لماذا تلح عليَّ صورة السجاد الأحمر كلما حان موعد لمؤتمر أو ملتقى للأدب؟ ولعل وجه الارتباط قائم في المفارقة بين الحالة التي يمر بها الأديب المعاصر، مع حالة الارتقاء والاثارة التي يعيشها الممثلون والسينمائيون عندما يحضرون ملتقيات السينما والفن، وهم يعيشون الفرح والجمال تحت ضوء الفلاشات وكاميرات القنوات العالمية. مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع يحل في وقته الضائع، وذلك لأننا اليوم نعيش زمن الثقافة وليس زمن الأدب، لا أقصد من هذا اسقاط خطاب أدبي معتبر فهذا غير ممكن، لكن التغيرات الثقافية محلياً وعالمياً تظهر بوضوح مدى الحال الذي يعيشه الأدب والأدباء في المملكة، خاصة إذا عرفت أنهم مازالوا يحلمون برابطة أدباء وبصندوق أدباء وبحقوق الأديب، دون أن تتطور الرؤية الأدبية لمستوى ما تطرحه الآداب العالمية المعاصرة، وتحدث تغييرا في بنية الفكر والمجتمع، بينما الأديب لدينا كأنه يستجدي وكأنه يطلب، كيف لا وهو يستدعي بوعي أو بغيره صورة الأديب العربي القديم أقول : لاضير من الأحلام والمطالبات، ولكن ألا ترى أيها الأديب أن هذه الأحلام لها أكثر من أربعة عقود تحت الدراسة، وتتنقل من طاولة موظف، لطاولة وكيل؟ ألا يرى الأديب الحالم أن هذه البيروقراطية تستخف بشخصية الأديب، ألا يرى أنه يجدر به أن يتساءل: لماذا هذا الوضع للأديب؟ ما الظروف التي أوصلته لهذه الحالة؟ وإذا كان الأديب يعيش وله احتياجات مادية وصحية وسكنية بوصفه مواطناً، فهل ستحل تلك البحوث وأوراق العمل قضاياه ومشاكله؟ إن البرنامج النقدي لمؤتمر الأدباء السعوديين هو تنظيم أكاديمي، وطقس جامعي، وليس فيه مايظهر صورة الأدب والأديب الذي ليس هو نتاج الجامعة أصلاً، بل يفترض أن يكون البرنامج نتاج ما يقترحه الأدباء، وما يرون أنه يلامس قضاياهم في التأليف والنشر وتطوير الرؤية ومقارنة ذلك مع مشاهد عالمية، بينما البرنامج قد أعدت محاوره مسبقاً وطلب من الكتاب المشاركة فيه، واعداد المحاور إذا لم تكن تخرج بتوصيات ملزمة للجهة الراعية، فستظل كسابقتها حبراً على ورق. الأديب لايزال على حاله عندما يبحث عن ناشر ليطبع كتبه فلا يجد الا حوتاً فاغراً فاه، الأديب يطبع كتبه على حسابه ويوزعها هدايا على الأصدقاء، الأديب لايجد دعماً من المؤسسات الرسمية لشراء كتبه، وإذا اشتروا كتبه فهي صفقة رمزية لاتتجاوز بضعة مئات من الريالات. الأدب في المملكة اليوم ينقسم إلى قسمين: أدب الكهول والشيوخ، وأدب الشباب، وهناك مفارقة كبيرة بين هذين النوعين من الأدباء، فالكهول والشيوخ مازالوا يرتادون الأندية الأدبية، والمجالس الاجتماعية، ويتأبطون وجاهة الماضي الذي سيطمرهم وينساهم وهم يحلمون بصندوق ورابطة، بينما أدب الشباب انفتح على الأدب من وجهة نظر ثقافية عالمية، وليس من وجهة نظر تقليدية، واخترق عوالم التقنيات المعاصرة في محاولات جريئة يترقب نجاحها واستمراريتها ولو كانت بصورة نسبية. إن البيروقراطية هي التي جعلت الأديب السعودي على حاله بلا لون ولا طعم ولا رائحة معاصرة، وهي التي ساهمت في قصور الرؤية وتفعيل البرمجة النوعية لمفهوم الأدب والأديب، فصار بلا رؤية، نتابع عشرات الدواوين والقصص والروايات ولكنها تفتقد لأشياء كثيرة من أساسيات الكتابة والصياغة وفقدان البعد الانساني، البيروقراطية أخضعت الأديب لسلطة الأكاديميين الذين نهشوا نصوصه من خلال مسطرة المقاييس النقدية لاتجاهاتهم الفكرية الضيقة. الأديب السعودي لايزال رهين زمن الاتجاهات سواء التقليدية أو الحداثوية، ولم نرَ له موقفاً مغايراً عن هذه التصنيفات، وإذا ظل الأديب السعودي بهذا التوصيف، فسيكون نتاج نظرية أكاديمية تضعه على مشرحة الدراسة في كراسي البحوث، ولن ينطلق لا للأدب ولا للحياة الانسانية. تويتر : @saldhamer