فيلم المؤامرة الشهير للنجم ميل جيبسون، يدور حول فكرة سيطرة المؤامرة على العالم، مطاردة غامضة للبطل الذي اكتشف المؤامرة الكبرى عن طريق متابعته الدءوبة للصحف والربط بين أخبار السياسة والكوارث التي تحدث بالعالم، بحيث يبدو كل شيء ناتجا عن المؤامرة، ويظل البطل يحاول إقناع حبيبته وهي ابنة عالم تم اغتياله بنظريته، وتظل أحداث الفيلم تتصاعد بين يقينة المطلق وشك الحبيبة حتى تقتنع بالنهاية برؤيته، ربما لم يكن صانعو الفيلم يدركون أن نظرية المؤامرة ستسيطر على العالم لفترة قد تطول كثيرا رغم سذاجتها، أعتقد أن سيطرة نظرية المؤامرة على الكثير من العقول تعود فى الحقيقة لوجود الكثير من الدلائل التي تثبتها أكثر مما تنفيها، فالسياسة واقعيا تقوم على الكثير من المؤامرات المتراكمة عبر تاريخ الصراع الدولي، احتلال الدول القوية للبلاد الفقيرة، المعارك الحربية الكثيرة التي حسمت بالخداع، نهب الشمال لثروات الجنوب وأعتقد تماشيا مع النظرية أن ذلك الأمر مقصود تماما وليس مجرد نتاج للسياسة الأمريكية بعد 11 سبتمبر كما يتصور البعض، فالنظرية لا تسيطر على الغرب بل تسود بشكل مذهل بالعالم العربي حتى أن الكثيربن يعتقدون أن العالم كله يتآمر عليهم، وأن الأعداء بكل العالم يسعون للسيطرة عليهم، وأكثر من يتبنى تلك النظرية للاسف الشديد الجماعات الدينية التي تتبنى رؤية للإسلام تستند للتاريخ وليس للواقع، بل ان بعضهم يؤمن بأن العالم كله يناهض الصحوة الإسلامية ومشروع الخلافة، والعجيب حين تحاور أحد هؤلاء تجده يعتقد أن ذلك يعود لثقة العالم بأن الإسلام عدو للغرب وأن المسلمين يسعون للسيطرة على العالم كله وفرض الشريعة على أوروبا وأمريكا، لذلك لم أتعجب حين سمعت شيخا مصريا يصف المعونة الأمريكية التي تحصل عليها مصر منذ اتفاقية كامب ديفيد بأنها ليست سوى الجزية التي تدفعها أمريكا للمسلمين حماية لنفسها، وأعتقد أن سيطرة نظرية المؤامرة على الكثير من العقول تعود فى الحقيقة لوجود الكثير من الدلائل التي تثبتها أكثر مما تنفيها، فالسياسة واقعيا تقوم على الكثير من المؤامرات المتراكمة عبر تاريخ الصراع الدولي، احتلال الدول القوية للبلاد الفقيرة، المعارك الحربية الكثيرة التي حسمت بالخداع، نهب الشمال لثروات الجنوب وبناء إمبراطوريات على حساب كنوز البلاد الفقيرة افريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية، فالحقيقة أن من يرفضون مثلي نظرية المؤامرة لا ينفونها، فهناك بالفعل الكثير من المؤامرات وليست مؤامرة واحدة، مشكلة النظرية كما أعتقد لا تكمن فى غياب المؤامرة بل تكمن فى تبنيها كمنهج للتفكير، فهذا المنهج يوصل بالضرورة لنتائج غير صحيحة وبالتالي توسع دائرة الشك والريبة ليشمل كل ما هو آخر، ويؤدي ذلك لإنتاج صراعات خاطئة تماما، وعلى سبيل المثال، يعتقد الكثيرون أن حرب أفغانستان، والعراق، هي حرب على الإسلام، ونتيجة ذلك هي كره الغرب بوصفه مسيحيا أو علمانيا وليس بوصفه قوى استعمارية تسعى للسيطرة على الثروات خاصة ثروة الطاقة الضرورية لدوران أدوات الإنتاج السلعي، كذلك الخلط بين النظم السياسية وبين الشعوب فبدلا من معاداة نظم سياسية تهدف للسيطرة والنهب، نعادي الشعوب الأخرى التي ربما يكون أغلبها رافضا لسياسة حكامها بل ويكتوون أيضا بنارها، ونظرة سريعة على واقع العالم الآن خاصة بالغرب، سنكتشف بسهولة أن الكثير من شعوب العالم المتقدم تنتفض ضد سياسات حكامها، فمن أسبانيا إلى اليونان، ومن إيطاليا إلى فرنسا، تنتفض الجماهير مطالبة باقتصاد يحارب الفقر ولا يراكم الثروات، حتى أمريكا نفسها برغم التعتيم الإعلامي، تشهد حركة اجتماعية واسعة تناهض الشركات متعددة الجنسيات وتطالب بالحق فى الحياة الكريمة. [email protected]