في كلمته للقادة العرب خلال اجتماع قمتهم ال «24» في الدوحة أمس الأول، حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على تنبيه إخوانه وأشقائه قادة الدول العربية إلى التحديات التي تواجه الأمة، وضرورة إعداد الخطط والوسائل ومعالجة الأزمات بما تقتضيه من الحكمة والعمل الجاد الصادق، وشدد - حفظه الله - في الكلمة التي ألقاها بالانابة عنه، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، على أن الأمة العربية كابدت ما يكفي من تحديات لا تزال ماثلة وقائمة وتهدد الأمة وكيانها، حيث مازالت الحقوق مسلوبة، والعدل مازال مفقوداً، وهذا يحتم على الأمة العربية أن تبحث بجدية عن أساليب ووسائل صادقة لجمع الكلمة وتوحيد الصف، وتطوير أعمال جامعة الدول العربية لتؤتي القرارات ثمارها، وتكون مؤثرة ومنتجة. وأشار - حفظه الله - إلى قضيتين من أهم القضايا التي تمس الوجدان العربي والكرامة العربية، وهما: قضية فلسطين، والمأساة السورية، فالأولى صنعتها القوى التي استغلت ضعف العرب وعجزهم وتشتتهم، فزرعت كياناً احتلالياً يتسم بالغطرسة ويمارس سلوكا عدوانيا، ويتصرف كأن هذه الأرض العربية العزيزة قد منحت له هبة من الله، ومن حقه أن يفعل ما يشاء باعتباره فوق القوانين وفوق الناس، وما كان له أن يتمادى في عدوانه وغيه وغطرسته لو كانت الأمة العربية موحدة القول والفعل ومخلصة للكرامة والتاريخ، خاصة أن الأمة العربية تتسلح بمبادرات سلام ومدت يدها بالسلام ، لكن قوى الغطرسة ترفض وتتمادى وكأنها تملك التاريخ والمستقبل، ولابد من مواجهة مراوغات إسرائيل بمزيد من التوحد العربي والجهد العربي لمحاصرة ثقافة الاحتلال وغطرسة القوة، وإقناع الأمم بعدالة القضية الفلسطينية وخطورة السلوك الإسرائيلي على السلام الدولي والوئام الاجتماعي والحقوقي في العالم. أما القضية الأخرى التي لفت خادم الحرمين الشريفين الانتباه إليها، فهي قضية السوريين الذين يشوون الآن بنيران الطغاة وآلات القتل التي يسلطها نظام بشار الأسد ورعاته على الأطفال والنساء والمدن والأبرياء، ولابد للأمة العربية من وقفة صادقة وحازمة وحاسمة لإنقاذ الشعب السوري الشقيق من هذه المؤامرة التي تنفذها أمم النفاق والشعارات والحقد والخداع، الأمم التي أوهمت السوريين بأنها صديقتهم فإذا بها تنقلب وتتحول إلى ألد الأعداء، وتفتح عليهم مراجل الحقد والدم والموت، وما كانت صداقتها إلا تخديراً للسوريين وتضليلاً لأعينهم وعقولهم لسرقة كرامتهم وأرضهم وتاريخهم وعقائدهم وزرع الشقاق بينهم وبين أشقائهم العرب وجيرانهم، وآن للأمة العربية أن ترفض الأعذار والتبريرات المتلونة وأن تسمي الأشياء بأسمائها، فالذي يرفض نصرة الشعب السوري وممثليه ويرضى بأن يهدر الدم السوري الطاهر، فهو ينحاز إلى جانب النظام وآلة القتل وخبائث الأصابع الأجنبية التي لم تتوان عن إعمال القتل في صفوف السوريين، ولم تتأسف لتدمير المدن السورية بصواريخ سكود ودبابات وطائرات، ولم يرف لها رمش، حين سيق السوريون إلى معتقلات الظلام بمئات الآلاف، ويتعين على الجامعة العربية أن تصلح من شأنها وأن تسمو إلى معطيات الحياة الجديدة وأن تكون بمستوى وعي الشعوب وطموحها، لا أن تبقى حبيسة النظريات والماضي والبيروقراطيات والمجادلات القانونية العقيمة، لأن المجتمع العربي الآن يود جامعة ترتفع إلى مستوى طموحاته، لا جامعة تستكين إلى الجمود والأطر والتلقينات التي لم تعد صالحة للعصر والزمان الحاليين.