اقتحمت عناصر القوات الخاصة الاسرائيلية صباح أمس الأربعاء المسجد الأقصى المبارك، وانتشرت في ساحاته بكثافة، في حين تصدى المصلون في الأقصى لاقتحامات المستوطنين عشية «عيد العرش»، ومنعوهم من دخول المسجد. وقامت عناصر من الوحدات الخاصة باقتحام المسجد الأقصى من باب المغاربة والسلسلة، وانتشرت في باحاته بالكامل، وحاصرت طلبة مصاطب العلم، وشددت من تواجدها على بوابات المسجد القبلي، واعتقلت 3 شبان من داخل ساحات الأقصى عرف من بينهم الشاب تامر شلايطة. واشتبك المصلون مع قوات الاحتلال، حيث أصيب 4 من أفراد القوات الخاصة بعد إلقاء الحجارة عليهم، في حين استخدم جنود الاحتلال غاز الفلفل بكثافة ضد المعتكفين بالمسجد القبلي. وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال قامت بمصادرة كراسي بلاستيكية من داخل المسجد الأقصى، يستخدمها طلبة مصاطب العلم. وقال أحد المرابطين بالأقصى : «إن الأقصى خصص اليوم للمتطرفين، للأسف الساحات شبه خالية من المصلين المسلمين، بسبب القيود التي فرضها الاحتلال منذ مساء أمس - الثلاثاء - ومن استطاع الاعتكاف في ساحاته تتم محاصرتهم والاعتداء عليهم بالمسجد القبلي. هذا هو التقسيم الزمني بالمسجد الأقصى، وعلى الدول الإسلامية التدخل وانقاذ المسجد قبل فوات الأوان». ومنعت شرطة الاحتلال دخول كافة المواطنين الى المسجد الأقصى (الرجال والنسوة والأطفال) من كافة الأعمار. كما منعت طلبة مدارس الأقصى الشرعية من الوصول الى مقاعدهم الدراسية داخل الأقصى وعددهم يزيد على 500 طالب في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية. وعند حوالي الساعة الثامنة صباحا اقتحمت مجموعة من المتطرفين ساحات المسجد الأقصى، من باب المغاربة، فتصدى لهم العشرات من المعتكفين بالتكبير والقوا الحجارة عليهم، فقامت قوات الاحتلال بملاحقتهم وحاصرتهم بالمسجد القبلي وأغلقت بواباته بالسلاسل الحديدية، وباشرت برش غاز الفلفل باتجاههم، ما أدى الى اصابتهم بحالات اختناق. كما صادرت القوات الخاصة الاسرائيلية مفاتيح عيادة المسجد الأقصى، الملاصقة للمسجد القبلي، ومنعت قوات الاحتلال عددا من حراس الأقصى من التواجد في ساحة المسجد القبلي. وعلى بوابات الأقصى الخارجية اعتصم المئات من المواطنين احتجاجا على عدم دخولهم الأقصى، ويرددون التكبيرات، فيما تم الاعتداء على النسوة المتواجدات عند باب حطة بالضرب بالهراوات، وتم اعتقال أحد الطلبة أثناء محاولته الدخول الى مدرسته بالأقصى. ويعتبر منع كافة المسلمين من دخول المسجد الأقصى أمس ترجمة واضحة لما دعت اليه جماعات يهودية ونواب في اليمين الإسرائيلي المتطرف خلال جلسة للجنة الداخلية بالكنيست قبل يومين، بمنع المسلمين من الصلاة في المسجد الأقصى في الأيام المقبلة التي تصادف الاحتفالات «بعيد العرش»، والسماح لليهود فقط بالصعود إلى ما يسمونه جبل الهيكل. كما دعت رئيس لجنة الداخلية في الكنيست عضو الكنيست عن حزب «الليكود» ميري ريجب الى فرض تقسيم زماني للمسجد الاقصى بين المسلمين واليهود على غرار الأسلوب في الحرم الابراهيمي في مدينة الخليل. وبعد محاصرة المصلين أكثر من ساعة في المسجد الأقصى، انسحبت قوات الاحتلال من ساحات الأقصى بصورة مفاجئة، وقامت بفك السلاسل الحديدية عن أبواب المسجد القبلي، وسط تكبيرات المعتكفين. وأفاد الشيخ عزام الخطيب مدير دائرة الأوقاف الاسلامية بأن انسحاب قوات الاحتلال من ساحات الأقصى جاء بعد تدخله مباشرة وطلبه بذلك من مسؤول شرطة الاحتلال، مشيرا الى تدخلات اردنية منذ أمس لعدم اقتحام المسجد. وقال الخطيب : إن الوضع متأزم بسبب إغلاق المسجد، مشيراً إلى أن مجموعات صغيرة ومتتالية من المستوطنين يقتحمون المسجد ويؤدون الصلوات داخله، والوضع مرشحا للتصعيد خلال الساعات القليلة المقبلة. يذكر إن عشرات رجال الشرطة والقوات الخاصة على اختلافها قامت بإغلاق المسجد بالسلاسل وعملت على إبعاد المرابطين أكثر من خمسين مترا، ثم شكلت حاجزا بشريا شرطيا لمنع المرابطين من الاقتراب، الى مسافة معينة. وقد دخل بعض المستوطنين برفقة الشرطة المدججة بالسلاح لعدة دقائق، التي عمل بعض أفرادها على استفزاز المرابطين، الذين جلجل صوتهم بالتكبير والهتافات الهادفة من الرجال والنساء، ما اضطر المستوطنين للخروج وهم يجرون أذيال الهزيمة. يشار كذلك الى أن الشرطة منعت الطاقم الطبي من تقديم المساعدات الطبية للمصابين، من خلال إغلاق العيادة الداخلية في المسجد الأقصى ومصادرة مفاتيحها في حين منعت الحواجز الشرطية مئات المسلمين من دخول المسجد وهم يقفون عند الحواجز بشغف للدخول لأداء الصلاة في مسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلم). وأفادت قوات الاحتلال بأنها تمنع الدخول الى المسجد الأقصى حتى الساعة الحادية عشرة دون تحديد الجيل من الرجال والنساء. وتسببت الإجراءات الإسرائيلية ومنع المصلين في أزمات على أبواب الأقصى المبارك وعند الأبواب المُفضية للمسجد، خاصة باب الأسباط وحُطة والمجلس والسلسلة، وهتفوا استنكارا لمنعهم من الدخول، في حين تواجد العشرات من المرابطين والمعتكفين من الذين تمكنوا من المبيت في المسجد الليلة قبل الماضية. وأدان وزير شؤون القدس المحافظ المهندس عدنان الحسيني خطوات الاحتلال وسعيها لتغيير الوضع القائم بتقسيم الأقصى زمانياً، مؤكداً إن القيادة تتحرك دبلوماسياً من أجل فضح جرائم الاحتلال أمام العالم، مناشداً العالمين العربي والإسلامي مؤازرة أهل القدس الذي يدافعون عن أولى القبلتين وحدهم. رئيس الحركة العربية للتغيير أحمد الطيبي - الذي تواجد في محيط المسجد - أشار إلى أن تكرار اقتحامات المستوطنين هي رسالة تحاول الحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة الوصول إليها›تمريرها، والتحركات الرافضة لما يتعرض له الأقصى جارية على قدم وساق في المنابر السياسية، وفي الكنيست الإسرائيلي كررنا رفضنا لمثل تلك الاقتحامات. وأضاف «المسجد الأقصى مكان للصلاة للمسلمين، ونرفض محاولات تقسيمه واستباحته، ومن حق هؤلاء دخول مسجدهم والصلاة فيه»، مشدداً على أنه لا توجد حرية عبادة للمسلمين. فالفلسطينيون من غزة والضفة والقدس والداخل يُمنعون من ممارسة شعائرهم داخل الأقصى. وأدان عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق اقتحام الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى المبارك، والاعتداء الهمجي على المرابطين وطلاب مصاطب العلم وقمعهم بالقوّة لطردهم وإفساح المجال أمام قطعان المغتصبين والمتطرّفين لاقتحامه وممارسة طقوسهم. من جهة أخرى، قال الرَّشق : «إنَّ اتهام حركة فتح حركة حماس بطرد الأخ عزام الأحمد القيادي في حركة فتح من ساحة المسجد الأقصى والتعرض له لا أساس له من الصحة، وهو خلط للأوراق ومحاولة لتضليل الرأي العام بحادث لا علاقة للحركة به على الاطلاق». وأضاف الرشق «الأسماء التي اتهمتها فتح ليست من حركة حماس، وهي أسماء لصحفيين وإعلاميين معروفين بمهنيتهم. وقد نقلوا ما جرى، وجميعهم أكدوا في تصريحات مختلفة عدم تواجدهم في المسجد الأقصى وقت التعرض للأخ عزام الأحمد».