المواجهات الدامية في العراق أمس، بين قوات رئيس الوزراء نوري المالكي القمعية، والمواطنين العراقيين، كانت متوقعة، بالنظر إلى سياسات الإقصاء العدوانية وتطبيق قوانين الإرهاب والإقصاء، بميول طائفية علنية، التي تمارسها حكومة المالكي على مدى سنين، وكانت المملكة ودول الخليج العربي قد توقعت أن تؤدي سياسات المالكي الهوجاء إلى مثل هذه النتيجة، وسبق أن نصحت هذه الدول، بروح عربية أخوية، حكومة العراق بألا تستجيب لنصائح القوى الأجنبية، وأن تبدأ بمصالحة وطنية جادة، تحقق للعراق أمنه واستقراره وتجنبه الضياع في متاهات المصالح الإقليمية والأجنبية وظلمات المحاور، لكن، بدلاً من أن يصغي المالكي لصوت العقل وللمصالح الوطنية في العراق، أصغى للذين يستخدمون العراق وحكومته وقواته المسلحة لتدمير النسيج الوطني في العراق وتحويله إلى مرجل كره طائفي، لأن هذه هي الظروف المثلى التي تسمح لهذه القوى الأجنبية بالتدخل في شئون العراق وزرع الفتن وتأليب العراقيين على بعضهم البعض، ورغم أن المالكي يدعي أنه يتبع نهجاً ديمقراطياً، إلا أنه انتهج سياسة متهورة ومتغطرسة، إزاء الانتفاضات التي عمت مدنا عراقية عديدة، تطالب بالعدل ومنع الانتقائية في تطبيق القوانين، ورحيل الحكومة الجائرة، فبدلاً من أن يستجيب للمطالب العادلة للناس، ويتعامل معها بروح وطنية أخوية وحكمة وتدبر وبحث عن حلول توافقية بنية صافية، تعامل المالكي، باستخفاف، مع من يفترض أنهم مواطنوه، فسلط عليهم قواته البوليسية، وصب عليهم الاتهامات من كل نوع، ودبر لهم مكائد وتهماً ملفقة، وتصرف رئيس حكومة العراق بعصبية مثل أي رئيس ميلشيا، وتطورت أعماله القمعية أمس باقتحام قوات البوليس تجمعاً للعراقيين وفتح النار على الناس، بحجة البحث عن مطلوب، وسقط 27 قتيلاً وعشرات الجرحى، وبذلك أعاد العراق إلى أيام الاضطرابات الطائفية والتصفيات على الهوية، التي لم يسلم عراقي من شرورها، وخسر كل العراقيين، وربحت القوى الأجنبية في مراهناتها على زرع الفتن في العراق، ولا منجى للعراق من النيران التي أوقدتها القوى الأجنبية، والفتن الساخنة التي أججتها، إلا بعودة العراق إلى هويته العراقية العربية، وأن تبدأ مصالحة وطنية حقيقية وجادة، وأن تتخلى الحكومة العراقية عن أحلامها، بمصادرة العراق لصالح فئة أو قوة أجنبية، وأن تعامل العراقيين على قدم المساواة، وأنهم جميعاً شركاء في العراق وأمناء على هويته ومصالحه ومستقبله وسيادته.