كشفت معلومات حصلت عليها (اليوم) من أن الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، ظل يقاوم حتى اللحظة الأخيرة، اية أفكار لتخليه عن السلطة، استجابة للضغوط الشعبية التي عبرت عنها أكبر مظاهرات مليونية في تاريخ البلاد، وأنه رفض عروضاً عديدة للخروج «الكريم» من السلطة، بشكل يظهره أكثر استجابة لمطالب الشعب. وأوضحت المعلومات، أن الساعات ال48 الأخيرة، من حكم مرسي، شهدت تجاذبات كثيرة، بينه وبين القيادة العسكرية، التي وجدت نفسها في خيار وحيد، وهو الانحياز للشعب، مخافة سقوط البلاد في حرب أهلية، تؤدي لحمام دم بين المصريين. خاصة بعد إصرار الجماعة التي كانت تتحكم فعلياً في إدارة الحكم، على المضي قدماً في تصوراتها الرافضة لأي تنازل يقدم المصلحة العامة. وأوضح مصدر سيادي رفيع رفض نشر اسمه أن القوات المسلحة بذلت كل جهودها، لإقناع الرئيس السابق، بضرورة اتخاذ قرار مبكر، ينزع فتيل الأزمة العاتية، معتبراً أن خطاب مرسي الأخير، الأربعاء قبل الماضي، كان هو الفيصل في ضرورة اتخاذ قرار عسكري لحماية البلاد، ولكن والكلام للمصدر كان هناك أمل أخير في تغيير مواقف الرئيس قبل أن يتصاعد سلم المطالب ليشمل إزاحة الرئيس نفسه. المصدر، أكد أيضاً، أنه رغم عبارات المجاملات، التي حرص الرئيس السابق على توجيهها للجيش، إلا أن التوتر كان مكتوماً، خاصة عقب تعنت الرئاسة، في الاستجابة لدعوة الحوار الوطني في ديسمبر الماضي، التي دعا إليها الفريق أول السيسي، لكافة القوى السياسية التي رحبت، لكن استجابة مرسي لضغوط مكتب الإرشاد، بإلغائها، اعتبر إهانة للجيش وقيادته، إضافة للهجوم الممنهج من قبل قياديين بالجماعة ومحسوبين عليها، على القيادة العسكرية ووصل إلى حد الشماتة والتطاول، ضاعف من حفيظة الجيش. الخطاب الأزمة خطاب الأربعاء قبل الماضي، وخلال أكثر من ساعتين ونصف تحدث فيها مرسي، ظهر فيه وجه وزير الدفاع جامداً ككتلة الصخر، بشكل صعب على المراقبين تحليل انفعالاته، ولكنه حمل نذر الأزمة التي قصمت ظهر البعير، خاصة مع قرب موعد 30 يونيو، الذي حدده شباب حملة تمرد، لسحب الثقة من الرئيس. بدا مرسي، وكأنه يعيش في وهم المؤامرة، وأحاديث عن الماضي، وكلام بلا مضمون عن المستقبل، لتبدأ كتلة الجليد في التحرك والذوبان.. ليأتي الطوفان.. خلال هذه الساعات، كان الجيش يبذل محاولاته لإنقاذ البلاد، فيما تتعالى أصوات الجماعة وأتباعها بالتهديد والوعيد، وتعالت لغة السحل والقتل، على لسان قيادين من الإخوان.. فيما كان الخوف، كل الخوف.. من الدم الذي سيسيل. أوضحت المعلومات، أن الساعات ال48 الأخيرة، من حكم مرسي، شهدت تجاذبات كثيرة، بينه وبين القيادة العسكرية، التي وجدت نفسها في خيار وحيد، وهو الانحياز للشعب، مخافة سقوط البلاد في حرب أهلية، تؤدي لحمام دم بين المصريين. خاصة بعد إصرار الجماعة التي كانت تتحكم فعلياً في إدارة الحكم، على المضي قدماً في تصوراتها الرافضة لأي تنازل يقدم المصلحة العامة. كرة الثلج وفق المصدر، كرة الثلج بدأت ملامحها، تتبلور تحديداً منذ السبت 22 يونيو، وهو اليوم الذي ظهر فيه تصريح للفريق السيسي، وأكد فيه خلال ندوة تثقيفية بالقوات المسلحة، إنه «أهون علينا أن نموت، على أن تسيل قطرة دم مصرية» في رسالة ذات مغزى، وهي إشارة لم تفهمها الرئاسة بدقة، أو هوّنت منها، ليتفاقم الأمر، بالنظر إلى ما عرف في جمعة قندهار، حيث تجمعت أحزاب التيارات السياسية، وصبّ فيها قياديون بالجماعة، وأذرعها، جام الغضب على الجيش والقيادات العسكرية، وخرجت تصريحات، على لسان أشخاص مثل العريان والبلتاجي أبو اسماعيل، أقلها تهدد بإعدام السيسي.. دون أن يأتي ردع من الرئاسة أو التنديد على الأقل، بمحاولات الإساءة إلى رمزية أهم مؤسسة في الدولة. في ذلك اليوم، أيضاً، قدمت القيادة العسكرية، تقدير موقف، بخطورة اختراق الإخوان في مفاصل الدولة، وخاصة في أجهزة سيادية، مثل الأمن الوطني والمخابرات الحربية.. والتعامل المباشر من بعض قيادات مكتب الإرشاد مع مرافق حساسة، ليتأزم الأمر، بتجاهل الرئيس، اعتماداً على تصديق ما تروجه الجماعة باسم الشرعية. عدم اكتراث في اليوم التالي، الأحد 23 يونيو، التقى وفد رفيع من قيادات الجيش، برئاسة الفريق السيسي، ورئيس الأركان صدقي صبحي، طالباً من الرئيس (المخلوع) وضع حد لتجاوزات جماعته، الرئيس استمع، ولكن لم يبدو مكترثاً بالشكل الملائم، الأمر الذي دعا رئيس الأركان للغضب والحديث بشكل حاد مع الرئيس، ليتدخل الفريق السيسي، لتهدئته.. ويصدر بعدها بيانه الشهير، بمنح مهلة أسبوع دون استشارة الرئاسة لكافة القوى السياسية (ولكنها في الأساس موجهة للرئيس) بضرورة اتخاذ موقف إيجابي تجاه المطالب الشعبية، ليستشيط مكتب الإرشاد والرئيس غضباً. مرمى النيران ودون أن يحدث جديد، كانت كل الخيوط تنتهي إلى موعد «التمرد الكبير» 30 يونيو، دون كابح، مع توالي الحشد والحشد المضاد، لترتفع حدّة التوتّر، قبلها بساعات، خاصة يوم الجمعة 28 يونيو، حيث استعرت التظاهرات بشكل غير مسبوق، سواء من قبل الشعب في ميادين مصر، أو من قبل التيارات الدينية عند مسجد رابعة العدوية، وما حدث هناك من تصعيد على منصتها من قبل قيادات الإخوان وشخصيات أخرى دينية.. اعتبر بشكل صريح دعوة للعنف وتحريض على القتل. ضربة الداخلية الجماعة، بدأت تبحث في سراديبها عن مخططاتها القديمة، إذ بينما استقالات بعض الوزراء والمسؤولين، أصبحت تهز اركان النظام، كانت الإشارات على الأرض تختلف، رسائل علنية بالعنف واستهداف مسيرات المعارضين، وتحريضات على الاستشهاد، لتنزف مصر من جديد دماء متفرقة في اشتباكات كانت استعراضاً للقوة، وتهديداً بما يمكن أن يحدث.. حيث سقط أكثر من 50 شخصاً وأصيب قرابة 3 آلاف في ضريبة عزل مرسي. الأجهزة الأمنية، التي أعلنت عن ضبط أكبر كمية من الأسلحة والذخائر، لدى عناصر تابعة للإخوان وجماعات متشددة، وجدت نفسها تنحاز بقوة لإرادة الشعب، وتصدر الداخلية بيانا، تؤكد فيه تضامنها مع القوات المسلحة في بيان الإنذار الأخير.. ليسقط في يد الرئيس والجماعة، بأنها أصبحت لا تواجه الشعب وحده.. وهنا تدخل مصر في أخطر 48 ساعة في تاريخ البلاد. لا جديد القيادة العسكرية، يوم الاثنين الماضي، وخاصة الفريق السيسي، وصل إلى دار الحرس الجمهوري، حيث يتواجد الرئيس، في مكان آمن، التقى الرئيس، ودار نقاش طويل، كان فيه الرئيس غاضباً بشدة، مما اعتبره انذاراً له، وزير الدفاع حاول أن يفهمه بخطورة الأوضاع، وأن المسؤولية التاريخية تحتم الوصول لحل يجنب البلاد المخاطر، انفض الاثنان على وعد بقرار ما. مرت ساعات من بعد الظهر، وطيلة الليل، ولا جديد، الرئيس التزم الصمت، وكان حواره المباشر فقط مع الجماعة وقياداتها. مفاوضات وتصلب ظهر الثلاثاء، توجه الفريق السيسي، للرئيس مرة أخرى، وسأله عما فعل.. تحدث الرئيس مطولاً عن الشرعية، وقال انه مستعد لحل الأمر، بإقالة حكومة قنديل، وتكليف الفريق السيسي بتشكيل حكومة جديدة، ففطن وزير الدفاع للفخ، الذي يعني في خطوة أولى إبعاده عن وزارة الدفاع، وربما «رشوة» له، ابتسم السيسي وقال في لهجة حادة:»سيادة الرئيس.. أنا مش جاي علشان منصب.. أنا جاي أنقل إرادة شعب»، فقال مرسي: يعني إيه؟ فأجاب السيسي: هي كلمة واحدة من 4 حروف.. ا. ر. ح. ل. طأطأ مرسي رأسه قليلاً، وقال: يمكنني نقل صلاحياتي لهشام قنديل. رد السيسي: تعرف سيادتك أن الشارع لا يقبل قنديل.. خاصة في هذه الأوقات. فقال مرسي: «سيبني أفكر شوية» ثم طلب أن يسجل خطاباً للشعب.. وانصرف السيسي ومن معه. وبينما أدرك القائد العسكري، أن الرئيس يراوغ، فيما الأصوات الهادرة لا ترى غير الرحيل، ولا فائدة من أية محاولات. سرت أقوال عن أن الرئيس طلب 3 شروط لتنحيه، أهمها عدم ملاحقته، والسماح له بممارسة العمل السياسي، وكذلك ضمان بقاء الجماعة على الساحة بعد ذلك.. لكن ذلك لم يتم تأكيده. القشة الأخيرة سجل مرسي خطابه، وأرسله لإذاعته، كان الجميع يتوقع أن يخرج الرجل بحل، جلس القادة العسكريون، الذين كانوا في حالة انعقاد دائمة، يشاهدون تسجيل الخطاب قبل بثه للشعب.. لم يتغير شيء، بل نفس الكلام عن مؤامرة، وتمسك بالشرعية، وإلقاء التهم على النظام السابق، دون استماع لأي نصيحة.. نظر المتواجدون أمام شاشة العرض لبعضهم البعض، وتلاقت عيونهم، فيما يبدو أنه قرار الحسم.. خاصة بعد سماع كلمات بعينها، جاءت في الخطاب، رأوا أن فيها كلمة سر معينة، للأتباع والأنصار، مع علمهم أن الرئيس راجع كلمات الخطاب مع المرشد العام السابق مهدي عاكف، الذي أدخل تعديلات بعينها.. فأمر السيسي بإذاعة خطاب الرئيس على الفور، ربما لإفهام الشعب بأن اللغة لم تتغير، ويخسر الرئيس آخر ما تبقى من رصيد، انعكس في موجة الرفض العارمة له. قصر الاتصالات إلى هنا تسربت الأنباء، عن عزم الرئيس بالتشاور مع مكتب الإرشاد على إصدار قرار جمهوري، يقضي بخلط الأوراق، ويتضمن إقالة وزير الدفاع وجميع القيادات العسكرية، إضافة لإقالة وزير الداخلية، وحل المحكمة الدستورية العليا، لتتصاعد الأزمة. صدرت توجيهات سريعة ومباشرة، بما يشبه تحديد إقامة الرئيس، وقصر الاتصالات على 8 أشخاص بعينهم، منهم سكرتيره الخاص ومدير مكتبه، وبعض مساعديه ومستشاريه، وبدأ استدعاء خطط إدارة الأزمة لدى القوات المسلحة، ليظل الجميع في اجتماع مفتوح استمر حتى ساعة مبكرة من صباح الأربعاء.. وانفتحت الخطوط مع كافة التيارات السياسية والرموز الدينية (الأزهر والكنيسة) لوضع خارطة طريق لمرحلة ما بعد مرسي. وبينما كانت الساعات تمر بطيئة، كان الأمل في عدول مرسي عن تصلبه، أحد المجتمعين، راهن على عدم حدوث أي تغيير، بل أن أحد كبار القادة، قال ان الرجل لن يتصرف إلا وفق ما تقول جماعته. الوقت الحرج قبل ظهر الأربعاء، ذهب الفريق السيسي، للرئيس، وحاول إقناعه بالفرصة الأخيرة، حيث لم تتبق سوى ساعات قليلة على انتهاء المهلة، ولكن مرسي رفض.. وانتهت المهلة. اتفق القادة العسكريون، على محاولة إقناع الرئيس بخروج كريم، وأوصلوا رسالة للرئيس، بأن الجيش سيؤخر قراره على أمل أن يعلن مرسي نفسه، طرح نفسه للاستفتاء، أو تحديد موعد لانتخابات رئاسية مبكرة تنهي الأزمة.. وبالمقابل فللرئيس حرية اختيار مراسم رسمية في حال رغبته في الذهاب إلى أي مكان أو دولة خارجية. ما بين الساعة 4.30 موعد انتهاء المهلة العسكرية، وما بين الساعة 9 من مساء الأربعاء، كان الترقب لما سيقوله الجيش، وبينما كانت القيادة العسكرية تحاور التيارات السياسية والدينية، وسط تخلف حزب الحرية والعدالة، الذي رفض دعوة الحضور، كانت عناصر القوات الخاصة والأمن تنتهي تماماً من تأمين المرافق الحيوية بالبلاد، وجرت عمليات واسعة النطاق لتأمين ميادين التظاهر، خشية اي محاولات تفجير أو فتنة. فاتك القطار وفق مصادر وثيقة، فإن مندوباً عسكرياً وصل عند السابعة من مساء الأربعاء لمقر الحرس الجمهوري، واصطحب الرئيس، إلى إحدى استراحات وزارة الدفاع، لتحديد إقامته، وأبلغه بلهجة صارمة أنه «منذ اللحظة لم تعد رئيساً للبلاد»، فهب مرسي غاضباً وضرب الطاولة بقبضته: كيف.. والشرعية؟ فكرر المندوب العسكري: سيادتك لم تعد رئيساً.. تم عزلك. جلس مرسي، ثم بكى بشدّة.