خذ مثالك المفضل وتأمل به وتمعن وتفكر في مقدار سيطرة السعوديين على ما يدور حولهم. وأرجو ألا يذهب الخيال بعيداً فلست أقصد ما حولنا من بلدان وشعوب بل قصدت ما حول كل منا في حياته اليومية وتحديداً فيما يتعلق بالأعمال والأشغال والأرزاق. كلنا يذهب للسوبرماركت، إذهب إلى السوبرماركت أو الهيبرماركت المفضل لديك وابحث عمن يُسير الأمور ويدبرها، أي من يدير ويشرف..هل هو مواطن أو مواطنة؟ ثم إذهب إلى المطعم المفضل لديك وابحث عمن يديره، والفندق ومحل الحلويات والمكسرات..ودع هذا كله وستجد أرتالاً من السعوديين في شركات مثل شركات الاتصالات (في مواجهة الجمهور) لكن الاتصالات والبنوك والخطوط السعودية وأرامكو السعودية وشركات سابك ومعادن..كل هذه مجتمعة تَضِيعُ عمالتها في خاصرة سوق العمل السعودي، وأتحدث هنا من حيث العدد وليس من حيث الأهمية. ما أريد أن أقوله إننا تركنا اقتصادنا دون بذل جهد ممنهج للسيطرة عليه. ومن يجادل فعليه أن يقضي أياماً في الأسواق والمناطق الصناعية في أنحاء المملكة بعدها نتكلم. ولا يجب أن يثير ما سبق حفيظة أحد فهذا أمر سعينا له سعيناً بان غضضنا الطرف عن تطبيق النظام، وأهملنا قرار50 للسعودة، وقررنا أن نحبس التجربة الرائدة لسعودة البنوك وكأنها فشلت رغم أنها ناجحة بكل المعايير والمقاييس فلم نعممها، لكن يبدو أن بعضاً منا يظن ان القطاعات الاقتصادية عبارة عن جزر هيمنة منفصلة فما ينطبق على الخدمات المالية لا ينطبق على تجارة الجملة والتجرئة والإيواء! لن أكون مبالغاً إن قلت اننا تركنا «خاناتنا» شاغرة فشغلت؟ هناك عشرات الآلاف من الوظائف الاشرافية التي يمكن تدريب وتأهيل وإعادة تأهيل السعوديين لشغلها في كل القطاعات والانشطة الاقتصادية، وهذه الوظائف هي إجمالاً وظائف دخول مهنية في الإدارة الوسطى؛ تؤهل شاغلها ليمارس صميم العمل، وتمكن الحاذق والمتميز أن يرتقي للوظائف التنفيذية والعليا. ومن يظن أن هذا سيحدث عبر متاهات العرض والطلب وقوة الدفع الذاتي للاعتلاء والترقي فلابد أنه يمزح. وكما ذكرت سابقاً في هذا الحيز فهناك معاهد تدريب عليا تنتهي بالتوظيف لإعداد الحرفيين المهرة منها معهد للبلاستك وآخر للأغذية، فبوسعنا تهيئة معاهد متخصصة لإعداد المهنيين المهرة، ومثل هذه البرامج تعمل بها معظم الشركات الكبرى في السعودية وسواها لاستيعاب المهنيين الجدد. وبالقطع لا تستطيع أن تنهض ببرامج من هذا النوع إلا الشركات العملاقة من وزن أرامكو السعودية والكهرباء وسابك. أما بقية الشركات فبحاجة لاعانة ولعل المقترح المحدد هنا: أن تطلق اللجان الوطنية المتخصصة في مجلس الغرف وهي تشمل جميع الانشطة الاقتصادية..أن تطلق بالمشاركة مع الجهات الحكومية المعنية برامج لتطوير المهنيين بما يمكن من تأهيل طبقة قادرة على إدارة دفة المنشآت الانتاجية والاشراف عليها في شتى أنحاء البلاد وتشمل القطاعات الاقتصادية على تنوعها.. أما استمرارنا هكذا دون توجه فلن يأخذنا بعيداً، والسبب أن الظروف القائمة حالياً لن «تُفرخ» كوادر مهنية مؤهلة تأهيلاً عالياً لتشرف ثم تُديّر آلاف المنشآت.. إذ لايوجد حالياً أي جهد أو مبادرة أو بادرة أومناورة لسعودة الإدارة الوسطى..فَجلّ الحديث عن سعودة البقالات ومحلات الذهب والليموزين وكأن هذا هو المنى.. المنى والمستهدف هو «الوظائف القيّمة» ولن يحصل عليها شبابنا الجامعيون بحب اللحي واستثارة المشاعر. توتير: @ihsanbuhulaiga