إثارة الخلافات حول بعض المسائل شئ وارد، ولكن هناك من الخلاف ما يستحق الوقفة عنده، وهو السجال الذي يدور عن مدى شرعية استثمار صناديق الزكاة في البلاد الإسلامية بالإجماع، لأنه بالطبع فإن الخلاف في الاتجاه بأموال الزكاة نحو هذا المنحى من الناحية الشرعية، يستحق البت فيه مثل هذه الظروف التي تعيشها البلاد الإسلامية من ناحية اقتصادية واجتماعية. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل شرعا يحق جمع تلك الأموال والتصرف فيها حسب ما تمليه بعض القوانين الاقتصادية أو الاجتماعية، باعتبار أن تلك الأموال ملك للفقراء والمساكين وغيرهم في الأساس وفق النص القرآني (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها)، مستصعبا فكرة التصرف فيها دون استناد شرعي مجمع عليه. السؤال الذي يطرح نفسه: هل شرعا يحق جمع تلك الأموال والتصرف فيها حسب ما تمليه بعض القوانين الاقتصادية أو الاجتماعية، باعتبار أن تلك الأموال ملك للفقراء والمساكين وغيرهم في الأساس إن الحديث عن توزيع جزء من حصيلة الزكاة السنوية في عمليات استثمارية، مسألة موضع خلاف، ذلك لأنها تحتاج إلى ضوابط شرعية، خاصة وأن المسألة المنظورة ليست حادثة فحسب، بل لم يتطرق إليها أحد بالبحث والدراسة ولا حتى برأي محرر ، خاصة وأنه ليس هناك من الكتابات والدراسات والفتاوى التي تناولت مسائل الزكاة المعاصرة، ما يفيد بشرعية استثمار أموال الزكاة. وبالتالي فإن الخلاف في مثل هذه الحالة يبرز صعوبة تكمن في إمكانية استثمار أموال الزكاة كغيرها من الأموال بالطرق المشروعة، خاصة وأنه لا تتوافر وجوه صرف عاجلة، تقتضي التوزيع الفوري لأموال الزكاة، الأمر الذي يستدعي ضرورة أن تتخذ الإجراءات الكفيلة ببقاء الأصول المستثمرة على أصل حكم الزكاة وكذا ريع تلك الأصول. والأمر يحتاج لمزيد من بذل الجهد للتحقق من كون الاستثمارات، التي ستوضع فيها أموال الزكاة مجدية ومضمونة وقابلة للتسييل عند الحاجة، مع ضرورة أن يتخذ قرار استثمار أموال الزكاة ممن عهد إليهم ولي الأمر بجمع الزكاة وتوزيعها، لمراعاة مبدأ النيابة الشرعية، مع أهمية أن يسند الإشراف على الاستثمار إلى ذوي الكفاءة والخبرة والأمانة. وخلاصة القول أجد نفسي مع الرأي الذي ينادي بإطلاق دراسات بحثية شرعية تبت في هذا الأمر، ومن ثم إطلاق مبادرات، من شأنها تسييل الأصول المستثمرة، إذا اقتضت حاجة مستحقي الزكاة صرفها عليهم، مع ضرورة التحقق من جمع تلك الأموال والتصرف فيها، وفق ما تمليه بعض القوانين الاقتصادية أو الاجتماعية المنسجمة مع الشريعة.