لامني بعض الاخوة حين انتقدت مؤخراً وفي أكثر من مقال أداء وزارة الاقتصاد والتخطيط وأدائها خلال العقود الماضية، وقيل: إنني أتحامل على الجهود التي تبذلها الوزارة في مجال الخطط التنموية والإستراتيجيات الموضوعة من خلال تركيزي على ضعف الأدوات والبرامج الرقابية المنوط بها متابعة تنفيذ وإنجاز هذه الخطط، الأمر الذي انطوى عليه عدم إنجاز التطلعات المعقودة على عدد من المشاريع والبرامج التنموية خلال العقدين الأخيرين. بالأمس فقط تبين لي أن النقد الذي وجهته للوزارة لم ينتج من فراغ، إذ انعكس تراخي أدائها واقعاً معاشاً، بل قد يحدث للمرة الأولى أن ينتقد مسئول حكومي أداء هذه الوزارة حين شهدت إحدى جلسات المؤتمر الثالث لإدارة المشاريع بالرياض أمس الاثنين مفاجأة غير متوقعة حين كشف وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية الدكتور حبيب زين العابدين أمام الحضور والمشاركين في المؤتمر عن طلب وزير الاقتصاد والتخطيط خالد القصيبي في اجتماع ترأسه الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية سابقا إعفاءه من هذه المهمة، قائلاً : «اطلبوا من خادم الحرمين الشريفين أن يعفيني من متابعة المشاريع، لأن المتابعة تبين أن هناك أعدادا من المشاريع لا تنفذ». بالأمس فقط تبين لي أن النقد الذي وجهته للوزارة لم ينتج من فراغ، إذ انعكس تراخي أدائها واقعاً معاشاً بدا الأمر وكأنه مستهجن تماماً فمن طلب الإعفاء إلى إتهام وزارة الشئون البلدية والقروية لوزارة الاقتصاد والتخطيط خلال المؤتمر نفسه بأن دورها في متابعة المشاريع مغيب تماما وأن دراساتها على الورق فقط وكأنها جهاز ملحق بوزارة المالية. لا علم لي بالدور الذي أنشئت لأجله هذه الوزارة إذا كانت عاجزة عن تولي مهامها الأساسية في متابعة البرامج والمشاريع التنموية حسب ما ورد في خططها وتقاريرها، فإن كانت لا ترغب في القيام بهذا الدور الحيوي والإستراتيجي فالأفضل إلغاؤها أو دمجها مع وزارة المالية، وإسناد الدور الرقابي لبرنامج حكومي مستقل مدعم بكفاءات وطنية وممول بشكل يؤهله للقيام بهذه المهمة الأهم في هذا الوقت، فلا أحد يحتمل مجدداً أن تتعثر أو تتأخر آلاف المشاريع التنموية عن التنفيذ ويستمر الهدر في الوقت والمال والتنمية. قد تحمل لنا الايام المقبلة حلولاً أو أخباراً جيدة، ويجب علينا ألا نعول كل آمالنا على إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد، وواجبنا فعلاً وضع التصورات والرؤى لمنع هذا الفساد من الحدوث من أساسه.