واحتج القائلون بحد الردة بما رواه ابن مسعود قال: قال رسول الله لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة . ورد بأن في سنده حفص ابن غياث مجروح بسوء الحفظ وكثرة الغلط ، وفيه الأعمش مدلس رواه بالعنعنة . ولفظة (التارك للجماعة) تشير إلى وقوع ما هو أكثر من الردة المجردة كحرابة ونحوها فلا يسلم بأنه نص في الردة المجردة. أما حديث ابن عباس قال: قال صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه . في معنى الحديث اختلاف كثير من جهات الأولى: هل تشمل (مَن) في (من بدل.. ) الذكر والأنثى ؟الثانية: قوله: (دينه) هل هو عام في كل دين ؟ الثانية: قوله: (دينه) هل هو عام في كل دين ؟ الثالثة: قوله: (فاقتلوه) هل يلزم منه مباشرة القتل قبل الاستتابة ؟ أم لابد من الاستتابة ؟ وهل يستتاب استحبابا أم وجوبا ؟ وهل الاستتابة ثلاثة أيام ، أم أقل ، أم أكثر ، أم يستتاب أبدا . . . : في سنده عارم محمد بن الفضل اختلط في آخر عمره ،وفيه عكرمة رمي بالكذب وكان يرى رأي الخوارج . وفي معنى الحديث اختلاف كثير من جهات : الأولى: هل تشمل (مَن) في (من بدل.. ) الذكر والأنثى ؟ . الثانية: قوله: (دينه) هل هو عام في كل دين ؟ . الثالثة: قوله: (فاقتلوه) هل يلزم منه مباشرة القتل قبل الاستتابة ؟ أم لابد من الاستتابة ؟ وهل يستتاب استحبابا أم وجوبا ؟ وهل الاستتابة ثلاثة أيام ، أم أقل ، أم أكثر ، أم يستتاب أبدا. كل هذا يدل أن المسألة اجتهادية ظنية الثبوت والدلالة وأقصى ما يقال انها عقوبة تعزيرية للحاكم إنفاذها وله تركها حسبما يراه فقد ثبت ترك النبي للأعرابي الذي طلب الإقالة ومن أسلم ثم تنصر ومن استهزأ فنزلت فيهم (قل أبالله ..) وستأتي قصة ابن أبي السرح، بل لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل أحدا لردة فقط ، إنما قتل من قتل لما اقترن بالردة من عداوة وحرب. فإن من آمن عمل لنصرته ، ومن ارتد عمل على حربه كما حدث مع ابن خطل ، أسلم وهاجر ثم بعثه النبي ساعيا على الصدقة ومعه رجل يخدمه , فقتل الخادم وفر من القصاص بالصدقة حتى جاء أهل مكة وقال لهم: لم أجد دينا خيرا من دينكم ، وأخذ يهجو النبي ويسبه فليست هذه ردة مجردة. ومن احتج بقتل الأسود العنسي رد بأنه لم يثبت أنه أسلم أصلا حتى نقول بردته. ومن احتج بقتل النفر من عُكْل وعرينة فإنهم غدروا وقتلوا الرعاة ، وسرقوا الإبل ، فليست ردة مجردة بل حرابة أنفذ فيهم رسول الله حد الحرابة وليس القتل فقطع أيديهم وأرجلهم وسَمَل أعينهم. وأما مِقْيس بن صُبابة فإنما جاء يثأر ممن قتل أخاه خطأ فتظاهر بالإسلام وأخذ دية أخيه ، ثم قتل من قتل أخاه ، وهرب مرتدا ، فأمر رسول الله بقتله قصاصاً فليس هذا ردة مجردة . أما حرب أبي بكر للمرتدين فالحق أنه أنفذ جيش أسامة فأصبحت المدينة بلا جيش قوي يحميها ، فتشجع الأعراب المحيطون وجاءت وفود القبائل رافعة راية العصيان تفاوض على منع فريضة الزكاة ، فقال: والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه. فهم تمرد مسلح يستهدف المنازعة في حق مفروض واجههم أبو بكر بنفس السلاح ولم يقل أبو بكر حينها: (من بدل دينه فاقتلوه) ولا شأن لحرب الردة بحد الردة. ويتأيد القول بأنه ليس حدا ما روي في قصة عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، أسلم بمكة , واتخذه النبي كاتبا , فأدعى أنه يلقن النبي الوحي وظل بعدها طاعنا في النبوة يؤلب قريشًا ، فأهدر النبي دمه ، فلما كان فتح مكة لاذ بعثمان بن عفان وكان أخاه في الرضاعة ، فغيبه عثمان حتى اطمأن الناس ، ثم أحضره إلى النبي وطلب له الأمان فصمت رسول الله طويلاً ، ثم أمَّنه ؛ فأسلم. والحد لا تُجوز فيه الشفاعة لقوله عليه السلام: (أتشفع في حد من حدود الله) ، فلو كان هناك حد للمرتد لم يقبل النبي شفاعة عثمان في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ولأقام عليه الحد ؟. ويتأيد أيضا بأن النبي قبل في صلح الحديبية: أن من أتى قريشاً ممن كانوا مع رسول الله لم يردوه عليه ، وقبول النبي لشرط ترك المرتد دال على أنه ليس حدا ؟. [email protected]