أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    ورشة عمل لتسريع إستراتيجية القطاع التعاوني    إن لم تكن معي    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



1256 ثرياً = 862 ملياراً= 21 ملياراً و500 مليون ريال سعودي في عام واحد فقط!!
"الرسالة" تسأل: ثروات فلكية وأموال طائلة لأثرياء سعوديين .. من أين مصدرها؟.. وأين زكواتها؟
نشر في المدينة يوم 09 - 11 - 2012

أصدرت شركة "ويلث إكس" للاستشارات تقريراً عن الثروة العالمية تصدرت فيها السعودية قائمة الدول العربية الأكثر ثراء، حيث بلغ عدد أثريائها عام 1433 ه 1256 ثرياً بثروة تقدر ب 862 مليار ريال سعودي، لكنّ السؤال الأبرز أين هذه الثورة الفلكية التي تقدر زكاتها السنوية ب 21 مليار و 500 مليون ريال سعودي؟
وأين تذهب زكاة هذه الثروة وفي المملكة بحسب بعض الإحصائيات المنشورة قرابة 3 مليون فقير؟،
وأين دور الجهات المعنية من رسمية وأهلية لتحفيز هؤلاء الأثرياء على فعل الخير؟
وأين المراكز والجمعيات من مثل هذا الأمر، ألسنا بحاجة إلى برامج توعوية عملية لتسليط الضوء على هذه الظاهرة؟
إحصائيات أخرى تقدر عدد العاطلين من المواطنين بمليون عاطل ..أيعقل أن تبقى هذه الظاهرة متفشية ولدينا مثل هذه الثروة في البلاد؟
ثمّ ما هي الحلول العملية إزاء المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في ظل وجود هذه الثروات الهائلة والتي بإمكانها حل كثير منها إذا ما صرفت أموال الزكاة بحق وضمير؟
ولماذا لا يتكرر نموذج الشيخ سليمان الراجحي الذي تبرع ب40 مليار ريال سعودي لأعمال البر والجمعيات الخيرية؟، كل هذه التساؤلات عرضتها "الرسالة" على عدد من الشرعيين والمفكرين والاقتصاديين في ظل التحقيق التالي.
الفساد مصدر الأغنياء الجدد.
بداية يؤيد الكاتب الأستاذ خالد الوحيمد صحة ما تدعيه شركة "ويلث إكس"، حول هذا الثراء الفاحش لدى الكثير من أثرياء السعودية، فلا غرابة أن تجد غنيا واحدا مقابل 100فقير فالأول بعد أن أغناه الله منع عن نفسه الطهر والعفاف، واختزن أمواله بشكل ودائع في البنوك، فمهما كان من صدق تجارته فلا بد من زكاة تطهر ماله، وهكذا ودائع في بنوك وأخرى على أمور لا تستحق ذكرها في صحيفتكم الغراء، مشددا على أننا بحاجة لبرامج توعوية، ولكن الفساد يلعب دورا للأغنياء الجدد، فتجدهم عملياً يسيطرون على الجمعيات الخيرية ولا يوجد رقيب لذلك، ولا يوجد أيضاً بحث وتحري لحالة الفقراء، إن كان يأتيه الزكاة أو يأتيه الفتات محمل بحفنة من الريالات، وكما أسلفت السيطرة على الجمعيات الخيرية وصب ثروات هائلة من أجل مشاريع بعضها وهمية مجرد حبر على ورق!
تجفيف منابع الرشوة
ويرى الوحيمد أنّ تتبع جذور الفساد وخاصة تجفيف منابع الرشوة، حيث أنّ العاملين على أجهزة الرقابة باعوا ضمائرهم وبالتالي أصبحت أموالهم متكدسة في البنوك مثل أقرانهم الإداريين في بعض الجمعيات الخيرية، أي أنّ هناك تبادلا بالفساد وكما يقول المثل الشعبي "شدلي واقطع لك".
ويعارض الوحيمد وبشدة تكرار نموذج سليمان الراجحي فهو يساعد بحسب رؤيته على تكاثر الفقر بتبرعه بهذا المبلغ الضخم وزيادة عدد الأغنياء فيما بعد، مشيراً إلى أنّ هذا المبلغ الضخم حينما يوكله الراجحي لعدة أشخاص ويتم التلاعب فيما بينهم من أكبر موظف إلى أصغر موظف مع العلم جلهم من طبقة مرفهة قبل بدء نشاطهم العملي، فهل يا ترى كم سيكون رصيد أصغر موظف حصل على قطعة صغيرة من الكعكة ؟ أعتقد 100مليون ريال، مستشهداً بجمعية البر الذي كشف أمرها الإعلامي داوود الشريان ببرنامجه حول ميزانيتها الضخمة ولا يصل منها الفقراء إلاّ الفتات، بينما مثيلتها بنك الطعام والتي ميزانيتها لا تتعدى مليوني ريال ولن أفادت الكثير من فقراء محافظة الإحساء، بل وبشكل حضاري في إعداد الوجبات .
المراقبة.. المراقبة
وعن الحلول العملية إزاء المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في ظل وجود ثروات هائلة بإمكانها حل الكثير منها، يعتقد الوحيمد بأهمية مراقبة الأسواق من العبث بأسعار المنتجات الاستهلاكية كالمواد الغذائية منها، حيث هذه الأخيرة لو توفرت في كل بيت بيسر وأمان وراحة بال لما سمعنا عن داء اسمه الفقر، منوهاً على أنّه لا يصح بناء مساجد وفي القرية أو المدينة فقراء، وقد اتضح في هذه المساجد وكر للفساد والعبث بأمن البلد من إرهاب وغيره من منتفعين، لذا لابد من هيئة تراقب وضع المساجد.
تدل على الفرص التنموية
من جانبه يؤكدّ الأكاديمي والباحث الشرعي الدكتور محمد الصواط، بأنّ الله سبحانه وتعالى حبا المملكة بخيرات كثيرة ونعم وفيرة، والتي تحتاج بدورها لرعاية وشكر لتنمو وتزدهر، معتبرً بأنّ السعودية بما حباها الله من هذه الخيرات مهيأة لتلعب دوراً فاعلاً رئيسياً مؤثراً على الصعيد الاقتصادي العالمي، فتلك الثروات الفلكية لبعض التجار تدل على مقدار الفرص التنموية في هذا البلد المعطاء، كما أنّها تشير لجشع بعض التجار وتنكرهم لبلدهم وعدم المشاركة في المسيرة التنموية بأموالهم ومشاريع.
وأكد على أنّه ينبغي وضع بعض التدابير التي تحد من جشع أصحاب رؤوس الأموال سواء أكانوا شركات وبنوكاً أو أفراداً، من ضمنها وضع نظام صارم ودقيق لجباية أموال الزكاة الظاهرة وما هي في حكم الظاهرة وعدم التساهل في ذلك، والقضاء على الواسطة والمحسوبية في هذا الأمر، إضافة إلى تنمية ما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية للشركات عبر إلزامها بأعمال خيرية يعود نفعها على المجتمع، إذا أنّ هذه الشركات وكذلك الأفراد بحسب الصواط إنّما كونوا ثرواتهم من خيرات هذا البلد فواجب عليهم أن يردوا بعض الجميل لهذا البلد المعطاء، وهذه المشاريع لها أثرها الايجابي على المجتمع، كبناء المستشفيات والمدارس ودور الأيتام وتوظيف العاطلين، وغيرها، منوهاً على ضرورة وضع الأنظمة التي تحد من هروب رؤوس الأموال للخارج، ومحاولة توظيفها في الداخل لأنّ في توظيفها في الداخل فوائد كثيرة كتحريك الاقتصاد وتوفير فرص للعاطلين، كما ينبغي الإشادة بتجارب بعض أصحاب رؤوس الأموال في مشاركتهم في الأعمال الخيرية، ووقف الكثير من أموالهم على أعمال البر والإحسان، كالشيخ سليمان الراجحي وغيره من أبناء هذا الوطن، أملاً من حكومتنا الرشيدة مكافأة هؤلاء ببعض الجوائز التقديرية حتى يكونوا أنموذجاً يحتذى لغيرهم.
مؤشر خطير جدا
من جهته يهيب عضو الجمعية الفقهية السعودية الدكتور خالد أحمد بابطين، في البداية بأهمية من يملك هذه المليارات لأجل أن تسخر هذه الأموال في خدمة الإسلام والمسلمين ليقضى على الفقر في ديارهم، ولأجل أن يستغني المسلمون عما في أيدي الكفار، مشيراً إلى أنّ الإحصائية التي تشير إلى أنه يوجد في السعودية ثلاثة ملايين فقير غير صحيحة، لكن الأمر مؤشر خطير بوجود فجوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء في السعودية، ودلالة على فشل المؤسسات الخيرية في الوصول إلى أولئك الأثرياء.
وأكد بابطين على أنّ جل هؤلاء الأثرياء في نظره يشغلون أموالهم ويستثمرونها للأسف بالخارج، مع التزامهم بدفع الضرائب التي تفرضها عليهم الحكومات هناك، ومع هذا فهم محسوبون على أنّهم مستثمرون من السعودية، منوهاً على أنّ مصلحة الزكاة والدخل تلزم الأغنياء والبنوك وأصحاب المؤسسات والشركات بدفع الزكاة، ومع هذا قد تجد شيئاً من عدم الالتزام من البعض، مشدداً على أنّه يجب تذكير هؤلاء الذين منّ الله عليهم بالرزق الواسع والثراء الزائد بوجوب أداء الزكاة، وأثرها الحسن في زيادة ثرواتهم، وأنّها حق واجب للفقراء والمساكين لا منة فيه ذلك الثري والتاجر مصداقاً لقوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة)، ومهيباً في الوقت نفسه بالدعاة إلى الله والجمعيات الخيرية أن يبادروا بالاتصال بأمثال الأثرياء هؤلاء ويقيموا معهم العلاقات الوثيقة، ويعرضوا عليهم المشاريع الخيرية فالمشكلة أحياناً مشكلة ثقة، فإذا عرف ذلك الثري أين توضع أمواله؟ وأين تصرف؟ وإلى من تصل؟! فإنّه مستعد للمشاركة والمساهمة خصوصاً ونحن في مجتمع متدين بالفطرة والحمد لله.
علينا بناء البلد
ويعتبر بابطين أنّ من الواجب أن يستفيد أبناء البلد من وجود تلك الثروات في الداخل السعودي، فلو قام أصحاب رؤوس الأموال بتشغيل وتوظيف الشباب السعودي الذي تدل المؤشرات أنّ معدلات البطالة لديه في ازدياد!! فكم ستنتعش بذلك من بيوت؟ وكم ستسد بذلك من خلة؟! وكم سنقضي به على جريمة، ملمحاً إلى ضرورة استشعار أصحاب رؤوس الأموال بأهمية فرضية الزكاة وأنّها شقيقة الصلاة في كتاب الله لكن من مشاكل الأثرياء أحياناً الشح والعياذ بالله والذي يقول أهل العلم عنه: "أعمّ من البخل"، ولهذا قال الله تعالى : (ومن يوق شحه نفسه فأولئك هم المفلحون)، فترى البعض يشح بماله، ويشح بالمساهمة في أي مشروع خيري ولو حتى بالمشاركة بتجربته العملية أو حتى بجاهه فهو شح على كافة الأصعدة.
الكراسي العلمية للتجار
وعن الطرق العملية التي من شأنها أن تحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، يؤكدّ بابطين على أهمية أن تبني الكراسي العلمية في الجامعات السعودية، فنحن في الفترة الحالية بحاجة لمساهمة أولئك النفر الذين امتلكوا الأموال والثروات في تأسيس كراسي علمية بحثية، ولتكن بأسمائهم الشخصية ليكون لهم الذكر الحسن بين الناس مع ما يدخره الله لهم في الآخرة إذا حسنت نياتهم، كذلك من الوسائل العملية أن يساهموا في تحجيج من لا يستطيع الحج، وأن يتكفلوا بمجموعة من الحجاج، منوهاً على وجود عدد ليس بالقليل من المواطنين لا يستطيعون دفع تكاليف الحج مع الحملات ولا حتى الحملات المخفضة التي نسمع بها ولا نراها في الواقع، مهيباً بأثرياء البلاد المساهمة في مثل هذه المشاريع والأفكار ليبارك الله لهم فيما أعطاهم.
يبدو أنّها لا تُزكى
وفي سياق متصل يرى الباحث في الشؤون الاجتماعية الأستاذ أحمد الطارش، بأنّ هذه الأموال يبدو أنّها لا تُزكى لأنّ معظمها من السرقات، إذ أنّ مثل هذه الظاهرة تحتاج إلى صراحة كبيرة، قائلاً: "بعض من رجال الأعمال يقدم رشوة في مناقصة تابعة لإحدى البلديات ويحصل على مليارات لمشاريع لا تكلف ملايين فكيف له أن يزكي وقد سرق وقدم رشوة"، مؤكداً بأنّ هناك العديد من النقاط التي هي أهم من هذا الأمر وتستحق التأمل، فالبلد محارب من ناحية إعلامية بالدرجة الأولى وبعض المسئولين كأنّهم لا يدرون ما يحدث حولهم، بل أحياناً يشاركون في هذه الحرب.
وعن دور الجهات المعنية من رسمية وأهلية لتحفيز هؤلاء الأثرياء على فعل الخير، يردّ الطارش قائلاً: "إذا كان جمع التبرعات يعدّ تهمة بحد ذاته، ولا بدّ أن تكون رسمية، وإن كانت رسمية حجزت في البنوك فمتى تصل للفقير؟"، مشيراً إلى أنّه في إحدى الحملات التلفزيونية ذكر الداعية الإسلامي الشيخ سعد البريك قصة عن ملياردير لا يدفع الزكاة وأقنعوه فلما رأى مبلغ الزكاة كبيراً ويقدر بالملايين رفض الدفع، مضيفاً وبسخرية :"أعتقد أنّه لا يوجد متصدقون لدينا سوى الراجحي، ، لذلك لا أستبعد أن يقدر أعداد العاطلين بمئات الآلاف ما دامت الأمور في هذا البلد تؤخذ ارتجالاً، وتسير الأحداث عشوائية بدون تخطيط مسبق".
وعن الحلول العملية إزاء المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، يعتقد الطارش، بأنّ الإصلاح لا يأتي من الأسفل بل من الأعلى، فحينما يتم فرض الزكاة على كبار التجار وكبار ملاك الأرصدة في البنوك، ويتم استقطاع ذلك كما تستقطع الأقساط من الموظفين البسطاء سيكون هذا أول الحلول، ومن ثمَّ إقامة هيئة أمناء من شخصيات ثقات يقومون بتوزيع هذه الزكوات على المحتاجين مباشرة بدون وساطات الجمعيات، أو تفعيل الجمعيات بشكل أكبر بحيث تحفظ للمواطن كرامته ، وتذهب إلى المحتاجين في بيوتهم، وأن تخصم الزكاة نهاية كل عام من الأرصدة المتخمة.
اضطراب ثقافة الإنتاج
وعلى الصعيد نفسه يؤكدّ رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار الدكتور حامد بن أحمد الرفاعي، بأنّ إثارة التساؤلات حول أين تذهب زكاة هذه الثروات؟ هو أمر مهم ومشروع ومن الواجب أن يسأل، ولكن الأهم منه والأكثر أولية منه ما هو مصدر هذه الأحقاد التي تصب جام غضبها على سورية بشراً وشجراً وحجراً؟، وكيف نفمهما؟، وبأي دين وبأي شرعة نقرؤها؟، وكم ذبحت؟ وكم شوهت؟ وكم دمرت؟ وكم هي كلفة جرائمها المادية والمعنوية والأخلاقية؟، وما هي مساحات الفقر والجهل والمرض التي ستخلفها إلى عشرات السنين؟، مشدداً على أنّ مواجهة ثقافة الموت والدمار واستئصالها من سلوكيات الإنسان مقدم على ثقافة البناء، فهل يصمد البناء أمام معاول الهدم والدمار والذبح والإبادة والإفساد؟، ومن هنا ينبغي أن نرتب أولوياتنا، أملاً في الوقت نفسه بأن يتكرر أنموذج الشيخ الراجحي، إذ أنّ مشكلة التردي الاقتصادي مسألة عالمية لها علاقة باضطراب ثقافة الإنتاج والاستهلاك من باب ما يعرف ب"الاقتصاد الآمن للبلاد".
فساد مالي عريض
أما الأكاديمي والباحث الشرعي الدكتور عبدالله الصبيح، فإنّه يؤكدّ على أنّ هناك فسادا ماليا عريضا ينهب البلد وربما المبلغ يكون أكبر من المبلغ المذكور بكثير، حيث أنّ الفساد المالي إذا دخل بلدا ما فحينها لا حدود له، مشدداً على أنّ الثروة موجودة والعقول موجودة ولكن بحسب الصبيح فإنّ إرادة الإصلاح مفقودة، ويبقى التحدي الأكبر هو كيفية إيقاف الفساد المستشري في المؤسسات العامة والقطاعات الأهلية، مشيراً إلى أنّ الفساد يوقف بأمور من أهمها الشفافية في إرساء المشاريع والمحاسبة في التنفيذ وتفعيل فرمان الرقابة من خلال مجلس الشورى المنتخب، مضيفاً في حديثه :"الدولة أنشأت هيئة مكافحة الفساد ولم نرها عملت شيئاً في إيقاف الفساد أو في كشفه ومحاسبة المفسدين فلم يبق إلاّ تفعيل رقابة الشعب من خلال مجالس منتخبة"، مؤكداً بأنّ الذي يبدو مما نشاهده من فساد أعلن عنه خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بأنّ بعض الثروات لم تكن قد تكونت من طريق صحيح وعلى أثرها تمّ إنشاء هيئة لمكافحة الفساد إزاء مثل هذه الظاهرة.
من أكبر المفارقات
من جانبه يرى الكاتب الصحفي أ.طه بافضل، بأنّ مثل هذا الأمر يعدّ من أكبر المفارقات التي نشاهدها في حياتنا اليومية، فقد تجاوزنا الألف ثري ومترف، ومئات المليارات من الريالات، وأمامنا مناطق وأحياء في المملكة ما تزال يطلق عليها فقيرة، منوهاً على أنّ هذا يعني أنّ الزكاة لم تجمع بالشكل المطلوب، أو لم تستثمر بالشكل الفاعل والإيجابي أو أننا أمام هروب سيء يقوم به بعض الأثرياء للتنصل من دفع الزكاة بكافة الحيل والأساليب، مشدداً على أنّ هذا الأمر لو حصل فيعد سلبية كبيرة في حق المواطن السعودي المفترض فيه أن يكون مثالاً يحتذى في المسابقة لمثل هذه الأوامر الشرعية والقيم السامية النبيلة.
وحول دور الجهات المعنية من رسمية وأهلية لتحفيز هؤلاء الأثرياء على فعل الخير يؤكدّ بافضل، بأنّ هناك دور كبير تقوم به الجهات الرسمية والأهلية وهو ما تشهد عليه التقارير الرسمية والطوعية، ومع ذلك يبقى أنّ التعامل مع البشر يحتاج إلى مداومة وتفعيل وتجديد وتطوير وعدم الركون إلى أساليب عتيقة وطرق بالية في التنبيه على هذه الظاهرة ومحاولة التغلب عليها، معتبراً بأنّ الأموال التي تضخها المؤسسات التبشيرية هي أضعاف بكثير مما تقوم به جهاتنا الرسمية والطوعية، مضيفاً في حديثه قائلاً: "لا غرابة إن قلنا بالاستفادة من أساليب غيرنا في مسألة الحث والدعوة إلى الإنفاق وتحصيل الزكاة فربما تكون ثمة وسائل لم تستخدم بعد للحصول على نتيجة أفضل من ذي قبل"، ومشدداً على أنّ البطالة ظاهرة سلبية تصيب الفرد والمجتمع، وآثارها أيضاً سيئة عليهما، وبالتالي فإنّ وجود هذه الظاهرة مع وجود الثراء المالي في البلد يؤكد على ضرورة الإسراع في التغلب على بطالة الشباب القادر على العمل من خلال إفساح المجال لهم في ميدان العمل بخلق فرص متجددة تساهم في انتقالهم من البطالة إلى العمل والانتاج والإبداع في شتى مجالات الحياة، منوهاً على أنّه يمكن القول أنّ أرباح الأموال ستتكاثر كلما استطاع الأثرياء فتح مشاريع استثمارية استغلالاً لوجود الأيدي العاملة المؤهلة بمساعدة الدولة وهي بالفعل تسير في هذا الاتجاه والذي بحاجة للتأكيد على ضرورة استمراره وتفعيله.
خلق فرص جديدة
وعن الحلول العملية إزاء المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في ظل وجود مثل هذه الثروات هائلة يرى بافضل بأنّ التبرعات والدعم الذي يعطى للمؤسسات الخيرية لم يفعل أكثر ولم يستخدم استخداماً مقنناً ومتقناً ومنتجاً فقط يذهب دون أن يستثمر ويوظف التوظيف الأمثل، يذهب في مشاريع مكرورة، مؤكداً على أنّه كان من الأولى خلق فرص جديدة للفقراء والمساكين بإنشاء مراكز تدريب مهنية ومشاغل إنتاجية ومصانع صغيرة مع تعليمهم الإنتاج والجودة والإتقان في العمل بحيث يرتقي هؤلاء بأعمالهم لينافسوا بإنتاجهم البضائع الأخرى وعندها يمكن التغلب على ظاهرة انتشار الفقر.
يحتاج لدراسة دقيقة
من جهته يؤكدّ الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ إبراهيم التركي، بأنّ مثل هذه الظاهرة والإحصائيات التي تشير إلى الحجم الهائل في تضخم الثروات يحتاج إلى دراسة حتى تكون النتائج دقيقة، منوهاً على أنّها وعلى ما يبدو لها ثلاث اتجاهات الأولى تسليمها للجهة الرسمية وهي مصلحة الزكاة والثانية إخراج أصحابها لها بأنفسهم فردياً أو عبر مؤسسات خيرية والثالثة يمتنع عن إخراجها، ويبقى السؤال كم نسبة كل قسم، مشيراً إلى وجود جهود رسمية وتطوعية في هذا الإطار لكن يبقى التقصير كبيرا لاسيما وهذا أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، مرجعاً سبب وجود عدد كبير من العاطلين عن العمل بالسعودية إلى وجود مشكلة في سوء إدارة هذه الثروات وتركزها في مجالات غير منتجة، إذ أنّ الزكاة هي جزء من الحل إذا ما أحسن إدارتها عبر مؤسسات خيرية متميزة، منوهاَ بأنّ هناك الكثير من النماذج الرائعة موجودة وهي محل القدوة لكن يبقى الأمر الأهم هو تفعيل هذه الثروات في مشاريع منتجة خلاقة لفرص العمل، مشدداً على أنّ الزكاة تعدّ مصدراً عظيماً من مصادر تميز ديننا وهي بحاجة للكثير من الاهتمام تنظيراً وتطبيقاً مابين مراكز الدراسات الجامعية والمؤسسات الرسمية والخيرية.
عدم الثقة بين الجهات
وفي سياق متصل يعتقد الخبير في شؤون إدارة المشروعات الخيرية د.فيصل العمري، بأنّ هناك أسبابا في مثل هذه الظاهرة تكمن في عدم تبادل الثقة بين الجهات الخيرية والأثرياء فكثير منهم لا يخرج الزكاة، وتوزع بدون تخطيط مسبق، إضافة إلى أنّه يسيطر على الزكاة أفراد من باب الثقة يفيدون بالإنفاق ولا يتم ذلك، كما أنّ الأثرياء لا يثقون في مؤسسات الدولة المسؤولة عن الزكاة، ملمحاً بأنّ الجهات الرسمية والأهلية العملة بالعمل الخيري تفتقد إلى الاحترافية في إدارة مسؤولياتها ومهامها فالإدارة فيها إقصائية ولذلك لا يوجد إنجاز فضلا عن الإبداع، مشدداً على أننا نحتاج إلى برامج توعوية ولكن قبلها نحتاج الفئة التي تقبل التنفيذ وتحسن تطبيق هذه البرامج، وكذلك فإننا بحاجة إلى التغيير على مستوى الإدارات في مديريها وطاقم العمل، موضحاً بأنّ المسألة أكبر من كونها توزيع أموال فهي تتعدى إلى ثقافة بنيت في مجتمعنا وهي الاتكالية بسبب الطرح الإعلامي وسياسات اقتصادية احتكارية والسياسات المتبعة من بعض المسئولين حيث يرون بأنّه ليس من مصلحتهم تحرك الناس لعدم قدرتهم بعد ذلك على استيعابهم كما يتصورون مع أن عدم تقديم الزكاة يعد سبباً كذلك ولكن معه ما يدعمه في البطالة، مشيراً إلى أنّ وجود معاناة في لدى الجمعيات الخيرية في أسلوب استثمار وتوظيف هذه الأموال فهذا ليس اتهام ولكنها معاناة في إدارة أعمالها وأنشطتها.
وعن الحلول العملية إزاء المشاكل الاقتصادية والاجتماعية يكمن الحل بحسب رؤية العمري في أهمية وجود حل جذري لمثل هذه المشاكل، وإعداد من له القدرة على وضع برامج حقيقية للاستفادة من هذه الأموال ويكونوا قادرين على إدارتها وحمايتها ألا تنحرف عن أهدافها، إضافة إلى الصرف على تدريب العاطلين في بيئة العمل وتكون هذه الحوافز هي امتلاك العمل ولو على شكل فريق يدير معملا أو مصنعا وهكذا.
مقارنة مع أثرياء العالم
وعلى الصعيد نفسه الباحث في الشؤون الاقتصادية يؤكدّ الأستاذ عبدالرحمن الزهيان، بأنّ ما يسمى بأثرياء سعوديين يعتبرون مساكين بالنسبة لأثرياء العالم، فنحن نتمنى بأن يزيد الله في رزقهم ويزيد ثروتهم ويصبحون مثلهم، منوهاً على أنّ الأرزاق موزعة ويحرم علينا أن نشاركهم في ثروتهم على حد تعبيره، فكل ميسر لما خلق له، مضيفاً في حديثه: "المثل الشعبي يقول لو تلف لف الوحوش غير رزقك ما تحوش، هذه قاعدة اجتماعية يعرفها الجميع.
وينبغي أن لا نحسد أحد على رزقه، إن أرادوا أن يعطوا أحداً فيها فلهم ذلك، وان لم يرغبوا فنحترم إرادتهم"، مؤكداً بأننا نتقاعس عن العمل، فالشباب يريدون أن يصبحوا مدراء شركات منذ تخرجهم بالغش من الجامعات ولا يعرف يكتب جملة صحيحة لها معنى وخالية من الأخطاء الإملائية، والسوق التجاري يعمل فيه ملايين الأجانب متسائلاً: "فلماذا لا يعمل السعوديين فيها؟؟ ولكنهم يفضلون النوم والراحة"، مؤكداً على أنّ أصحاب الثروات والأموال هم أحرار في أموالهم ولا نستطيع أن نطلب من الناس أن تنفق أموالها التي تعبوا وعملوا على تنميتها، فمجتمعنا أصبح مادياً واستهلاكياً ويحسد ويكره أصحاب الثروات، ومن هنا فإنّ الأغنياء من المفترض أن يدفعوا زكاتهم لكننا لا نستطيع أن نجبرهم على فعل ذلك.
في حكم المسروق
أما الخبير في الموارد والتنمية البشرية الدكتور عبدالله الشمراني فإنّه يرى بأنّه لو أخرج الأغنياء زكاة أموالهم لما بقي فقير واحد، ولكن أغلب هذه الأموال جاءت بدون وجه حق ومشروع فأصحابها لا يؤدون زكاتها لأنّها في حكم المسروق، وهذا بطبيعة الحال ليس مطلقاً وإلاّ لو ظهرت السماء لعرفنا الطيب من الخبيث، منوهاً على أنّه لا أحد يستطيع أن يجبرك على دفع زكاة أموالك لأنّ الرقابة هنا رقابة ذاتية، وحتى مسألة تحفيز الأغنياء والأثرياء على دفع الزكاة فإنّه لمن لا يريد فإنّه لن يفعل، مشدداً على أنّ المسألة ليست متعلقة فقط في الثروة والبطالة وليس لعدم وجود وظائف بقدر ما هو عزوف من أغلب الشباب عن سوق العمل، لكن الشمراني في نفس الوقت يؤكدّ على أهمية إيجاد قانون يحكم الجميع تحت شعار"من أين لك هذا"، ولا بد من وجود قناعة أنّ المال للجميع وليس للمسئول وصاحب النفوذ، فعلينا أن نفكر جميعاً بعقلية المصلحة لا بعقلية القبيلة أو بعقلية الحزب والمناطقية وأن نؤمن بأنّ البلد للجميع لا لشخص دون آخر.
يحتاج للكتابة من مختصين
وفي نفس السياق فإنّ الكاتب الصحفي الأستاذ أحمد الدويحي يؤكدّ على أنّ إثارة سؤال حول مصدر هذه الثورة الفلكية يعدّ أمراً مهماً جداً وكبيرا في نفس الوقت ويحتاج إلى كتابة من مختصين كثيراً، فهذا كما هو معروف وجع دائم يثير المجتمع، لكن السؤال الأهم ما هو التشخيص الأمثل لمثل هذه الظاهرة، ثم ستتوالى بطبيعة الحال كل علامات الاستفهام كيف ولماذا ومتى؟، مشيراً إلى أنّ بلادنا تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم، وبلادنا من أكبر المصدرين للنفط في العالم ولا غرابة أن تجد شريحة من الأغنياء في واقع رأسمالي واقتصاد يردد بأنّه اقتصاد حر، فالمشكلة أن تتعاظم شريحة الفقراء في هذا الوطن إلى أن تصل للرقم المخيف الذي جاء بحسب تقرير الثروة العالمية والذي أصدرته شركة " ويلث إكس" للاستشارات فهنا لا بد أن نبحث عن الخلل ونشخص الدواء والدواء بشكل صحيح حتى نستطيع إيجاد حلول جذرية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا.
لا أحد يمتلك جواباً
من جانبه يوضح الأكاديمي والداعية الشرعي الدكتور عادل باناعمة بأنّ المشكلة تكمن في أنّ مثل هذه الظاهرة لا نملك نحنُ لها جواباً فمصلحة الزكاة والدخل تجبي الزكوات والمفترض أنّها تصرفها في الصالح العام ضمن المصارف الثمانية ولكن لا أحد يعرف أين تصرف ولا أظنك تجد أحداً يعرف، ولذلك فلن تجد جواباً سوى: الله أعلم ، أو شخصا لديه رغبة في أن ينتقد الواقع نقداً قاسياً، ولذلك من الصعب الإجابة حول مصدر هذه الثورات ومصير زكواتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.