انتهت بالأمس القريب أيام معرض الرياض الدولي للكتاب في دورته الأخيرة، وأزعم أن المعرض بحركته العامة وما يفرزه من أنشطة وفعاليات أصبح يمثل فرصة سنوية للتعاطي مع الثقافة والفكر عبر العنوان المباشر الذي هو الكتاب. معرضنا للكتاب بدأ يحتل مساحة مهمة في خارطة العمل الثقافي و الإداري الرسمي داخلياً وفي ذات الوقت بدأ يحقق بعض السمعة الجيدة عربياً خصوصا في السنوات الأخيرة التي شهدت تراجعا في الدورات التقليدية لمعارض الكتاب العربية المشهورة مثل معرض القاهرة أو معرض تونس أو تراجع و غياب عدد من دور النشر المهمة السورية، والتي يعرف الجميع الأسباب وراء تراجعها. الكتاب تاريخيا أول أوعية الثقافة والفكر وجدير به أن يكون له مناسبة سنوية تحتفي به على مستوى المضامين والأفكار وعلى مستوى التداول والبيع والتوزيع، وقد يستغرب البعض إذا عرف أن أول وأقدم معرض للكتاب معروف حتى الآن هو معرض فرانكفورت الدولي للكتاب ،والذي تؤكد المراجع العلمية أنه موجود منذ خمسة قرون. و تعود المكانة المهمة لهذا المعرض لبعده الدولي ،حيث هو بشكل أو بآخر سوق وملتقى عالمية للفكر والأدب والكتب من كل الثقافات. هذا مؤشر ايجابي على التنمية المدنية التي تنمو بشكل تراكمي، ولأن الثقافة والعلاقة مع الكتاب سلوك تربوي قبل كل شيء. الأمر الآخر الإحصائيات غير المسبوقة عن عدد الزوار، وحجم المبيعات، والجهات المشاركة، كل ذلك في ظني يعكس تغيّراً، أو جملة من التغيرات الايجابية وإن كانت في بداياتها فهي محمودة دون أدنى شكفي منطقتنا العربية يُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب أبرز معارض الكتاب وأقدمها ،حيث عُقدت دورته الأولى سنة 1969م ويُذكر أن دورته الأولى جاءت على خلفية احتفال الحكومة المصرية حينها بمناسبة ألفية مدينة القاهرة. معرض الرياض وبحسب بعض المعلومات المتوفرة على موقع المعرض يفهم منها إجمالا أن بدايات التعاطي مع الكتاب لدينا انطلقت من أروقة الجامعات السعودية التي كانت تقيم معارض دورية للكتب، وتطورت الظاهرة ايجابياً بما يعكس مكانة الكتاب و تنامي اهتمام المجتمع والدولة بضرورته عكس ذلك الاهتمام قرارات القيادة السعودية للوزارات المختصة التعليم العالي ثم من بعد ذلك وزارة الثقافة والإعلام بتنظيم المعرض بصورته الحالية ليكون أحد مظاهر تفاعل السعوديين مع الفكر والأدب والثقافة. ويتذكر من تابع دورات المعرض في السنوات القليلة الماضية، أنه كان يشكِّل واحدة من واجهات اللقاء بين أطياف الفكر في المملكة العربية السعودية. و غالباً ما شهدت أروقة المعرض بعض الحوارات الحادة والمتشنجة أحيانا بين السعوديين أنفسهم ممّن يعتقدون أنهم يمثلون أطيافاً فكرية متضاربة. وهذا الأمر اختفى تقريبا من فضاء المعرض لهذا العام الأمر الذي يمثل نجاحا للتجربة التنموية الفكرية الثقافية السعودية. والتي يحب الاعتراف بأنها ما زالت وليدة وتحتاج الكثير من العناية والرعاية من الجهات المختصة ومن الإنسان السعودي بالدرجة الأولى. لفت انتباهي أمرين آخرين في دورة هذا العام لمعرض الكتاب، الأولى عدد الجمعيات الخيرية والأهلية المشاركة في فعاليات وأنشطة المعرض، وتفاعل الجهات التربوية عبر زيارات طلاب المدارس للمعرض كجزء من النشاط التربوي. وهذا مؤشر ايجابي على التنمية المدنية التي تنمو بشكل تراكمي، ولأن الثقافة والعلاقة مع الكتاب سلوك تربوي قبل كل شيء. الأمر الآخر الإحصائيات غير المسبوقة عن عدد الزوار، وحجم المبيعات، والجهات المشاركة، كل ذلك في ظني يعكس تغيّراً، أو جملة من التغيرات الايجابية وإن كانت في بداياتها فهي محمودة دون أدنى شك، ولعل هذه المؤشرات المفرحة نسبياً تخفف من الإحباط العام الذي تنقله لنا بعض التقارير الدولية حول وضع الثقافة والقراءة وإنتاج وتداول الكتب في العالم الثالث بشكل عام وفي المنطقة العربية بشكل خاص، ومن أراد الاطلاع على شيء من ذلك فعليه بتقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2002م الصادر عن منظمة الأممالمتحدة وما تلاه من تقارير. @salemalyami