لم تكن المملكة بقيادة عبدالله بن عبدالعزيز في حاجة لتؤكد مواقفها الثابتة والدائمة دعماً للحقوق العربية وفي مساندة الشعوب تجاه القمع والظلم لأنها ببساطة وطيلة تاريخها منذ تأسيسها تعتمد هذا المبدأ العروبي والأخلاقي بكل الأشكال السياسية والمادية والمعنوية ولكنها عبر كلمتها أمام قمة الدوحة وعلى لسان ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز أعادت تأكيد رؤيتها الإستراتيجية المنشغلة بقضايا وهموم وطننا العربي الكبير سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. لذا لم يكن من الغريب أبداً على قائد ورمز عربي كبير مثل خادم الحرمين الشريفين أن يجسد باستمرار انحيازه لخيارات الشعوب وتعبيره باسم كل مواطن سعودي عن الأسى جراء المشاهد القاتمة عربياً ليس هذا فقط بل المطالبة بوقفة حازمة تجاه كل الممارسات، أياً كان مرتكبها أو شكلها أو نوعها. فالظرف الراهن بعد ما يسمى "الربيع العربي" أوجد مناخاً متوتراً للغاية صاحبه عدم استقرار يضيف لحالة التشرذم بعداً مأساوياً، سواء من الوضع الفلسطيني الذي يصبغ الوضع العربي بانعكاساته المضطربة ويحتاج لوقفة واضحة من حيث إتمام المصالحة الذاتية أولاً للقضاء على الانقسام الداخلي، ومن ثم مواجهة تحديات السلام الشامل والعادل لأننا وكما قال المليك: "لا نرى إمكانية لحل هذا النزاع ما لم يحدث تغير في سياسات الحكومة الإسرائيلية وطريقة تعاطيها مع الحلول والمبادرات المطروحة التي سعت إلى إفشالها وتفريغها من مضامينها من خلال سياسات الاستيطان والقمع وقضم الأراضي والانتهاكات المستمرة لأبسط الحقوق الإنسانية والسياسية لشعب فلسطين". أما المشهد السوري الذي يحتل الواجهة الآن ويضعنا جميعاً في مأزق أخلاقي على الأقل لا يجب السكوت عليه أو قبوله بأي شكل من الأشكال.. فقد لاحظ الجميع في أروقة القمة الارتياح التام لتأكيد ولي العهد في كلمته التي ألقاها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين تجديد الثوابت السعودية خاصة بعد أن دخلت الأزمة السورية عامها الثالث، دون بوادر حل سريع لوقف نزيف الدم والمجازر التي يرتكبها النظام بحق شعبه الباحث عن الحرية والكرامة. بعد انتهاء الأمير سلمان من كلمته قال لي أحد الصحفيين العرب: هكذا هي السياسة السعودية دائماً وأبداً تنحاز لمصلحة المواطن العربي قلت له: هي مدرسة واحدة بدأت منذ مراحل التأسيس، وغداً نلتقي في هذه الزاوية.