لم يكن محمود إبراهيم المواطن العربي الوحيد الذي يستقل قارباً وسط المياه، يساعده على قطع مسافة طويلة من منزله إلى مكان عمله، وسط العاصمة التايلاندية، رغم أن بانكوك تربطها شبكات حديثة من الطرق ووسائل النقل الحديثة، بداية من نظم سكك حديد القطار المعلق (BTS) إلى مترو الأنفاق (MRT) الذي يربط الأماكن الرئيسية، إلا أن البعض مازال يفضل استخدام القوارب النهرية المكشوفة خاصة في أوقات الذروة. وعلى الرصيف الخرساني على مجرى قناة سيان – التي يبلغ طولها 18 كيلو مترا حول العاصمة - تنتظر القوارب الصغيرة التي تمتلئ خلال ثوانٍ معدودة حاملة أكثر من 60 ألف راكب يومياً ويبلغ سعر التذكرة من 8-20 بات تقريباً (25.-62.$). ويعود تاريخ مجرى القناة - التي تربط العديد من الانهار – إلى عام 1837، عندما أمر الملك راما الثالث ببناء مجرى القناة أثناء الصراع حول كمبوديا، واستغرقت عملية البناء ثلاث سنوات وقامت تايلاند بإنشائها لنقل المياه والأسلحة إلى الجنود في كمبوديا. ولم يكترث محمود من رائحة النهر ذي الرائحة الكريهة مع تحول لون المياه إلى الاسود بسبب رواسب المصانع والقمامة، قائلاً «إن تكدس الشوارع بالسيارات يجعل من الصعوبة استقلال وسائل المواصلات العامة التي من الممكن ان تضيع وقتك، وبالتالي يكون خيار التنقل بواسطة الممر المائي واحداً من افضل الحلول». وأشار محمود – الذى يعمل مترجماً بإحدى الشركات. ورفيقه أحمد مسعد، ان سعر تذكرة القوارب النهرية ارخص بكثير من مترو الانفاق الذي يبلغ سعر التنقل لمحطة واحدة 10 بات، بينما اقصى عدد من المحطات في نظيرتها النيلية يبلغ 18 بات. وبحسب أحمد، فإن المخاوف التي قد يتعرض لها اثناء التنقل بالقوارب، هو سرعة السائق التي احيانا يترتب عليها تلوث ملابسه نتيجة اتساخها بنقط المياه الملوثة. وبينما تلون مجرى المياه بالاسود، إلا ان الطبيعة يميناً ويساراً تبدو خضراء لتفصل بين القناة وبعض الاهالي الذين صنعوا بيوتا بسيطة كوسيلة للعيش، لتظهر بذلك الخط الفاصل بين العشوائيات حول المجرى النهرى والابراج الشاهقة التي تتخطى الثلاثين دوراً لتعكس حجم التناقض داخل العاصمة التايلاندية.