تحدى مجلس الاحتياطي الاتحادي الامريكي توقعات المستثمرين بتأجيل بداية تقليص برنامجه الضخم للتحفيز النقدي قائلاً: إنه يريد أن ينتظر ظهور المزيد من الأدلة على نمو اقتصادي قوي. وجاء رد المستثمرين سريعاً بأن دفعوا الأسهم الأمريكية للصعود الى مستويات قياسية وعوائد السندات للهبوط. وكانت عوائد سندات الخزانة الامريكية قد صعدت على مدى الصيف بفعل توقعات بأن البنك المركزي سيخفض مشترياته من السندات البالغ قيمتها 85 مليار دولار شهرياً والتي تمثل حجز الزاوية في مساعيه لتحفيز الاقتصاد. وفضلا عن ذلك رفض بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي التعهد بخفض مشتريات السندات هذا العام بل وذهب الى مدى أبعد بأن أكد ان البرنامج «ليس في مسار محدد سلفاً.» وفي يونيو قال برنانكي: إن مجلس الاحتياطي يتوقع أن يقلص البرنامج قبل نهاية العام. وأبلغ برنانكي مؤتمراً صحفياً عقب انتهاء اجتماع لجنة السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي والذي استمر يومين «لا يوجد أي جدول زمني محدد. أرى أنه يجب علي أن اؤكد ذلك.» واضاف قائلا «إذا أكدت البيانات توقعاتنا الاساسية وإذا اكتسبنا المزيد من الثقة في تلك التوقعات... فإننا قد نتحرك في وقت لاحق هذا العام.» وجاء رد فعل الاسواق سريعا وحادا إذ هبط الدولار الامريكي الى أدنى مستوى في سبعة أشهر أمام العملات الرئيسية وقفز سعر الذهب -وهو أداة تقليدية للتحوط من التضخم- أكثر من 4.0 بالمائة. وقال خبراء اقتصاديون: إن من المحتمل ألا يبدأ مجلس الاحتياطي تقليص مشترياته من السندات حتى ما بعد موعد انتهاء فترة رئاسة برنانكي للمجلس في يناير. وسيترك ذلك مهمة شائكة في سحب برنامج التحفيز لمن سيخلفه والذي من المرجح ان يكون جانيت يلين نائبة رئيس مجلس الاحتياطي التي قال مسؤول بالبيت الابيض يوم الاربعاء: انها تتصدر المرشحين للمنصب. وفي توقعات فصلية جديدة خفض مجلس الاحتياطي توقعاته للنمو الاقتصادي لعام 2013 إلى نطاق من 2.0 إلى 2.3 بالمائة من نطاق من 2.3 إلى 2.6 بالمائة في تقديراته السابقة في يونيو. وجاء خفضه للتوقعات لعام 2014 أكثر حدة. وأشار إلى أن أكبر اقتصاد في العالم يواجه ضغوطا من تشديد سياسة المالية العامة وارتفاع اسعار فائدة القروض العقارية في تفسيره لسبب قراره عدم تقليص مشترياته من الأصول. وقال مجلس الاحتياطي في بيان «إذا استمر تقييد الأوضاع المالية الذي شهدته الأشهر السابقة فقد يؤدي ذلك إلى تباطؤ وتيرة التحسن في الاقتصاد وسوق العمل.» لكنه أضاف أن الاقتصاد مازال يحقق تقدما على الرغم من زيادات ضريبية أكثر ارتفاعا وتخفيضات في الميزانية الاتحادية. وأبقى مجلس الاحتياطي اسعار الفائدة لليلة واحدة قرب الصفر منذ اواخر 2008 وزاد الى اكثر من ثلاثة اضعاف حجم ميزانيته ليصل الى اكثر من 3.6 تريليون دولار من خلال ثلاث جولات من مشتريات السندات بهدف إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة. وواجه قرار عدم تخفيف مشتريات السندات معارضة من عضو واحد بلجنة السوق المفتوحة هي إيسر جورج رئيسة بنك الاحتياطي الاتحادي في كانساس سيتي التي كانت الصوت المنشق في كل اجتماعات السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي هذا العام معبرة في كل مرة عن مخاوفها من ان سياسة الفائدة المنخفضة قد تؤدي الى فقاعات للاصول. وجدد المركزي الامريكي القول بأنه لن يبدأ زيادة اسعار الفائدة على الاقل حتى يهبط معدل البطالة الى 6.5 بالمائة مادام التضخم لا يهدد بتجاوز مستوى 2.5 بالمائة. وفي اغسطس اب بلغ معدل البطالة في الولاياتالمتحدة 7.3 بالمائة. ويتوقع معظم صانعي السياسة النقدية بمجلس الاحتياطي -12 من إجمالي 17 عضوا- ان الزيادة الاولى للفائدة لن تحدث قبل 2015 رغم ان التوقعات تشير الى انهم قد يصلون في العام القادم الى المرحلة التي يدرسون عندها زيادة للفائدة. وعقب القرار غير المتوقع من مجلس الاحتياطي أرجأ معظم المتعاملين في الاسواق توقعاتهم لأول زيادة للفائدة بضعة أشهر إلى أواخر يناير 2015.