أوضح د. فتحي الشواورة أن نسبة الدراسات التاريخية، المنصبة على سبر غور التاريخ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والنفسي، قليلة جداً، إذ لا تتجاوز خمسة بالمائة. وقال إن النسبة العظمى من الدراسات التي كتبت في التاريخ (95 في المائة) انصبت على ظواهر سطحية للأحداث التاريخية والسياسية للفرد والمجتمع، الشواورة والقطاونة خلال المحاضرة مؤكدا أن هذا يمثل اغترابا عن الحقيقة التاريخية كما يعني السقوط في واقع غير حقيقي بنسبة أو بأخرى؛ دونما إدراك أنه واقع متخيل، لافتا إلى أن هذا يعني صياغة الحاضر والمستقبل على أساس خاطئ.جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها د. الشواورة بعنوان «الفلسفة وتفسير التاريخ» في نادي الأحساء الأدبي مساء الثلاثاء الماضي، وأدارها د. محمد القطاونة.وتطرق د. الشواورة في محاضرته إلى تعريف فلسفة التاريخ. وقدم أمثلة ونماذج توضيحية عن وجهة نظر علماء التاريخ المسلمين وفلسفتهم التاريخية وعن مدارس التفسير التاريخي. موضحا أن هناك فرقا واضحا بين منهج البحث التاريخي وفلسفة التاريخ. وقال إن فرانسيس بيكون يرى أن حركة التاريخ تزود الإنسان بأحكام تمكنه من فهم معنى الأحداث الحاضرة في ضوء الإدراك السليم للخبرة الماضية، مما يدفعه لاكتشاف قوانين جديدة تحكم المجتمع.وعن علماء المسلمين، قال د. الشواورة: عرف ابن خلدون التاريخ بأنه خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم، وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال، مثل: التوجس والتأنس والعصبيات، وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض، وما ينشأ عن ذلك من الملك والدول ومراتبها، وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش، والعلم والصنائع، وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعة الأحوال. وأضاف أن فلسفة التاريخ هي محاولة البحث عن قوانين لهذا التطور ووصف لهذه الحركة. مؤكدا أن الصلة بين الفلسفة والتاريخ واضحة بذاتها، وعليه يتوقف موتها أو حياتها، وعليها نشأت الفلسفة في التاريخ، وأن الفلسفة إذا ارتبطت بالتاريخ تنمو وتزدهر.وتحدث د. الشواورة عن المؤرخ، وقال إن مهمته تطبيق منهج البحث التاريخي في تثبيت الحقائق على أقرب صورة يتصور أنها الأقرب إلى الحقيقة، ووسائله في ذلك هو النقد الظاهري أو الباطني، إضافة إلى التعليل والتحليل، موضحا أن هذا ما آمن به الطبري وغيره.وحول المقصود بفلسفة التاريخ، بين أنها الأفكار التي اقتنع بها المؤرخ وكانت جزءاً من هذه القناعة وإمكانية تطبيقها على كل أحداث التاريخ بما في ذلك إمكانية الوصول إلى قوانين اجتماعية أو تاريخية، وهي إحدى فروع الفلسفة وليست فرعاً من علم التاريخ نفسه. وذكر أن المنظور الإسلامي للتاريخ عالمي، وتسلسله ممتد منذ خلق النبي آدم (عليه السلام) حتى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقيام الدولة الإسلامية.وعن نظريات تفسير التاريخ، قال إن هناك التفسير الجغرافي والتفسير العرقي للتاريخ. ورأى أن حجر الزاوية في هذا التفسير يعود إلى الخصائص البيولوجية والتفسير الفردي والاجتماعي للتاريخ.