لا نعلم، بالضبط، ما هي نوايا إدارة الرئيس باراك أوباما، بشأن سوريا؟.. لكننا نعلم أنها انتقلت من التلكؤ، والتحجج بأعذار واهية، إلى الإحجام كلياً عن أي عمل حقيقي ينقذ السوريين من المذبحة التي تجري أمام أبصار قادة العالم ومسئوليه. وكلما حشرت واشنطن بالأدبيات الأخلاقية التي تملي عليها ضرورة المسارعة إلى المساعدة في تخليص السوريين من أنياب نظام الأسد البعثي الشمولي الذي كشف أخيراً عن أقنعته وأصبح طائفياً أيضاً ووكيلاً لطهران في سوريا، وعدواً للسوريين وللإنسانية. حسناً لا تود واشنطن التدخل في سوريا، ربما خشية غضب أصدقائها في تل أبيب أو غضب أصدقائها في طهران وقد قدمت لهم العراق أثمن هدايا التاريخ. إذا كانت واشنطن لا تود التدخل في سوريا، أليس من الممكن أن يغلق المسئولون الأمريكيون أفواههم، عن الترويج للحل السياسي؟، وهو الحل الذي تروج له طهران ونظام الأسد علناً، ولكنهما ينفذانه بالدبابات والصواريخ وتدمير المدن وقتل المئات من السوريين يومياً. ثم ما الحل السياسي الذي يمكن اعتماده مع نظام يتحدث في الإعلام عن الحلول السياسية، لكنه لم يوقف صواريخه وطائراته عن مهاجمة الأطفال في مناماتهم في كل مدن سوريا تقريباً. وبدلاً من العمل من أجل حل سياسي كما تروج واشنطنوطهران، زجت إيران بميلشياتها إلى المعارك في سوريا في تدخل علني سافر، معتمدة على أن واشنطن لا تنوي الاقدام على أي عمل عسكري. وما دام أن واشنطن تستبعد الخيار العسكري، فإن التحالف الثلاثي: طهران وموسكو ونظام الأسد، ليس مستعداً لوقف عدوانه أو التفكير بجثث الأطفال المتفحمة في دمشق وحمص وحلب. ورسائل مثل تصريحات روبرت فورد السفير الأمريكي السابق لدى سوريا بأن واشنطن تضغط من أجل حل سياسي، تعطي للأسد ونظامه وطهران وموسكو رسالة مفادها أن واشنطن مستعدة للخضوع لرغبات طهران وموسكو وتجاهل تصريحات المسئولين الأمريكيين بضرورة رحيل الأسد. وقد تتطور الأوضاع فيستقبل بشار الأسد في البيت الأبيض كما استقبلت واشنطن نوري المالكي ممثل طهران في العراق. ولا نفهم الترويج للحل السياسي إلا أنه تقرب أمريكي من طهران ونظام الأسد، وابتعاداً عن الشعب السوري بحجة ذات الدعاوي الوهمية بتضخيم دور منظمة النصرة في سوريا. والمريب هنا هو أن جبهة النصر اعلنت مبايعتها لمنظمة القاعدة في وقت أفصحت واشنطن عن رغبتها بحل سياسي. وفي وقت تفصح ميلشيات طهران عن حضورها علناً في المسرح السوري. وكأن الأمر يبدو تحالفا ثلاثيا ضد الشعب السوري، يهدف إلى لخبطة الأوراق أو إطالة أيام الدم والقتل في سوريا إلى أطول مدى.