لم يكن الأب جعفر يعرف أن ولده عمر المصاب بمرض التوحد يمتلك ذاكرة قوية ساعدته على حفظ القرآن الكريم في سنتين من خلال حاسة السمع فقط، على غير المتعارف عليه بالقراءة من المصحف.. تأثر عمر بأخيه الأكبر المصاب بنفس المرض الذي حفزه على سماع قناة المجد للقرآن الكريم فكانت الوسيلة الوحيدة التي استطاع عمر جعفر محمد فكي ذو التسع سنوات من خلالها حفظ القرآن الكريم ، فهو يستمع إلى كثير من القراء الذين تزخر بهم القناة أمثال عبد الباسط عبد الصمد ومحمود خليل الحصري وسعد الغامدي ومحمد صديق المنشاوي ومصطفى إسماعيل وغيرهم . .. معاناة عمر في النطق كانت كبيرة فهو يعاني من تأخر ذهني وضعف في النواحي اللغوية والاستقبالية والتعبيرية .. لديه تشتت وعدم تركيز وتكرار الكلام ، بحسب تقرير صادر من مركز مختص للرعاية الخاصة ، وهو المركز الذي يدرس ويتأهل فيه عمر ، ورغم ذلك لم تمنعه إعاقة التوحد من حفظ القرآن بطريقة غير مألوفة .. لاحظ أبوه اهتمامه بسماع القرآن من قناة المجد للقرآن الكريم فشجعه على ذلك وتابعه أولا بأول ، كان النطق عنده ليس جيدا وابتدأ النطق والتلفظ بآيات القرآن الكريم ، منذ سنتين كان يقرأ آيات من سورة البقرة وآل عمران ونحن نستمع له هكذا يتحدث والده عنه . ويواصل الأب حديثه .. نقوم بقراءة آية معينة من القرآن فيعرف عمر في أية سورة تلك الآية بل ويقرأ الآية التالية، كان أول ما ابتدأ بالنطق أن قرأ سورة الرحمن ، وبدأ الاهتمام به أكثر منذ شهر رمضان فقد كنا نستمع له وهو يقرأ القرآن ثم نقوم باختباره كل جزء على حدة صفحة صفحة ، ويتابع قائلا فهو وإن كان يعاني من مرض التوحد إلا أن الله أكرمه بنعمة حفظ القرآن ، ويؤكد جعفر أن الإعاقة أو المرض لا تقف حاجزا أمام التفوق والإبداع بل تعطي دافعا قويا وتحفيزا مستمرا لتجاوز تلك الإعاقة والمرض ويكون إنسانا فاعلا بالمجتمع . .. بعد ذلك أخذ الوالد ابنه وذهب به إلى حلقات مسجد الملك عبد العزيز بالعمارية التابعة للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة والتقى بالأستاذ فيصل الجبل والأستاذ أحمد باجبع اللذين قاما باختباره ، لم يكتف الأب بذلك فقد كان على موعد آخر في المقر الرئيس للجمعية حيث قام قسم الاختبارات في الجمعية باختبار الطفل عمر وحصل على تقدير امتياز في حفظ القرآن الكريم كاملا . الطفل عمر على خلاف أقرانه وزملائه يمارس طفولته بطريقته الخاصة فهو وإن كان يشاركهم في بعض ألعابهم إلا أنه يختلف عنهم ، فبالإضافة إلى ذاكرته القوية في حفظ القرآن يمتلك أيضا ذاكرة تصويرية حيث يقوم برسم أي شعار يشاهده ، وبالكتابة من اليسار إلى اليمين بطريقة غريبة ، وتمنى والده أن يجد الدعم والرعاية والمساعدة في علاجه باعتباره ظاهرة فريدة من نوعها .