الحق لا يصنعه المنطق،المنطق يبرّره فقط! المنطق فقط يجعل القلب مطمئناً لاختياره الحق قِبْلةً، المنطق هو طاولة الشاي بين الحق والضمير،إذا كانت العلاقة بينهما حميمية فإنهما سيصبحان قادرين على تناول كاسات الشاي بمتعة،والنكات،والأحاديث التي تحمل نكهة الحياة اليومية،تعب الحياة،خبز الهم الطازج الخارج للتّو من فرن آهة خارجة بدورها للتو من قلب «أبو محمد» ذلك العجوز الذي يملك بيتاً طينيّا خلف دكان «للبشوت» في وسط الشارع! المنطق هو وسادة الضمير الريشيّة التي تطرز شرشف الأحلام بخيوط فجرٍ تنتظر نداه زهرة الفرح! المنطق هو مرآة الضمير التي إذا رأته إمّا أن تصفق له بحرارة إعجاب وفخر، أو أن تمد لسانها بوجهه هازئة! لن يهنأ بعيشٍ من تمدّ له تلك المرآة لسانها، تعرف القلوب أنها تخلصت من ذلك الذي يحول بينها وبين الوصول إلى الحق عندما لا تتمنى الأذى لأي إنسان،وألا تكون سبباً له،عندما تصل القلوب إلى هذا الحد من النقاء حينها فقط تصبح قادرة على رؤية طريق الحق سيظل إحساسه بالنقص المهين ملازماً له حتى لو وقفت الدنيا على قدميها عند مروره مبدية مظاهر الاحترام والتبجيل! سيبرد الشاي على تلك الطاولة،وسيتناول كلّ من الحق والضمير الشتائم المتبادلة، إذا سقط المنطق تحولت تلك الوسادة إلى زجاج مهشم،وذلك الشرشف إلى كفن. المنطق يبرّر الحق ولكنه لا يصنعه،إنه فقط يزيّن مكاناً مرتفعاً لصوت الضمير المتوّج! إنما الحق هو ما تدل طريقه القلوب التي اختزنت في داخلها نقاء إنسانيتها،حتى وإن خُفي عنها «منطق» إيمانها بأن الحق قبلةً لا تَطْهر خطوةٌ إلاّ بالإتجاه إليها! الحق فطرة الإنسان الأولى تعرف القلوب المبصرة طريقه،تقودها رائحة تلك الفطرة التي لم تقطع حبلها السري مع تلك القلوب،ظلت تلك الفطرة ممسكة بذلك الحبل ما أمسكت به تلك القلوب! أما القلوب التي تقطع حبل الوصال بينها وبين فطرة الحق فستعاني كثيراً للوصول إليه،هذا إن استطاعت! هذه القلوب ..ستفقد نعمة البصر رويداً رويداً كلما ابتعدت عن تلك الفطرة،ستحشر كل الرمضاء في صدورها..ستخرج أنفاسها ..لهيباً كألسنة النيران الخارجة من فم تنّين..وستموت عطشاً..وناقصة عُمر مهما طال بها العمر. لن يعرف طريق الحق سوى القلوب المبصرة.. هي وحدها القادرة على المشي في جنح الظلام حاجّةً إليه ملبيّة نداءه! هي وحدها القادرة على تمييز رائحته من بين أشباهها! والقادرة وحدها على تحسّس جمرة صوته بيديها، وحدها القلوب المبصرة القادرة على قراءة خط يده، وحدها التي تعرف طريق الحق قبل أن تطئه أقدامها،دون أن يرشدها المنطق، المنطق يأتي لاحقاً ليريها الخارطة كاملة ليثبت أن الطريق التي اختارته تلك القلوب كان الطريق الوحيد إلى الحق،ثم يثني على قيامها بعمل الصواب! ولكي تصبح القلوب مبصرة تعرف طريق الحب لا بد أن تتعرض لعملية «فلترة»، تنقّيها من شوائبها التي تقف حائلاً بينها وبين طريق الحق، وتعرف القلوب أنها تخلصت من ذلك الذي يحول بينها وبين الوصول إلى الحق عندما لا تتمنى الأذى لأي إنسان،وألا تكون سبباً له،عندما تصل القلوب إلى هذا الحد من النقاء حينها فقط تصبح قادرة على رؤية طريق الحق. لذا تابع مسيرك في طريق الحق مسترشداً بقلبك المبصر،ولا تحزن إن خفي عليك المنطق..تأكد أنك ستكشفه لاحقاً.