يؤكد المثقفون ان السفر هو حاجة إنسانية للتغيير والهروب من ضغوط العمل ومسئولية الحياة، والمثقف مثل الآخرين بحاجة الى ان يترك مساحة من الراحة لنفسه وجسده وتفكيره، والسفر بالنسبة له متنفس آخر جديد في كل جوانبه، خاصة تلك الثقافية التي تكون موجودة في ذلك البلد المسافر إليه، فهناك من يقوم بتكوين علاقات جديدة مع المثقفين والأدباء ، كذلك إهداء ما تيسر من انجازاته الثقافية وحضور الأمسيات والفعاليات المتنوعة، وزيارة الأماكن الثقافية، وما ان تنتهي الرحلة السياحية الثقافية إلا وتجد المثقف كون روحا ونفسا جديدة تكون بداية لخيوط ملونة تشكل حالة إبداعية جديدة. هروب من الواقع في البداية يتحدث الشاعر أمين العصري قائلا : أتوقع أن السفر بالنسبة للمثقف خصوصا في فصل الصيف دلالة قطعية على هروب من واقع لا يريد البقاء فيه داخل الوطن أو يريد الهروب منه، فالمملكة تعتبر قارة متنوعة التضاريس والأجواء والمناخات والأسعار لا تعتبر عقبة كبيرة أمامه اذا حسبنا قيمة التذاكر وغيرها بالنسبة للسفر للخارج. هذا من جانب، ومن جانب آخر قد تكون الحاجة للتغيير وتجربة عوالم جديدة خصوصا عندما تكون ثقافية ولحضور مهرجانات أدبية هامة وهنا قد يكون السفر مبررا نوعا ما وله فوائد. الاسترخاء مطلب فيما يعتقد الروائي حسن الشيخ ان السفر صيفا لابد ان يحقق أهدافا متعددة. نحن بحاجة الى تحديث أهدافنا في مجال السفر صيفا. المتعة والاسترخاء مطلب إنساني بعد سنة من التعب والعمل والإجهاد. كما ان الأسرة هي الأخرى بحاجة الى هذا النوع من الاستجمام، ويضيف الشيخ: إلا ان السفر لمجرد السفر والمتعة فقط، أرى ان فيه خسارة للوقت. السفر لابد ان يحقق الفوائد السبع القديمة : أي ان على المثقف ان يحدد أهدافا مسبقة قبل السفر في البلاد التي سوف يزورها. المكتبات في ذلك البلد عليه ان يحضر هواتف وعناوين الأدباء الأصدقاء حتى يكون مستعدا لزيارتهم والتواصل معهم عن قرب. كما على المثقف ان يأخذ بعضا من إصداراته للدولة التي يسافر اليها، أو للمدينة التي يزورها حتى يهدي لبعض الأصدقاء الذين لم يصلهم شيء من نتاجه الفكري، وحينما نتواصل مع الأصدقاء في ذلك البلد سيفتحون أمامنا الأبواب، وسيأخذوننا الى بعض المحاضرات والأمسيات الأدبية، بل وسيعرفوننا على أدباء جدد، وهكذا يكون التواصل الحقيقي، وسيعود الأديب هو الآخر بمجموعة من المجلات والإصدارات والكتب والمعارف التي تجدد الحركة الأدبية. تجديد في الروح فيما يؤكد الكاتب حسن حمادة ان بعض المثقفين يهتمون بالسفر صيفًا، ليجددوا نشاطهم الثقافي. ففي الترويح عن النفس ارتقاء بالروح، فبطبيعة الحال يحتاج الإنسان إلى تجديد روحه. وعن أهداف السفر يقول حمادة : لعل من الأهداف التي ينشدها المثقف من السفر اللقاء بالمثقفين الذين يشاركونه الاهتمام المعرفي لإدارة النقاش معهم في همومهم الكتابية، ومسألة حضور المكتبات للاطلاع على جديد المعرفة من البداهة بمكان في سفر المثقفين، لذا تجد بعضهم يسجل على كتبه الأماكن التي اقتنى منها الكتب، وربما تجد المثقف حاز اللافت والمميز منها خلال سفره لبلد ما. جزء من الرحلة من جانبه يقول الروائي خالد الشيخ: المثقفون يسافرون مثل غيرهم بحثا عن المتعة والطقس الجميل واكتشاف عالم جديد .. قلة هم من يسافرون من أجل الثقافة، خاصة ان معظم سفراتهم تكون لدول غير عربية، لكن لا يمنع من ان تكون الثقافة جزءا من الرحلة، لكن انا أعتقد ان الاهتمام ينصب على الذهاب للسينما أو شراء كتب وزيارة المتاحف. التعرف على الثقافات ويرى الكاتب والقاص جمعان الكرت أن السفر في حد ذاته ثقافة، بل ثقافة مهمة إذ يمكن التعرف على ثقافات الدول وعاداتها وتقاليدها وصناعاتها واتجاهاتها ، فضلا عن الفوائد التي ذكرها الشعر وهو تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد، ويأخذ السفر - سواء في الصيف أو أي فصل آخر - جوانب كثيرة كالتجارة والسياحة، وآخرون يضيفون عليها تنمية الثقافة بزيارة المتاحف والمكتبات وحضور المناشط الثقافية.