محركات النمو في السعودية تأتي من ثلاثة محاور رئيسة، من النفط الخام ومن صناعة البتروكيماويات إضافة إلى التعدين؛ شركة سابك واحدة من قصص نجاح التصنيع في السعودية منذ عام 1976 في مجال البتروكيماويات. الطلب العالمي على البتروكيماويات متزايد، ويشير تقرير الوكالة الدولية للطاقة IEA إلى أن الطلب على البتروكيماويات سيصل إلى ثلث الطلب العالمي من النفط في عام 2030 وفي عام 2050 سيصل إلى النصف؛ يرجع ذلك إلى اعتماد معظم الصناعات على البتروكيماويات بما في ذلك الطاقة البديلة والمتجددة كألواح الطاقة الشمسية والمكونات الداخلية للسيارات الكهربائية والتقليدية والأجهزة الكهربائية وجميع الصناعات التحويلية، وهذا ما يفسر علاقة متوسط التضخم العالمي بمعدلات أسعار النفط؛ لأن انخفاض أو ارتفاع أسعار المنتجات البتروكيماوية يؤثر في التضخم والأسعار. عند تحليل الطلب العالمي المستقبلي على البتروكيماويات ستكون آسيا وإفريقيا ثم أمريكا الجنوبية أكبر المستوردين عالميا؛ وهذا يأتي ضمن أهم مدخلات استراتيجية “أرامكو” في تحليل الاتجاهات العالمية في سوق النفط والطاقة ولا سيما أن البتروكيماويات ستضيف سبعة ملايين برميل يوميا للطلب العالمي بحلول عام 2050. أما على المستوى الداخلي أسست “أرامكو السعودية” وبالشراكة مع سوميتومو كيميكال Sumitomo Chemical اليابانية مشروع بترو رابغ وتبلغ قيمته نحو 38 مليار ريال، كما أسست “أرامكو” شركة صدارة كمجمع بتروكيماويات متكامل بالشراكة مع “داو للكيمياويات” الأمريكية وتبلغ قيمته نحو 75 مليار ريال، وستشهد السوق المحلية دخول محطات وقود “أرامكو” لتقديم خدمات بيع الوقود بالتجزئة على الطرق وفق أفضل تقنيات الدفع والبيع. لا تزال السعودية الأقل سعرا في تكاليف الإنتاج الإجمالي للنفط 8.9 دولار وفي أمريكا 20.9 دولار ما يجعلنا نواصل فرض سيطرتنا التنافسية عالميا؛ إضافة إلى أنه في حال انخفاض سعر النفط سيتم تعديله من خلال أسعار البتروكيماويات والمدعوم أصلا بزيادة الطلب العالمي المستقبلي. استراتيجية “أرامكو” تستهدف مواصلة الدخول في التصنيع والقيام بعمليات تجارية والدخول في سلسلة النفط من الاستخراج وحتى المنتج النهائي كشراء حصص في شركات آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية التي تعد ضمن هيكلها التجاري الاستثماري الخارجي والداخلي؛ لذا يرجع استحواذ “أرامكو” على 70 في المائة من شركة سابك إلى تلك الاستراتيجية عبر منهجية الدخول في السلسلة الكاملة للمنتج النفطي وتشمل التنقيب والإنتاج والتكرير والخدمات المساندة كالتسويق للمنتجات النفطية. استراتيجية “أرامكو” مثالية من حيث التكوين والهيكل ولا سيما أن الذراع البحثية التي تمتلكها “أرامكو” ستجد قيمة كبيرة في مسائل الاستدامة والابتكار والاستثمار في النمو. بالاستقراء العام لمنهجية عمل “أرامكو” يتضح أن كل ما نراه من استحواذ استراتيجي محلي أو دولي لم يكن وليد اللحظة أو لظروف اقتصادية طارئة؛ وإنما هو عمل مخطط يتجاوز عمره العقدين على الأقل وجاء متوافقا ومتكاملا مع برامج “رؤية 2030” عندما دخل صندوق الاستثمارات العامة على المسار لتحقيق مزيد من الأرباح الاستثمارية استراتيجيا. أحمد الشهري نقلاً عن (الاقتصادية)