أحمد شاب خليجي يطمح بحياة كريمة ومدينة تلبي له نسبة مقبولة من معايير جودة المعيشة (Quality of Living)، ويتابع سنوياً بحسرة ما يصدر من (MERCER) العالمية للاستشارات بعدم تواجد أي مدينة خليجية أو عربية ضمن قائمة أفضل خمسين مدينة في العالم. وبينما هو في طريقه للمطار لقضاء إجازته غرد أحمد بأن أجمل ما في مدينته ذلك المطار الذي يخرجه منها..!! تعجب بعض متابعيه، هل هو جاحد أم كاره، فأفعاله وأقواله الأخرى تنفي ذلك..!! ما يتمناه أحمد وكلنا أحمد أن تكون مشاريعنا المستقبلية (الحكومية والخاصة) ذات بعد إنساني يراعى فيها قواعد التخطيط العمراني الذي يهدف لإيجاد بيئة عمرانية متكاملة. فما الذي ينقص مدننا لتضاهي مثيلاتها المتقدمة، لكيلا يكون سفر أحمد هرباً من مدينته..؟! إن أهم ما يميز المدن المتقدمة تكامل خدماتها من طرق ونقل عام متطور وبنية تحتية وغيرها, والأهم من ذلك مراعاة البعد الإنساني في تخطيط المدينة مثل الاهتمام بالحدائق وممرات المشاة وتشجيع الجوانب الاجتماعية والترفيهية بإيجاد مراكز أحياء فاعلة ومتكاملة, إذ يعاب على كثير من مدن الخليج إغفالها لهذا البعد المهم, فتسبب المفهوم الخاطئ للتنمية لدى البعض إلى تحويل مدننا إلى كتل خرسانية بلا روح وبلا هوية, مما قلل الشعور بالانتماء للمدينة. هناك قصة حصلت منذ نصف قرن تقريبا ففي 21 ابريل من عام 1960م تم الانتهاء من بناء (برازيليا) العاصمة الجديدة للبرازيل وأعلن حينها انتقال الحكومة والبعثات الدبلوماسية والسفارات لها من (ريو دي جانيرو), الكثير لم يتقبلوا هذا القرار برضى ولكن التنفيذ واجب.. فماذا حصل؟..لقد أصبح جُلهم ينتظر نهاية الأسبوع لكي يعود لمحبوبته (ريو) والغريب أن الدبلوماسيون الأجانب هم السباقون لذلك رغم أنها ليست مدينة الطفولة والصبا، ولم تكن متطورة عمرانياً ولكنها تنبض بالحياة وهذا ما تفتقده برازيليا الأرقى عمراناً والأقل روحا. ما يتمناه أحمد وكلنا أحمد أن تكون مشاريعنا المستقبلية (الحكومية والخاصة) ذات بعد إنساني يراعى فيها قواعد التخطيط العمراني الذي يهدف لإيجاد بيئة عمرانية متكاملة، لا مجرد مراكز إيواء تفتقد لكل شيء ماعدا الخرسانة..!! مدننا ليست في سهول سويسرا ولا تطل على بحيراتها ولكننا قادرون على أن نجعلها واحات جميلة جاذبة بتخطيط سليم وعمل مخلص وقانون نافذ لا يستقوي عليه رأس المال بل يتوافق معه لتحقيق التنمية، فالرؤية موجودة والإمكانات بحمد الله متاحة ولم يتبق سوى التطبيق الجاد لمعايير (أنسنة المدن). قال معلم البشرية صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) «صحيح الجامع». لنلبِ طموح أحمد وكلنا أحمد..!! متخصص في التخطيط العمراني والتطوير العقاري twitter:@alrob3i