الكَذِبُ هو عكس الصدق، وإخبار بما ليس في الواقع.ولا يكذب المرء إلا لمهانته وسوء أدبه؛ لأن الكذب رذيلة وقبح تأباه الديانات والقيم البشرية بتنوعها كونه أسوأ الصفات. وفي بعض من حديث نبوي شريف تحذير من الكذب "وإيَّاكم والكذِبَ. فإنَّ الكذِبَ يهدي إلى الفجورِ. وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النَّارِ. وما يزالُ الرَّجلُ يكذِبُ ويتحرَّى الكذِبَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ كذَّابًا". الكذب الإعلامي صناعة لها محترفون، يصوغون كذبهم بتخطيط مسبق، تدفعها مشاعر سوداء بغية التأمر، وأحيانا الثأر أو تشويه السمة والانتقام. هؤلاء الكاذبون يتفننون في خلط الأوراق وطمر الحقائق، ويستمتعون بإلحاق الإساءة بمن يريدون، يتجاوزن فيها المسافات بل يجعلون من أكاذيبهم حبال أرجوحة يتسلون عليها. إعلاميا صناعه الكذب هي تأطير أذهان المتلقين لتنحصر في خيارات تترسب لا إراديا في العقل الباطن لكثرة تكرارها، حتى تمنع قليلي الدراية من الناس من أن يبحثوا خارج الإطار الذي وضعه الكاذبون. ذلك الإعلام هو هندسة تأطير تُعمل بذكاء ومنهجية. وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، ممكن أن تكون في بعضها حاضنة لصناعة الكذب؛ لأنها تنجح في عملية توليد القناعات لكثير من الناس دونما يشعرون. تاريخيا يُذكر أن صاحب نظرية التأطير وصناعة دعاية الكذب، هو "غوبلز" وزير الدعاية الألماني إبان حكم هتلر، الذي مارس مفهوم التأطير الإعلامي أثناء الحرب النازية متمثلا قوله: "اكذب واكذب واكذب حتى يصدقك الناس" الإعلام الكاذب هو الذي يصنع جَوانب مِن القصَّة أو الحَدَث، والتَّركيز عَليها وإغفَال وتَجاهُل بل طَمس أجزَاء أُخرَى، وذلك حَسب هَدَف وميول الوسيلة الإعلاميّة. روائح الكذب حينما نشتمها وتفوح نظن أن الكاذبين سيخجلون إلا أن أنوفهم تعودت تلك الرائحة. التكنولوجيا عند الكاذبين لها دور إيهام حيث يستخدمون الصورة، وهي أحيانا أصدق من الكلمة حتى لو كان فيها عملية قص ولصق أو "فوتو شوب" لتعضد الخبر المُراد. الكذب له أثر شيطاني؛ لأنه يبدو أكثر نضارة من الحقيقة، والحقائق أحيانا تنضب بسرعة. أما الأكاذيب فهي مخزونٌّ لا متناهٍ. أهل الكذب يرتدون الشعارات مع أفخر الثياب، ويزرعون ردهات أهل النفوذ ومن يملكون الأموال ليخدموا أغراضهم، وهؤلاء الكاذبون يتكاثرون كالفُطْر. لكن تبقى الحقيقة هي التي تطفو على السطح مهما طال حبسها في الأعماق، بينما الخديعة تسقط في الأعماق مهما طال بقاؤها على السطح. صانعو الكذب تركيبتهم النفسية تدفعك للقول عنهم : لا تلتمس تقويم ما لا يستقيم، كحال الحجر الصلب الذي لا ينقطع أو العود الذي لا ينحني. بينما أهل الصدق لا يبالون بل يقولون وما من كربة إلا ستُجليٰ كما يُجلي عن الأفُقِ الغبارُ ويعقُبُ عسرَهَا يُسرٌ لطيفٌ ويُشرق من هزيمتها انتصارُ وأهل الحقيقة شعارهم لا تكن أرضاً يداس عليها، بل كُن سماءً يتمنى الجميع الوصول إليها. ويبقى المخادع والكاذب ذئب يبكي تحت أقدام الراعي. تجاه كل الكيد والتسلط الإعلامي على مملكتنا الأبِيَّة، نصدح بالدعاء احفظ اللهم الوطن وأهله وولاته وأعلي كلمة الصادقين الخيرين في كل مكان.