صديقي محمد السماحي مخرج تلفزيوني مصري زار السعودية في رمضان واضطرته الظروف لقضاء العيد في الرياض ، وفي صبيحة العيد خرج متحمساً ليرى عيد السعوديين وطريقة ابتهاجهم به إلا أنه وصف الحال بلغة متخمة بالإحباط قائلاً: (لقد شاهدت مدينة خرسانية خالية من الفرح ، ولا أعلم كيف أجيب أولادي عندما يسألوني عن العيد في السعودية) ، وفي اللحظة التي كان يحدثني بهذا الحديث تذكرت خطيب العيد الذي أمضى معظم الخطبة في الحديث عن جراحات المسلمين وآلامهم ، ولسان حاله وكلامه يقول: كيف تفرحون وهذا حال المسلمين ! ، وأصبح حالنا مع شيخنا الغيور - وفقه الله للهدى - كمن يتحدث عن أحكام الطلاق في حفل زواج ، فهذه الخطبة الجليلة تصلح في أي وقت إلا في يوم «العيد» ميعاد الفرحة والسرور . حتى تحس بطعم العيد ادخله بقلب طفل ، فالطفل يفرح بالحلوى ويتراقص حولها وأنت تتحدث عن استغلال البائع للموسم في رفع سعرها !! ، فالبائع والطفل يحتفلان وأنت تولول في يوم عيدك ، جرب نصيحتي وانسلخ من هذا الثوب في الأعياد ، وعش بقلب طفل لتدرك جمال العيد على شدة محبتي لأبي الطيب المتنبي إلا أنني أكره منه: (عيد بأي حال عدت يا عيد) فهذا النمط من الشعر هو قتل ممنهج للفرح واغتيال خطير للقلوب في يوم سعادتها ، ولابد لنا أن نتصدى لقامعي الأفراح في أعيادنا ، وأن نتحالف مع صانعي البهجة ونمكن لهم رسم الابتسامة على وجه عيدنا . ثقافة «الاحتفال» التلقائي شبه غائبة في مجتمعنا ، ولا نجيد «الفرح» في مناسباتنا ، وأحد الأصدقاء يصف عيدهم بقوله: (عيدنا مثل عزانا .. نفس الأكل ونفس الشرب ونفس المجلس) ، وحتى إذا حاولنا الاحتفال نتكلف ونبالغ في كماليات الحفلة فتغرق الفرحة في تفاصيل الحفلة !. أجمل ما في العيد حين أصطف أنا وإخوتي وأخواتي والأطفال الصغار خلف والدتي في طابور «العيدية» لنقبل يد والدي ثم يعطينا «المقسوم» الذي ترفع قيمته أجواء الفرحة والأنس التي تطال الجميع بمن فيهم الخدم ، وجمال هذا المشهد لا ينقضي بتكرار السنين .. حتى تحس بطعم العيد ادخله بقلب طفل ، فالطفل يفرح بالحلوى ويتراقص حولها وأنت تتحدث عن استغلال البائع للموسم في رفع سعرها !! ، فالبائع والطفل يحتفلان وأنت تولول في يوم عيدك ، جرب نصيحتي وانسلخ من هذا الثوب في الأعياد ، وعش بقلب طفل لتدرك جمال العيد. ونحن نأكل طعام العيد في الصباح قال لي أحد الأقارب متذمراً: (أزعجونا بالطرطعان وبهذه الألعاب النارية) ، فقلت له: (إني لا أسمعها فصوت دقات الفرح في قلوب الأطفال أعلى صوتاً منها) . كل عام وقلوبكم طفولية ..