةالمكرمة، الداعم للمواطن أبو عبد الله العسيري، الذي استأصل حنجرته بالكامل، بعد أن كشف الأطباء في المستشفى التخصصي بالرياض إصابته بالسرطان بسبب التدخين. ودخل العسيري بعدها في حالة صحية حرجة أفقدته النطق بعد أن تم استئصال كامل القنوات الصوتية. وتعود التفاصيل بعد أن توجه عبد الله العسيري بعد إزالة الورم إلى جمعية (كفى) للتوعية بأضرار التدخين والمخدرات في منطقة مكةالمكرمة، طالبا الانضمام إلى فريق عمل التوعية بهدف المساهمة في أعمال تطوعية للتحذير من خطورة التدخين ومشتقات التبغ، فما كان من الجمعية إلا أن رحّبت بطلب العسيري، معتبرة ذلك داعما قويا للتعريف بأضرار التدخين التي تلحق بصحة الإنسان، لتقدم بعدها الدعم المادي والمعنوي للعسيري، الذي ما لبث أن أعلن نيته رفع دعوى تعويض عمّا لحقه من أضرار صحية ونفسية ضد شركات التبغ في المملكة.. وبعد جدل حول القضية قبلت المحكمة العامة في جدة الدعوى ضد وكلاء شركات التبغ لعلاقتها المباشرة بتوزيع مشتقات الدخان في المملكة، لتعقد بعدها عددا من الجلسات التي جمعت وكلاء التبغ مع وكيل العسيري المحامي إياد زهير السباعي، الذي يطالب بتعويض قدره عشرة ملايين دولار، فيما تقرّر النطق بالحكم في شهر جمادى الأولى. وأكد محامي القضية إياد السباعي أن "مقاضاة شركات التبغ وبائعي الدخان أمر لا مفرّ منه، لأنه ثبت ضرره، والقاعدة الشرعية تقول "لا ضرر ولا ضرار"، وهم يتسبّبون في الضرر تسببا مباشرا، وليس على مستوى الفرد فحسب، بل على مستوى المجتمع بأسره، فكانوا من حيث يشعرون أو لا يشعرون موقعين على الضرر كموقعتهم لسببه، الأمر المعتبر في النظر الشرعي". وأضاف أن هناك "سوابق قضائية لدعاوى رفعها أفراد في جميع أنحاء العالم ضد شركات التبغ وحصلوا على تعويضات يقدر للشخص الواحد بعشرة ملايين دولار، فمن باب أولى نحن في ذلك العالم الذي له حقوق وعليه حقوق وأننا مجتمع نعرف ما لنا وما علينا فلماذا السكوت على أضرار شركات التبغ المعروفة عالميا، ولم نجد منهم أي استجابة وكأن الأمر لا يعنيهم"، مؤكدا أن "الحكم في القضية بات قريبا". من جانبه، كشف المحامي علي فريح العقلا أن المواطن العسيري رفع أول دعوى ضد وكلاء التبغ في مدينة الخبر في المنطقة الشرقية، التي رفضت النظر فيها، فيما يعتزم رفع دعوى أخرى بعد أن حصل على تقرير طبي صادر من المستشفى التخصصي، أكبر المستشفيات الطبية في المملكة والشرق الأوسط؛ يؤكد إصابته بمرض السرطان جراء التدخين. وأشار إلى أن "بائع الضرر سبب في إيقاع المصاب وعليه وزره وتبعاته لا سيما وقد ثبت أن التدخين باعتراف شركات التبغ سبب رئيس لمرض السرطان، كما هو منصوص عليه في كل عبوة تصريحا بالعلاقة الوحيدة بين السبب ومسببه، ولا يمكن النظر إلى السبب ذاته وهو بيعه وترويجه بما هو عليه الأمر في واقع الحال، وحيث إن المدعي مضرور فقد كفل له النظام العام أن يتقدم بدعواه للمطالبة بجبر الضرر وإزالته، ومن هنا تقع دعوى المدعي مسموعة".