منخفضو الدخل هم إجمالاً موظفون يقبضون راتباً وبدلات لكنهم فقراء فدخلهم أقل من أن يغطي التزاماتهم الأساسية. فكيف يتصرف المجتمع: يتركهم أم يدعمهم أو يحيلهم إلى الجمعيات وللمحسنين؟ في العديد من البلدان، وخصوصاً بلدان مجموعة العشرين، هناك برامج مقننة لتقديم مساعدات نقدية للأسرة منخفضة الدخل. قبل أيام شاركت في أحد البرامج الإذاعية، واستضاف البرنامج عدداً من «الحالات» لموظفين يعانون الفقر، أي أنه لا يستطيع ان يوفي بالتزاماته المالية فراتبه يتبخر قبل نهاية الشهر، بل أن أحدهم قال ان عليه التزامات مالية واقتطاعات قسط سيارة فينزل من راتبه 900 ريال فقط لا غير. الفقر حقيقة، وهو لا يقتصر على مستحقي الضمان الاجتماعي بل أن دائرة الفقر أوسع؛ إذ أن الضمان الاجتماعي - كما نعلم - يقتصر على الأسر التي ليس لها عائل أو أن العائل لا يعمل نتيجة لعجزه. لكن ماذا عن الفقير؟ ونحن هنا نتحدث عن الفقير المُدَبرّ الرشيد وليس عن السفيه الذي لا يبقى لديه مال بسبب انفاقه على المجاملات وتوافه الأمور. نتحدث على سبيل المثال عن موظف متزوج وعنده ثلاثة أطفال ويعول والدته في حين أن راتبه ثلاثة آلاف ريال سعودي؟ يدفع منها ايجار المنزل 1000 ريال شهرياً وقسط السيارة 500 ريال، يبقى له 1500 ريال، أي 50 ريالا يومياً ليأكل ويشرب ويدفع مصاريف الكهرباء والماء والتليفون والبنزين.. هو وزوجته ووالدته وأطفاله الثلاثة! طبعاً لن تكتمل الصورة قبل أن يخرج أحدهم ويلقي محاضرة: على هذا الموظف أن يدبر أموره ويدخر ويقتصد؟ في نظري أن هذه المحاضرة مُحَلِقة في أجواء سحابية لا صلة لها بالواقع. أما ما له صلة بالواقع فهو أن نساعد الفقراء ليقوموا بدفع ايجار بيوتهم ودفع أقساط سياراتهم ومستحقات فواتير المنافع من كهرباء وماء وتليفون بل وحتى انترنت وبما يكفي للاعتناء بتغذية وصحة أطفالهم، وأن تدفع هذه الاعانات من الخزانة العامة للدولة رعاها الله ولا نحيل الفقير إلى الجمعيات التعاونية بل نحيله لوزارة الشئون الاجتماعية لتدرس حالة الأسر الفقيرة كحالة الموظف الذي ذكرت تواً، وإن كانت نتيجة الدراسة أنه يستحق فتصرف له إعانة من بند مخصص لاعانة منخفضي الدخل يمول من الميزانية العامة للدولة. أما جمعيات البر والجمعيات الخيرية فلهم أنشطة أخرى، أما مكافحة الفقر فليست وظيفتهم ليس لسبب سوى أن هذه الجمعيات لن تملك الموارد الكافية ثم أن تكاليف الحياة المعاصرة تتطلب دخلاً إضافياً منتظماً كل شهر ليساند في دفع الفواتير والالتزامات المالية غير القابلة للتأجيل أو التأخير، فسمة بالمرصاد لكل متأخر. ونذكر جميعاً أن الحكومة وضعت استراتيجية لمكافحة الفقر وأطلقت بعض البرامج والقنوات ذات الصلة مثل الصندوق الخيري الوطني على سبيل المثال لا الحصر، لكن ما نتحدث عنه هو تقديم عون مالي منتظم للأسر التي تمتلك راتباً لكنه منخفض لا يسد احتياجاتها. السؤال: كيف نعرف أنه لا يسد احتياجاتها فالاحتياجات تتفاوت، ثم أن هناك المقتر والمدبر والمبذر، وما يكفي الأول لن يكفي الثاني، أما الثالث (المبذر) فلن يكفيه شيء؟ نعم، ولذلك نحن بحاجة لوضع مصفوفة تحدد الحد الأدنى للدخل والأسرة التي دونه تستحق اعانة نقدية. حالياً وفي ظل وجود بيانات متكاملة عن الوضع الأسري من حيث عدد أفراد الأسرة وأعمارهم وأوضاعهم الاجتماعية والوظيفية فليس من العسير وضع جدول للإعانة الاجتماعية، وتتحدد قيمة الاعانة الاجتماعية تبعاً لدخل الأسرة، بحيث تسد الاعانة العجز بين ما تحتاجه الاسرة من مال وما تحصل عليه من راتب. وفي أحيان ترتبط الاعانة بمستجد، كقدوم مولود جديد للأسرة منخفضة الدخل، فكل ما على الأسرة فعله في كندا مثلاً أن تتقدم بطلب عبر الانترنت وتأتيها الاعانة النقدية من أجل المولود الجديد وحتى لا يعاني بسبب فقر أسرته. تويتر: @ihsanbuhulaiga