يعيش لبنان حالة شديدة التوتر، وساخنة في طرابلس، بسبب تغول حزب الله ومصادرة قرار الدولة اللبنانية بإعلانه الحرب في سوريا. وهو، أي الحزب، بذلك يورط الشعب اللبناني والدولة اللبنانية في حرب لا يودون الانخراط بها لاتقاء شرورها وشراراتها، خشية أن تشتعل الحرب الطائفية في لبنان، وهي إن اشتعلت في لبنان فإنه يصعب وقفها قبل أن تلتهم الكثير من أجساد اللبنانيين وطاقاتهم وقدراتهم واقتصادهم. وكأن الحزب يبتز لبنان بهذه الحساسية، ويساوم اللبنانيين، من أجل توطين مشروع الولي الفقيه في إيران. خاصة أن حسن نصرالله زعيم الحزب نفسه قد أعلن مراراً أن الحزب يهدف إلى تحويل لبنان إلى جمهورية إسلامية تابعة لطهران في النهاية. وعلى الرغم من أن هذه الفكرة طوباوية ومستحيلة التحقيق حتى في بلدان أقل تنوعاً طائفياً وأقل تنويراً من لبنان، إلا أن إيران والحزب يعملان على أن تصبح لبنان جمهورية إيرانية. وكان اللبنانيون لا يعيرون بالاً لهذه الأفكار الخيالية، إلا أنه بعد قرار حزب الله الدخول في حرب الأسد مع السوريين، تنبه اللبنانيون إلى أن حزب الله يؤمن بهذه الأفكار ويعمل على تطبيقها، على الرغم من استحالتها تقريباً. وهنا أصبح اللبنانيون أكثر خوفاً وقلقاً.. لأن هذه الأفكار، حتى وإن لم تتحقق، إلا أن فصيلاً مسلحاً يؤمن بها وسيقاتل من أجل تحقيقها، وإن لم يحققها، فإنه يفتخر بأنه قاتل من أجلها. ما يعني أن لبنان على وشك الدخول في مشروع ظلامي دموي آخر. وكأن اللعنة هوية لبنانية. لأن قدر لبنان أن كل طائفة تتهيأ لها ظروف مواتية وتتحالف مع قوة خارجية نافذة فتتسلح وتسود ثم تتغول وتود مصادرة لبنان.. وقد جرب لبنان هذه الطموحات الخرقاء في مناسبات كثيرة ألقت بلبنان في أتون الحرب والنار.. وتقاتل اللبنانيون في مناسبات كثيرة، ثم اكتشفوا أن الجميع خاسر، ثم تصالحوا ثم لا تلبث أن تأتي قوة فتسلح طائفة لتعود عجلة الحرب والموت والنزاعات. وكان يجب أن يتسلح اللبنانيون بالخبرة الطويلة بأن لعبة الحرب والتغول لم تعد صالحة ولم يكتب لها نجاح في لبنان.. إلا أن حزب الله يبدو مصرا على جر اللبنانيين إلى دورة أخرى من الحرب الطائفية التي لن يخرج فيها منتصر.. إنما سيخسر اللبنانيون ولبنان ويتقزم حزب الله لتنهض قوة شيعية أخرى لتعود بالمكون إلى هويته الوطنية. لهذه السبب يتعين أن يتكاتف اللبنانيون وأن يعمل حكماء الطائفة الشيعية في لبنان على منع حزب الله من جر الطائفة والبلاد إلى حرب يخسر فيها الجميع، خاصة أن أحلام حزب الله لن تتحقق في سوريا لأن الشعب السوري قرر أن يتخلص من الأسد ونفوذ إيران، وسيبقى لبنان متأثرا بالقوة السورية. وكان الأولى بالحزب، إذا ما أراد بقاء، أن يحاول ترميم الجسور مع السوريين بدلاً من الانخراط في معارك تسفك دماءهم، لصالح شيطان خاسر بكل المقاييس والمعايير.