في كتابه «هل قررت أن تطير؟» الصادر مؤخرًا عن دار المؤلف، يدعو الكاتب متعب القحطاني قارئه إلى التحليق بعيدًا عن التشاؤم من الواقع والإقلاع عن أرض يشد إليها بحبال من السلبية والإحباط ليحلّق عاليًا باتجاه طموحه. كتاب القحطاني لا يعبّر عن مجرّد أفكار نظرية أو عبارات حافزة، لكنّه يصوغ مجموعة من التأملات والخلاصات والقناعات التي ولدت من رحم التجارب المعاشة التي خاضها الكاتب بنفسه، ومن عمق القصص والمواقف التي شهدها، وخلاصة حياة أشخاص التقاهم. ويركز الكاتب على أن تكون القيم والمبادئ التي يقدمها في كتابه تعبيرًا عن مشتركات إنسانية يتفق عليها العقلاء والأسوياء مهما تباعدت بينهم الأزمان والأماكن. وهو يسلط الضوء على مساحات مظلمة تسكنها أفكار سلبية ورؤى متشائمة نحو المجتمع والحياة يحاول أن يسهم في تغييرها لتنطلق الابتسامة بالإنسان في ميادين الحياة محبًا للخير والناس والكون. ومن العبارات المشعة المبثوثة في ثنايا الكتاب نقتبس التالي: -إن الفارق الزمني بين رسم خيوط المستقبل الحلم وبين الانتقال إلى مرحلة التخطيط ومن ثم التنفيذ، هو ما يصنع الفرق بين «الناجحين» الذين حلّقوا بعيدًا وسرب «الحالمين» الذين ما زالوا فوق أغصان الوهم يتغنّون بأحلامهم. -إن للأمل لمعة في عيون الطامحين، وللطموح جلجلة في نفوس الناجحين، وللنجاح لذة لا يستشعرها إلا من آمن بنفسه أنه قادر على إحداث الفرق وتغيير الواقع. بجولة خاطفة على العناوين يلفت انتباهنا موضوع بعنوان « شكرًا عمّ أحمد» يصف فيه الكاتب زيارته إلى دار الرعاية الاجتماعية بالدمام حيث كان بعض المسنين المعاقين يشعون بالأمل والطاقة والإبداع، ومنهم العمّ أحمد ذلك الستيني الذي تجاوز حواجز إعاقته متوكئًا على ريشته التي يرسم بألوانها إبداعاته المتنوعة. وفي مقال بعنوان «قاتل أبيه» ينقل الكاتب حكاية زيارته لدار الملاحظة الاجتماعية للأحداث، حيث يعالج النظرة الاجتماعية ليافعين جرفتهم الحياة باتجاه ما يشبه المقبرة لطموحاتهم وطاقاتهم وحريتهم، ويدعو إلى مزيد من العناية والاهتمام بهذه الشريحة وتحويلها إلى الدار إلى دار لإعادة حقيقية للتأهيل. وهناك يلتقي الكاتب بيافع بدا عليه النشاط والحيوية والفطنة، تشع الآمال من عينيه، ليكتشف أنّ ذاك الشاب هو قاتل أبيه الذي شغلت قضيته الرأي العام، وينهي المقال حاثًا على التربية المرنة الآخذة بأسلوب الحوار، والتي لا تنتهي بتوليد حالة الكبت والعنف في نفوس الأبناء. يقع الكتاب في 111صفحة من القطع المتوسط.