الكتب والمطبوعات بضاعة قليلي الحيلة أمثالنا ممن تربوا بين أحضان المطابع ورائحة الأحبار والورق ، فبين دفتي كل مطبوعة يجدون سلوتهم ، وفي البحث عنها يمارسون أمتع هواياتهم التي ينفقون عليها بسخاء ربما أكثر من متعة النزهة في « ديزني لاند » أو غيرها ، والغريب أن في طرف « وول ستريت » شارع المال والبورصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية الذي ظل منذ القرن السابع عشر رمزاً للرأسمالية وعنوان المال والتجارة ليس في أمريكا فحسب بل في كل العالم حيث لا تخلو جيوبنا أبداً من بطاقات مالية تحمل شعار مؤسسات عالمية تتخذ من ذلك الشارع مقرا لها ، والغريب كما أسلفت أن الذكاء المالي الأمريكي يلبي كل أذواق السياح ومرتادي هذه البقعة « مانهاتن « وحتى المتطفلون على التجارة والتجار أمثالي يجدون مرتعاً لهم هناك بين المباني التاريخية والأسماء الأكثر شهرة في تجارة العالم ، ففي جانب من ذلك الشارع الشهير بمجسم الثور الضخم يعرض أحد الباعة إن ثور « وول ستريت » متحفز للبحث عن زاده دائماً مهما كلفه الأمر من القتال والمنازلات ف « قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق » كما في مثلنا العربي الشهير وهو ما يندرج ضمن المخيال العالمي للنفس البشرية عموماً وفطرتها المجبولة على التملك والاستحواذ بالقوة غالباً أعدادا من صحف قديمة صادرة في مدينة نيويورك ويبالغ الرجل في أثمانها ربما بحكم نكهة الموقع وطبيعة زواره أو لتاريخية هذه الصحف وشهرتها ، عموماً اشتريت بعضا من نسخ « The New York Times » الصادرة في العام 1943م حين كان سكان العالم كافة مهمومين بالحرب العالمية الثانية وتداعياتها ، فتبرز عناوين ذلك العدد من الصحيفة توجهات الحلفاء ومآل المزاج الياباني نحو الاستسلام و تقهقر ألمانيا نحو الانهزام بعد أن حصدت الحرب زهاء 61 مليون نفس بشرية وشارك فيها 100 مليون جندي من كل الأطراف ، فالصحيفة تبرز أن الحلفاء ماضون نحو النصر في تلك الحرب التي كان باعث قيامها اقتصادياً صرفاً وفقاً لما أعقب الكساد الكبير عام 1929م من تدابير اقتصادية عالمية ، فكانت الصحيفة تبشر القراء بأن هناك تفريخا كبيرا للوظائف في السوق الأمريكية بسبب الحرب يصل في ذروته اليومية إلى 30 ألف وظيفة تتركز في مصانع الأسلحة والمعدات الثقيلة ، وخلاصة القول إن ثور « وول ستريت » متحفز للبحث عن زاده دائماً مهما كلفه الأمر من القتال والمنازلات ف « قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق « كما في مثلنا العربي الشهير وهو ما يندرج ضمن المخيال العالمي للنفس البشرية عموماً وفطرتها المجبولة على التملك والاستحواذ بالقوة غالباً ، ولا أعرف لماذا بائع الصحف القديمة يتمركز في ذلك المكان تحديداً ، فهل هو يكمل البانورامية الاستعراضية لمكونات شارع المال وارتباطه بعصب القوة والجبروت ، أم هو يوثق كما أخمن فكرة هذا الجانب لنوعية أمثالي من الزوار ليحمل لهم رسالة مباشرة عن تاريخ الحضور المؤثر لهذا الشارع في ذهنية الرأسمالية أم أن الرجل وجد في بعض مقتنياته ما يمكن أن يجلب المال حتى في روائح الأحبار المعتقة التي تستجذب من يدفعون بسخاء لمجرد اقتناء صحيفة أو كتاب له ذكرى أو تاريخ ليغذوا فكرهم بالجديد منها ، ولكن تبقى الفكرة الأهم أن وراء كل حرب أو اقتتال في كل بقعة من العالم مصالح تميل في غالبها إلى المادية لذلك فليعي كل المتخاصمين أن مآل حروبهم إلى خسران ويبقى فقط من يتربح بدمائهم. Twitter @nahraf904