خلال قرون كانت سلطنة عُمان امبراطورية عربية تمتد لشرق أفريقيا، واجزاء من باكستانوايران حتى العام 1856م حيث فُرض عليها تقسيم تلك الامبراطورية إلى جزءين أحدهما آسيوي ورثته دوله عُمان المعاصرة، وطوال تاريخها عاشت السلطنة ظروفا تاريخية صعبة وحروبا مع الاسطول البرتغالي ثم البريطاني وكذلك واجهت حملات فارسية نجح السلطان احمد بن سعيد في قيادة مقاومة ضدها آخرها عام 1743م، وفي العصر الحديث عاشت السلطنة قلاقل وحربا داخلية ساهمت ايران بالتدخل فيها لصالح السلطة الرسمية عام 1973م، مما يعكس خصوصية في العلاقات الحديثة بين مسقط وطهران. هذه الظروف التاريخية فرضت على السلطنة دبلوماسية حذرة وتفضيل خيار الحياد الجميل، وبشهادة الكثير فإن السياسة الخارجية العمانية تتميز بالثبات والهدوء وتطبق منهجا صارما يقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى، وتعتمد الدبلوماسية العمانية منذ يوليو 1970 الحوار السلمي والمساعي الحميدة أسلوبًا لحل المشكلات واحترام المصالح وتبادل المنافع المشتركة، وحسن الجوار وهذا الامر لا يستثني الجارة التاريخية ايران، والتى لا تتمتع بعلاقات حسنة مع اشقاء السلطنة في منظومة مجلس التعاون الخليجي. زيارة السلطان قابوس لطهران تأتي في مرحلة حساسة وسط تقارير عن اختلاف وجهات نظر بعض دول الخليج وواشنطن تجاه معالجة الازمة المصرية، ولعل من عجائب الصدف ان زيارة السلطان قابوس تتزامن مع زيارة مسئول امريكي كبير لطهران تحت غطاء الاممالمتحدة. في اول تواصل خليجي- ايراني ينهي السلطان قابوس بن سعيد زيارة لإيران استمرت ثلاثة ايام وفي خطوة لها رمزيتها يكون السلطان قابوس أول زعيم أجنبي يحل ضيفاً رسميا على الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني والذي أكد مرارا رغبته في تحسين علاقات ايران مع دول الخليج والعالم الخارجي. مصادر عمانية وايرانية تؤكد وجود مبادرة من السلطان قابوس تجري بالتفاهم المباشر مع الإدارة الأمريكية كما انها تحمل طموحا وقناعة عمانية لضرورتها الإقليمية والدولية، كما ان السلطنة واثقة من نجاحها في حالة الاتفاق عليها، خاصة وأن السلطنة نجحت في وساطة لإطلاق سراح ثلاثة أمريكيين كانوا مسجونين في إيران بتهمة التجسس مقابل الإفراج عن الأستاذ الجامعي الإيراني مجتبى عطاردي والذي عاد إلى طهران عن طريق مسقط. وبواسطة طائرة عمانية، ولعل الجديد هنا ان السلطنة قد تتحول من دور الوسيط الى دور المضيف للقاء مباشر بين واشنطنوطهران. الرئيس بوش الابن قدم افضل خدمة مجانية لطهران عبر الاطاحة بحركة طالبان في العام 2001، ثم القضاء على النظام العراقي السابق العام 2003، مما جعل حلفاء طهران يجلسون لأول مرة منذ تأسيس العراق في مقاعد السلطة ببغداد، ومنذ وصول اوباما للسلطة تقلصت خيارات واشنطن النظرية حيال إيران إلى احتمالين فقط وهما التسوية السياسية أو العمل العسكري ومع اسقاط الخيار الثاني فإن تحسن العلاقات الامريكيةالايرانية لن يكون مفاجئا لأي متابع سياسي لتطورات العلاقات بينهما. على الجانب الامريكي ظهر في واشنطن منذ عامين ما يسمى بتيار (الذهاب لطهران) والذي يرى ان على الولاياتالمتحدة التفاوض المباشر مع طهران واتباع نهج مختلف في سياستها الخارجية والتخلي عن وصف النظام الإيراني بالنظام المارق والتعامل معه بدبلوماسية رشيدة، لاحتواء الموقف المتوتر في دول المنطقة، وانه لابد لواشنطن من الذهاب لطهران. زيارة السلطان قابوس لطهران تأتي في مرحلة حساسة وسط تقارير عن اختلاف وجهات نظر بعض دول الخليج وواشنطن تجاه معالجة الازمة المصرية، ولعل من عجائب الصدف ان زيارة السلطان قابوس تتزامن مع زيارة مسئول امريكي كبير لطهران تحت غطاء الاممالمتحدة. سنراقب التطورات السياسية ولن نستبعد فرش السجاد الاحمر قريبا في مطار مسقط استعدادا لاستقبال الامريكان والايرانيين مما قد يغير وضع المنطقة مستقبلا!. تويتر :@abdulahalshamri