بالرغم من أن عناوين المشاكل التي مرت على العالم ولا تزال عصية على الحل وبخاصة في منطقتنا العربية ستحافظ على مساحتها في كافة وسائل الإعلام، إلا أن معالم أخرى وربما ذات علاقة مباشرة أو غير مباشرة بهذه المشاكل تبدو مدعاة للتفاؤل : 1- يتراجع المد الحركي للإرهاب وتبين الضربات الاستباقية للقوى الأمنية لشبكات التخطيط الإرهابية دليلاً واضحاً على تخبط الكادرات القيادية للقاعدة بالرغم من تمركز القيادة في ساحة ليست بعيدة في المناطق اليمنية. وعلى مستوى لا يقل أهمية, وعلى الرغم من علو صوت التشدد والغلو، والذي يمثل القاعدة الفكرية للفكر الإرهابي، إلا أن أصواتاً جديدة من أهمها تأثيراً تلك الأصوات القادمة من طيف الوسطية الإسلامي، إضافة إلى ان الأطياف الفكرية الأخرى، تشهد تنامياً ملحوظاً , وإن كان الالتباس حول تفسير الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة لا يزال قائماً . 2- وسط الجدل الدائم حول سبل تطوير التعليم وفقا لمنظور تنموي عصري، وبالرغم من الإقرار شبه الجماعي من كل الأطراف بضرورة التطوير لمؤازرة مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله للإصلاح الشامل والأخذ بمعايير العصر إلا أن التباطؤ على هذا الطريق يبدو واضحا في عدم تناسق الخطى حيث يجري السير على هذا الطريق ليس وفقا للقاعدة الصحيحة في التدرج وعلى أساس خطوتين للأمام وخطوة للخلف وإنما على اساس خطوة للأمام وخطوتان للخلف في غالب الأحيان وفي ذلك حركة بدون بركة كما يقال. ولكسر حركة التردد في هذا الاتجاه جاء قرار الملك عبدالله بتأسيس اليوم نحن نتمتع بكل ما أنجزوه من خيرات مادية من طيارات وسيارات وخلافه، أما تلك الأفكار والنظريات التي تقف وراء هذه المنجزات وتمثل شرطاً لتطورهاوبناء وافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في وقت قياسي ليكون بمثابة نموذج للعاملين على تطوير التعليم وفق منظومة متكاملة لأفكار وآليات تطوير التعليم. 3- بالرغم مما أثير من انتقادات وتحفظات طالت عناوينه وأثرت على بعض أسس أهدافه الوطنية النبيلة، يستمر مشروع الحوار الوطني عبر مؤتمراته الدورية موسعاً مساحة جسور التواصل والسلم الاجتماعي وفق معايير الحوار واحترام الرأي الآخر وتمكين كل من ينتمي للنسيج الاجتماعي الوطني من اخذ مكانه المشروع في الحقوق والواجبات وفق معايير المواطنة وحقوق الإنسان بغض النظر عن مذهبه أوعرقه أو منطقته أو طيفه الفكري. لقد ازدادت في السنوات الأخيرة لدى المثقفين وحتى لدى قطاع واسع من الناس وتيرة الاعتداد بالانتماء لهذا النهج الفكري أو ذاك دون ان يعني ذلك إنكاراً لتعاليم الإسلام السمحة والمتوافقة مع كل ما فيه الخير للإنسان وللبشرية جمعاء وفقاً لما جاء في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الصحيحة . تخلفنا معترف به من الجميع، والجميع يقول بضرورة العمل للخروج من حالة التخلف والوصول لمستوى الدول المتقدمة أو العالم الأول كما يقال . والانخراط في السير على هذا الطريق، وكما يقول المفكر هاشم صالح، لا يجب التساؤل لماذا تخلف العرب والمسلمون كما يطرح التساؤل الدائم، بل يجب أن نعرف كيف تقدموا ؟. في البلدان المتقدمة تصارعوا وتحاربوا وسالت الدماء فيما بينهم أنهاراً وبقيت الأحقاد قروناً إلى أن وصلوا إلى القطيعة مع النعرات القبلية والمذهبية وسلطات الاستبداد وشرعوا في الحوار وفق معايير التعدد والحفاظ على السلم الاجتماعي تحت مظلة دولة القانون . اليوم نحن نتمتع بكل ما أنجزوه من خيرات مادية من طيارات وسيارات وخلافه، أما تلك الأفكار والنظريات التي تقف وراء هذه المنجزات وتمثل شرطاً لتطورها، فنقف منها موقفاً مريباً أو معادياً مع كل ما يحويه تراثنا الإسلامي من دعوة واضحة وصريحة بالاستفادة من الآخر أياً كان هذا الآخر . مشروع الحوار الوطني حتى في مجال صياغة عقد السلم الاجتماعي، يحفزنا للبحث عن كيفية تحقيقه على يد من يعيشون في ظله نسبياً لأن الكمال لله سبحانه . 5- تمكين النساء من التمتع بحقوقهن الإنسانية موضوع يحظى بنصيب متزايد في الحراك الفكري لكن وتيرة التقدم على مستوى الإجراءات العملية لا يبح للمتابع غير فسحة الأمل القائمة على النوايا الطيبة وعلى جهاد المرأة السلمي لانتزاع حقوقها. [email protected]