قال الصياد: وماذا بعد ذلك يا سيدي؟، فرد رجل الأعمال بلغة واثقة: حينها تتقاعد وتستمع بباقي عمرك وتشتري شاليهاً صغيراً في قرية صغيرة وتنام بما يكفي من الوقت، وتستمتع بوقتك مع أبنائك وزوجتك، وتسهر مع أصدقائك وتعيش حياتك، فقال الصياد المكسيكي البسيط: هل تريدني أن أضيع عشرين سنة من عمري في التعب والإرهاق والحرمان من زوجتي وأطفالي وأصدقائي لأصل في النهاية إلى ما أنا عليه أصلاً!!، شكراً سيدي ولكني لا أحتاج نصيحتك في أحد أنهار المكسيك ومن أمام بيته الشتوي جلس رجل أعمال أمريكي في السبعينات من عمره جلسة استجمام على بعد أمتار قليلة من يخته الضخم، ولفت نظره اقتراب صياد مكسيكي بسيط من الشاطئ ومعه مجموعة من الأسماك وأدوات متواضعة يستخدمها في عملية الصيد، فنادى الثري هذا الصياد البسيط واشترى منه بعض الأسماك، ثم سأله: كم تحتاج من الوقت لصيد هذه الكمية من السمك؟، فقال الصياد: أقضي ست ساعات كل يوم للحصول على هذه الكمية، فبادره الأمريكي: ولكن ماذا تفعل في بقية الوقت؟، فرد المكسيكي: أنام بما يكفي من الوقت، وألعب مع أطفالي وأقضي بعضاً من الوقت مع زوجتي، وفي الليل أتجول مع أصدقائي في القرية ونتسامر ونلهو. كانت ردة فعل التاجر ابتسامة سفلى تدل على عدم قناعته بسلوك الرجل، وقال له: سوف أسدي لك نصيحة ثمينة أيها الصديق الجديد، فأنا رجل أعمال أمريكي ضليع وخبرتي في الحياة أضعاف خبراتك المحدودة. عليك بمضاعفة ساعات الصيد حتى تضاعف كمية صيدك، ويجب أن تقضي أربع ساعات إضافية في إصلاح وتطوير الأدوات التي تستخدمها في الصيد، وبعد فترة من الزمن ستتمكن من شراء مركب أكبر وستوظف معك أناساً آخرين، وبعد مدة أخرى سيتضاعف عدد المراكب لديك وسيكون عندك أسطول كبير من السفن، ومع مزيد من العمل والوقت ستنشئ مصنعاً لتعليب الأسماك تتحكم من خلاله بكميات توزيع السمك، وبذلك تنتقل من قريتك إلى العاصمة مكسيكوسيتي وربما لأمريكا لأنك أصبحت حينها مليونيراً يعرفك الجميع. سكت الصياد لبرهة ثم سأل الرجل العجوز: كم يتطلب كل هذا من الوقت؟، ضحك الأمريكي وقال: من 15 إلى 20 عاماً فقط!، فقال الصياد: وماذا بعد ذلك يا سيدي؟، فرد رجل الأعمال بلغة واثقة: حينها تتقاعد وتستمع بباقي عمرك وتشتري شاليهاً صغيراً في قرية صغيرة وتنام بما يكفي من الوقت، وتستمتع بوقتك مع أبنائك وزوجتك، وتسهر مع أصدقائك وتعيش حياتك، فقال الصياد المكسيكي البسيط: هل تريدني أن أضيع عشرين سنة من عمري في التعب والإرهاق والحرمان من زوجتي وأطفالي وأصدقائي لأصل في النهاية إلى ما أنا عليه أصلاً!!، شكراً سيدي ولكني لا أحتاج نصيحتك. انتهت قصة المكسيكي البسيط والأمريكي الثري، ولن أفسد عليك لحظات التأمل في هذه القصة بكثرة حديثي، ولكني أدعوك للتفكير في مفهوم «التوازن» وكيف تطبقه في حياتك، وإلى أي حد يساهم هذا التوازن في سعادتنا ونجاحنا معاً.. للحديث بقية مع إطلالة الأربعاء..