قال الفنان والناقد التشكيلي السعودي أحمد فلمبان: إن الفن التشكيلي لدينا لا يزال يقف في حدود « الظاهرة»، ولم يصل إلى مستوى الحراك بمفهومه العلمي ، بسبب وجود العديد من العوائق التي تعترض مسيرته وتَقدُّمه ووصوله إلى المستوى الذي يميزه عن باقي الفنون العربية والعالمية . «اليوم» حاورت التشكيلي أحمد فلمبان عن القضايا التي تهم الساحة الفنية ورؤاه الفكرية حِيال هذه القضايا وعن كتابه الموسوم ذاكرة على السطح والذي سيتم تدشينه في حفلٍ كبير يتزامن مع معرضه الشخصي المزمع افتتاحه هذا الشهر برعاية جمعية الثقافة والفنون بمحافظة جدة .. وإلى الحوار : كيف تنظرون للحِراك التشكيلي بمدينة جدة ؟ - الفن التشكيلي لدينا لا يزال يقف في حدود « الظاهرة « ولم يصل إلى مستوى الحِراك بمفهومه العلمي ، بسبب وجود العديد من العوائق التي تعترض مسيرته وتقدّمه ووصوله إلى المستوى الذي يميزه عن باقي الفنون العربية والعالمية ويعبّر عن حالة فنية أصيلة ، فالطابع مفقود والأصالة « مُمْحاة « عبارة عن تشويش وخلط ، ومعظم الأعمال محاكاة واقتباس من هنا وهناك ولا تنفصل في استقاءاتها عن التيارات والاتجاهات والأساليب والأنماط الفنية السائدة في جوهره وفي مظاهره والإستفادة من تجارب الفنانين العرب في استخدام التراث لبناء اللوحة واستعارة المفردات الشعبية والحرف العربي لمنحه الهوية المحلية ، وفي الآونة الأخيرة هناك ركض جنوني خلف السوق وتقليد ممَّن تذهب إليه الجوائز ، لذا نجد أن جميع الأعمال متشابهة في الأسلوب والإستلهامات وأيضا الصِّيَغ .كلّه تجريدي ومفاهيمي وهَمَ بها جاهلون !! لقد اصبح الفن مهنةً لمن لا مهنة له ، لدينا أكثر من 4128 فنانا وفنانة منافسين كمًا وعددا دول العالم المتقدمة في الفنون ! هناك خلط بين الفنان الجاد والمتطفّل على الفن ، لقد اصبح المتلقّي ضائعاً وسط هذا الزخم والكم الهائل ، والأسباب كثيرة ويحتاج إلى مجلدات . .. وهل الصالات الفنية تضطّلع بدورِها كما ينبغي للارتقاء بالفن التشكيلي السعودي ؟ - صالات العرض الفنية إحدى أسباب تعاسة الحالة ووقوف الفن التشكيلي السعودي عند حدود الظاهرة لأنها ذاتها تعيش في وضع كئيب تزيد من هموم الفن التشكيلي المحلي لِتذبذُباً في الطروحات وضحالة في نوعية العروض ، لقصور بقواعد وحرفية المهنة واستغلال الوضع تجاريا في ظل غياب التقييم والتصنيف وقانون العرض ورزوح مالكيها والعاملين فيها تحت هموم ومعوّقات في معطيات هذه الإشكالية والتي تفرضها المهارات التسويقية والبريق الإعلامي على القدرة الإبداعية ، والمشكلة الكبرى أنّ الصالات تزاول نشاطها علَناً دون تراخيص قانونية كصالة عرض فنية (جاليري) ولا ترتبط بمرجعية لها علاقة بالثقافة والفن !! مسمّاها الرسمي غير مسمّاها في العلَن وتزاول نشاطا مخالفاً لِما هو مسجل في الجهات المسئولة عن البقالات والسوبرماكت والعجلاتية !! ، وأنا في رأي يجب أن تكون هذه الصالات تحت مظلة المحافظة أو وزارة الثقافة أو جمعية الثقافة وتخضع لمعايير وشروط كصالة عرض فنية ومراقبة آدائها ، وإشراف الشرطة والدفاع المدني لمتطلبات الأمن والسلامة . ماذا عن كتابكم الذي سيتم تدشينه هذا الشهر ؟ - هو استحضار لذكريات الماضي (الطفولة والدراسة والوظيفة ، علاقتي بشتى أنواع الفنون ، المضامين الفنية ، رحلة الغربة ، ملامح من إيطاليا ، ونماذج من أعمالي الفنية خلال نصف قرن ونماذج من أعمال الفنانين السعوديين خريجو الأكاديميات الإيطالية ونماذج من أعمال ابرز الفنانين العرب خريجو الأكاديميات الإيطالية ، ولمحات للكثير من الأحداث والقصص والقيم الاجتماعية ، كتبته بنفسي لقناعتي بأني أعرف الناس بحياتي وامتلاكي أسرارها وتفاصيلها وتطوراتها حتى لا أثْقِلُ على الآخرين ولا أُحمِّلهم مالا طاقة أو علما لهم به وأُحمل نفسي مصاريف الاستعانة بكاتب محترف يجاملني ويكيل لي الألقاب المفخمة ويبالغ في الإطراء والتمجيد ، آمل أن يجد القارئ العزيز فيه ما يجذبه ويشده إليه فيتفاعل معه ويتداخل مع مجرياته بأي صورة شاء أو أي انطباع يقرر فقد عشت حياتي كما شاءت لي الأقدار ،وبالتالي من حق الآخرين أن يتخذوا موقفهم المناسب حيال هذه الحياة المختصرة في وريقات هذا الكتاب. وأدعو الله أن يقيني شر الزلل ولا يؤاخذني بالخطأ غير المقصود.، المكتبة التشكيلية العربية تعاني ندرة في الكتاب التشكيلي المتخصص .ماهي تصوراتكم بهذا الصدد؟ - المكتبة العربية عامرة وغنية بالكتب الفنية وخاصة المترجمة وفي كل المجالات لأن هناك جهات رسمية وكليات ومعاهد ومدارس وجمعيات ومؤسسات فنية ترعى وتدعم البحث والتأليف والنشر ، ولكن لدينا عكس ذلك تماما لعدم وجود تلك الجهات الفنية ، والموجود لا يُسمِن ولا يُغني من جوع ، ونتمنى من وزارة الثقافة وجمعية الثقافة والفنون والأندية الأدبية ودور النشر تشجيع ودعم المؤلفين والباحثين على خوض غمار التأليف والبحث في الفن التشكيلي السعودي ، وأنا أحد ضحايا هذه الإشكالية ، ولديّ العديد من الكتب الفنية تنتظر الطباعة ، ونأمل أن يكون المستقبل أحلى.