اعتاد عدد كبير من قادة العالم قضاء العطلة الصيفية بكاملها في مناطق تبتعد تماما عن المباني الحكومية والقصور الرئاسية. ويشمل برنامج العطلة في العادة الاسترخاء وقيادة الدراجات والتريض وصيد الأسماك وزيارة المطاعم ولقاء الأصدقاء بعد أن يخلعوا البزات الرسمية. ويسافر البعض منهم خارج الديار بحثا عن النوم لساعات طويلة والتنعم ببعض الهدوء بعد أشهر من التعامل مع المشكلات والأزمات. وفي الوقت الذي يستمتع فيه معظم الساسة بالعطلات، يضطر آخرون إلى البقاء في مكاتبهم لإدارة الشؤون المختلفة قبل الحصول على الفرصة المناسبة التي تبعدهم عن هذه الواجبات. اعتاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا منذ زواجهما قبل نحو عامين على قضاء العطلة الصيفية في جنوب البلاد بمنطقة الريفيرا أو في فيلا أسرة كارلا بكاب نيجر بالقرب من منطقة لي لافاندو. ويشمل برنامج العطلة الاسترخاء وقيادة الدراجات والتريض، بالإضافة إلى زيارة مطعم البيتزا المفضل. وفي ألمانيا يخلع القادة البزات التقليدية ويستبدلونها بلباس البحر وأحذية تسلق الجبال بعيدا عن ضغوط الحياة السياسية والمواعيد اليومية. وتعد المستشارة أنجيلا ميركل في مقدمة الساسة الذين يستمتعون بعطلة الصيف خارج البلاد، حيث تسافر في أغلب الأحوال إلى مقاطعة بولسانو الإيطالية أو مرتفعات سويسرا، حيث تستمتع بالتنزه في الجبال وقضاء وقت في أماكن مطلة على البحر. وتبلغ عطلة المستشارة ميركل 15 يوما، ولكن يمكن بالطبع لجميع مساعديها في دار المستشارية الوصول إليها في أي وقت حال حدوث أمر طارئ. وفي بعض الأحيان تتسبب العطلات في إثارة متاعب للرؤساء عندما تتوافق مع أحداث سياسية ساخنة، حيث تصبح مادة دسمة لأجهزة الإعلام خصوصا الصحافة طوال فترة الصيف الشحيحة الأخبار. وقد يبادر البعض منهم للدخول في معارك كلامية مع مراسلي هذه الأجهزة وخصوصا المصورين. ونظرا إلى أن صيد الأسماك من الهوايات المريحة للأعصاب من عناء الأنشطة اليومية والمسؤوليات، وتعني وجود الشخص قريبا من المياه وعلى ضفاف الأنهار والبحيرات والانتظار أحيانا لساعات طويلة وسط أجواء حالمة، فقد كانت هي الوصفة التي أوصي بها الأطباء لأكثر من رئيس بينهم الأمريكي الأسبق جورج بوش ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وهو ما كان يمارسه بالفعل أقوى رجال العالم خلال عطلتهم الصيفية السنوية. ويستخدم بوش بيته الصيفي المطل على المحيط الأطلنطي في جنوب ولاية مين للعمل والراحة وممارسة صيد الأسماك. وهذا ما كان يقوم به والده الرئيس السابق جورج بوش. وفي هذا المكان استقبل بوش العديد من أعوانه ورؤساء الدول. وزارت المكان رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت ثاتشر والرئيس الروسي الأسبق ميخائيل جورباتشوف ونظيره بوتين. ومن هواة صيد الأسماك هناك نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني، الذي يطلق عليه لقب «الصياد»، وكان هذا هو الاسم الحركي لتشيني خلال عمله في جهاز الاستخبارات. ويذكر أن الرئيس الأمريكي الراحل إيزنهاور مولعا أيضا بهذه الهواية ويمارسها كلما سنحت له الفرصة. ومن الإحصاءات الطريفة عن عطلات الرؤساء، تلك البيانات التي بثتها إحدى الشبكات التليفزيونية الأمريكية عن أكثر رؤساء البلاد تمتعا بالعطلات في التاريخ. وتصدر القائمة جورج بوش الابن الذي بلغت عطلاته 418 يوما منذ دخوله البيت الأبيض. وأطلق عليه البعض لقب «رئيس العطلات». وهو يستمتع الآن بقضاء أوقات طويلة داخل مزرعته في كراوفورد بولاية تكساس مسقط رأسه بعد أن تخلى عن مهامه الرئاسية. وكتب الرئيس الراحل هيربرت هوفر كتابا عنوانه «الصيد من أجل المتعة وغسل الروح» عن صيد الأسماك لأنه كان مولعا به. ومن الرؤساء الأمريكيين المولعين بصيد الأسماك هناك جورج واشنطن وتوماس فيرجسون وتشيستر آرثر وجروفر كليفلاند وهاري ترومان وليندون جونسون وجيمي كارتر. وكتب كليفلاند كتابا آخر حول هذه الهواية عام 1906 وأوصى باللجوء إليها في العطلات. ومن المفارقات أن «رئيس العطلات» كان رئيسا لشعب يكاد يعد العطلات حاليا من الكماليات التي ليست في متناول الجميع بسبب تراجع عدد العمال الوطنيين الذين يستفيدون من الأيام القليلة التي تمنحها لهم الشركات والمؤسسات الأمريكية .