شهد الأسبوع الماضي حدثين ساهما في تحديد اتجاه أسعار السلع، حيث تصاعدت التوترات في سوريا على خلفية المخاوف من احتمال قيام الحكومات الغربية بشن هجمات جوية على نظام الرئيس بشار الأسد وما صاحبها من تصاعد في عمليات بيع العملات في الأسواق الناشئة. وقد وصل خام برنت إلى أعلى مستوى له منذ فبراير في ظل تزايد المخاوف من انقطاع تزويد النفط من المنطقة في حين وصل الذهب إلى 1,434 دولار أمريكي للأونصة في ظل الشراء في المناطق الآمنة والتغطية قصيرة الأجل. وشهدت الأسواق عمليات جني أرباح من سلعتي الذهب والنفط مع قرب نهاية الأسبوع وخاصة بعد رفض البرلمان البريطاني أي إجراء عاجل ضد سوريا وهو ما أثار الشكوك بشأن استعداد الولاياتالمتحدة لشن هذه الهجمة لوحدها وبدون حليفها الأبرز. وفي ظل استمرار تصاعد التوترات فإن هذا الموضوع سيستمر في التأثير على الأسواق خلال الأسابيع المقبلة ولكن مع بدء شهر سبتمبر فإن التركيز سيتحول إلى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي يتوقع أن يعلن في 18 سبتمبر عن تغيير او تخفيف برنامج شراء الأصول الخاص به. وبالنظر إلى الحساسية التي تشهدها الأسواق المالية حالياً بشأن هذه المسألة، فإن الاحتياطي الفيدرالي سيكون في عرضة للضغط حيث إن التخفيف لا يعني التقليل لأنه لا يزال يسعى إلى جعل الارتفاع الذي شهدته معدلات الفائدة ينحرف عن مساره، وذلك لأن هذا الارتفاع شكل عاملاً رئيسياً في التسبب في الفوضى بالنسبة لعملات الأسواق الناشئة. وساهمت كافة القطاعات، وخاصة المعادن النفيسة والطاقة، بالجزء الأكبر من هذا الأداء وقد حرك أداء كل قطاع الفضة وفول الصويا وخام برنت. ولا تزال أسواق النفط للسنة الثالثة على التوالي تشهد مخاوف بشأن تعطل التزويد والسبب في ذلك المشاكل الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ونتيجة لذلك شهد خام برنت انتعاشاً ليتجاوز حاجز 117 دولار أمريكي للبرميل. وإذا ما تعرضت مخزونات أوبك لمزيد من الانقطاع فقد تشهد الأسواق ارتفاعات حادة في الأسعار على المدى القصير على الرغم من حدوثها في وقت من السنة يشهد فيه الطلب على نفط المصافي تراجعاً. وعلى هذا الأساس يحتمل أن يبقى خام برنت حتى نهاية 2013 ضمن نطاق 110-119 دولار أمريكي للبرميل. وساهم الطلب على المناطق الآمنة في ارتفاع أسعار الذهب لتصل إلى 1,400 دولار أمريكي للأونصة خلال الأسبوع الماضي، ولكن في ظل احتمال إعلان الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن التناقص التدريجي فقط قبل أسبوعين فإن احتمالية حدوث مزيد من الارتفاع في هذه المرحلة مسألة محدودة. ونسعى في الربع الثالث إلى الوصول إلى 1,450 دولار أمريكي للأونصة وهو ما تم تحقيقه تقريباً، ولتحقيق مزيد من التقدم اعتباراً من هذا المستوى لا بد من تراجع الأوضاع الجيوسياسية و/أو توقعات النمو الأمريكية. ومع ذلك، فإننا لا نزال نعتقد بأن أسوأ فترة بيع في الذهب خلال الفترة الماضية قد تم تخطيها بعد ورود إشارات عن ارتفاع الطلب على الاستثمارات خلال شهر أغسطس، وهو ما لم نشهده على مدار السنة. ولا يزال الدعم عند 1,350 دولار أمريكي للأونصة مع انكسار يميل للهبوط وهو ما يشير إلى اندماج أعمق عودة إلى 1,277 دولار للأونصة في حين يمكننا أن نلاحظ مقاومة باتجاه الصعود عند 1,434 دولار أمريكي للأونصة قبل المستوى الحرج عند 1,488 دولار أمريكي للأونصة، والذي يمكن أن يمثل، في حال كسر هذا الحاجز، عودة خلال أكتوبر بنسبة 50 بالمائة إلى ما قبل عمليات البيع خلال شهر يونيو.