من المقولات الملهمة التي يتداولها الصينيون في ملتقياتهم : ( إذا أردت مشروعاً تحصده بعد عام فازرع قمحاً ، وإذا أردت مشروعاً تحصده بعد عشرة أعوام فازرع شجرة ، وإذا أردت حصاد مائة عام فعلم الشعب ) ، ومن خلال هذه العبارة نرى كيف وضع الصينيون يدهم على بيت القصيد ، فأفضل حصاد يُجنى من حقول التعليم المتميز ، ولأننا نطمع في تطوير المحصود فعلينا البحث في حقل التعليم عن المفقود . في تعليمنا ينصب الاهتمام على «الحفظ» ، والطالب الذي يستطيع استرجاع أكبر قدر ممكن من المعلومات المحفوظة يتصدر قائمة الطلاب المتفوقين ، وتراجعت أولويات الاهتمام بمهارات «الفهم» و «التحليل» و «النقد» و «التطبيق» ، فمنظومتنا التعليمية وقاعاتنا الدراسية توفر الكم الهائل من المعلومات للطالب وتهمش تدريب الطالب على استخدام هذه المعلومات في حياته اليومية !. ثقافة «التلقين» هي الثقافة المسيطرة في بيئتنا التعليمية ، والمعلم يتحول لمحاضر في قاعة الصف ، والحس التدريبي متوارٍ أمام هذه الثقافة الطاغية ، والعمل مع الطلاب على أنهم مجموعة من المتدربين الباحثين عن المعلومة والمهارة معاً خاضعة لاجتهاد معلم نادر يؤمن بهذا المبدأ ، وقد تجده وقد لا تجده الشعور الذي يتملك التلميذ ويحركه في أسوار التعليم أن العلم هو للاختبار وليس للحياة ، ولذلك لا تحاول أن تسترجع معه التواريخ والتفاصيل التي حفظها بعد خروجه من الاختبار لأنه يعتبرها معلومات انتهت فترة صلاحيتها ، فالتعليم عنده مرتبط بالاختبار وليس بالحياة مع الأسف الشديد . ثقافة «تعلم المهارات الحياتية» غائبة في بيئتنا التعليمية ، فالمنهج اختزل في المقرر الدراسي المثخن بالمعلومات ، فالمدارس ليست مطالبة في مخرجاتها أن تعلم الطالب كيف يتخذ القرار ، ولا كيف يثق بنفسه ، ولا كيف يتعامل مع التحديات ، فالمسؤولية التي يحاسب بها المعلم هي الانتهاء من الصفحات التي بين دفتي الكتاب المقرر من الوزارة . ثقافة «التلقين» هي الثقافة المسيطرة في بيئتنا التعليمية ، والمعلم يتحول لمحاضر في قاعة الصف ، والحس التدريبي متوارٍ أمام هذه الثقافة الطاغية ، والعمل مع الطلاب على أنهم مجموعة من المتدربين الباحثين عن المعلومة والمهارة معاً خاضعة لاجتهاد معلم نادر يؤمن بهذا المبدأ ، وقد تجده وقد لا تجده !. التخصص الدقيق هو السلعة المطلوبة في هذا الزمن ، والمتخصصون المهنيون هم من يضع الحلول الأفضل ، ونظامنا التعليمي ينتج هلامية ثقافية تغرق فيها أنهار التخصص في محيط التنوع . النتائج والمخرجات التعليمية على مستوى «القيم» دون الحد المأمول ، ونظرة بسيطة لسلوكنا في : ( الإخلاص والنزاهة والصدق والعدل وحفظ الحقوق ...الخ ) تجعلنا نجزم بحتمية تغيير طرق غرس هذه القيم في منظماتنا التعليمية ، وهذه الأموال الضخمة التي تصرف في التعليم ستكون أكثر كلفة إذا كانت الجودة ضعيفة . قد يكون توقيت هذا المقال غريباً كونه يتحدث عن التعليم ونحن في إجازة تعليمية ، ولكن العاقل من يجرد موسمه بعد الحصاد .