يبدو أن مذبحة الحويجة في العراق ستلعب الدور الذي لعبته مدينة درعا السورية التي انطلقت منها شرارة الثورة السورية في مارس 2011. مع الفارق أن مذبحة الحويجة حدثت والشارع العراقي العربي في ذروة التوجسات من تهديدات حكومة نوري المالكي وميلشياته. وكان العراقيون العرب يتوقعون أن يقدم المالكي على مثل هذه التهورات، وأن تغزو قوات المالكي الطائفية المدن العراقية العربية. ويبدو أنه سيتشكل فارق في تاريخ العراق الحديث بين ما قبل مذبحة الحويجة وما بعدها. وقد صعدت المدن والقبائل العربية من مطالبها ومن استعداداتها لنوايا المالكي. وواضح أن العراقيين العرب مصممون على انتزاع الحقوق العربية المنهوبة لحساب إيران وميلشياتها، ويهدفون إلى تحرير العراق من الارتهان للإرادة الإيرانية وعدوانيتها المعروفة ضد العرب في العراق وفي الأحواز وفي سوريا وفي كل الوطن العربي. وبلا أدنى شك، فإن إيران سوف تلجأ إلى مختلف الحيل والتكتيكات لحماية المالكي ورجالها في العراق. وربما تلجأ طهران إلى تغيير المالكي وتسلم الحكم إلى واحد من زعماء ميلشياتها في العراق، بهدف تضييع الوقت، وتفادي التعامل مع حربين في العراق وسوريا. خاصة أن المطالب العربية تتضمن تغيير الدستور والقوانين وتشكيل لجان بحث وتقصٍ عن الجرائم التي ارتكبت بحق المواطنين العرب، وهذا يتطلب وقتاً طويلاً. إضافة إلى أن عشرات الآلاف من العراقيين العرب يقبعون في سجون سرية في العراق أو متهمين بجرائم صورية ومختلقة، من نتائج الحملات الطائفية التي كانت تشنها حكومة المالكي على العراقيين العرب وتلفيق التهم لهم، إلى درجة أن بيوتاً عراقية عربية قد أفرغت من الرجال. وليس غريباً أن تجد أم عربية في مدن عراقية كثيرة تشتكي من أن حملات المالكي قد قبضت على جميع أبنائها وغيبتهم في ظلمات سجون سرية لسنين عديدة، دون أن تعرف الأم مصير أبنائها أو التهم التي اعتقلوا بسببها. وشاهد العراقيون والعالم أما عربية، لا تنفك تواصل توسل مسئولي حكومة المالكي لمعرفة مصير أبنائها الأربعة الذين لا تعلم مصيرهم بعد أن اعتقلتهم الحكومة الطائفية عام 2006. وليس غريباً أيضاً أن تكتشف جثث، تخص عراقيين عرباً، ملقاة في الحقول والصحراء قضى أصحابها تحت التعذيب في سجون الحكومة الطائفية. كل هذا يجعل التغيير في العراق حتمياً كما يجعل العراقيين العرب أكثر تصميماً على الامتناع عن العودة إلى الوراء، وأنهم يسعون إلى عراق جديد يحمي كرامة كل العراقيين ويحقق لهم العدالة والحقوق. وأنه لا عودة إلى أيام التهميش والاقصاء وعبث الميلشيات الإيرانية بالعراق. وواضح أن المدن العربية تعرف سلوكيات حكومة المالكي وسلوكيات طهران وأساليبها في العراق، ولا يبدو أنها تقبل بأية حلول وسط تهدف إلى الإلهاء وشراء الوقت ومحاولات تقسيم صفوفهم.