ينتاب الصحفيون ومحبو الصحافة بشكل عام الكثير من الحزن على وضع الصحف الورقية مؤخرا ، تراجع كبير في المبيعات متزامن مع شح إعلاني كبير ، لكن تحت أي ظرف ومن وجهة نظر شخصية بأن الصحف الورقية لم ولن تنتهي .. فعلا الصحف لم تنته ، الذي انتهى هو الأسلوب التقليدي البالي الذي تدار به الصحف .. هي لم تعد تواكب وعي القاريء فقط ! و يجب عليها التفكير بنموذج عمل مختلف عما هو سائد حاليا ، تماماً مثل ما حصل مع الراديو عند اختراع التلفزيون ! إذا لم تتغير سياسات الصحف الورقية فإن الوضع المذري التي هي عليه الآن لن يتغير ، يجب عليها أن تخرج من كونها ناقل للخبر إلى محلل له ومستقصي لما ورائه . ومع تحول الصحف الورقية إلى إلكترونية ستفقد المؤسسات أحد أهم مصادر دخلها. وهو الإعلانات ، بالتالي يجب التفكير بنموذج عمل فعال لتحقيق الاستدامة غير ذلك لن تساوي سعر الورق الذي طبعت عليه. صديقي المغرم بأحد الصحف التي توقفت مؤخرا عن الصدور واكتفت بموقعها الإلكتروني يقول إن صحافتنا تحتضر منذ أن تنفس المتلقي في "تويتر" ما كان عنه محجوب .. هذا أمر محتوم فليتقبلوه بصدر رحب لا يمكن أن يُنافسوا سقف الحرية !! الانتشار الهائل لاستخدام الإنترنت في بداية القرن 21، غيّر كثيراً وبشكل متدرج من العادات التي كان عليها كثير من الناس في الحصول على المعلومات وأصبحت الإنترنت هي المصدر الرئيس للمعلومات والأخبار، ومنذ عام 2010 تحديدا أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعي لاعبا أساسيا تزامناً مع انفجار استخدام الهواتف الذكية وتغير أنماط الحصول على المعلومات، بالفعل هو تغير جذري في نموذج عمل استمر لأكثر من 100 عام .. أمر محزن فعلاً ! تراجع ثقة القراء في المحتوى الصحفي جر معه نفور المعلنيين منها فانخفضت عوائد الإعلانات التي تعتبر الرافد الأساسي لقيام أي صحيفة وفي المقابل ارتفعت الزيارات على مصادر الأخبار الرقمية وأصبحت هي المصدر الرئيس للمعلومات. مع كل هذا، ظلت وسائل الإعلام بشكل عام تعاني من ضعف الإيرادات وعدم قدرتها على التكيف مع التغير السريع لسلوك القراء وأنماط استهلاك المحتوى ، ناهيك عن تحكم شركات التكنولوجيا الكبرى بتدفق المعلومات وما يراه القارئ على الإنترنت ، وبالتالي احتكار سوق الاعلانات. فلكل دولار يدفعه المعلن، يذهب تقريبا الثلث للناشر، والباقي يتم تقاسمه بين شركات التكنولوجيا المزودة للإعلانات. وهذا ما جعل المواقع الاخبارية تعمد إلى ملء الصفحات بالإعلانات رغبة منها في زيادة الدخل على حساب تجربة الاستخدام وشكل الموقع. ومن هنا ظهرت تطبيقات منع الإعلانات على المتصفحات والأجهزة الذكية، والتي تعمل كالسحر في تحسين تجربة المستخدم. المشكلة كما صار يكتشفها القراء أن معظم أخبار تويتر تحديدا مكذوبة ومعظم الترند مزيف من جيوش الكترونية. عزيزي القاري .. يجب عليك أن تعي وتترك لك مساحة تتأكد بنفسك وتقارن بين آراء الطرفين وتحكم وليس إعلاما يقصي رأي الطرف الآخر ولا يريك إلا ما يرى ،، فرق كبير بينهما !! لا أعتقد أن حل تحول الصحف الورقية إلى إلكترونية أصبح حلا ذكيا في الوقت الراهن فالصحف الإلكترونيه بدأت تعاني أيضاً قلة دخول المتصفحين ! يفترض من الهيئة السعودية للصحفيين رفع مقترحات لوزارة الاعلام بدراسة إقرار تحويل مواقع الصحف الإلكترونية من مواقع مجانية إلى اشتراكات مدفوعة للجميع، وفتح باب التنافس وتقديم الخدمات الإخبارية والإعلامية من الصحف بشكل أوسع، وهو ما تقوم به أغلب الصحف العالمية المشهورة، وبهذا يتحقق جزء من الدعم، وتتحمل الصحف الإلكترونية الحالية مسؤوليات أكبر تجاه المشتركين والقراء. وهذا يؤدي بشكل محتوم إلى فرض عقوبات صارمة على المتجاوزين، وعلى الحسابات غير المسؤولة التي تروّج للإشاعات، وتبثُّ السموم، وتخرق الصف، وتسيئ للكيانات بعد أن خضعت لأجندات تسعى للبلبلة والتشكيك في رموزنا الوطنية. …. أختم وأقول كمتيم برائحة حبر الورق على صفحات الجرائد صباح كل يوم بأن هناك شريحة كبيرة من المثقفين تقرأ الصحف الورقية في عصر النت ولن يكفو عن ذلك .. يقولون إذا حضر الماء بطل التيمم ! علي البشري