ما دام هناك هيئة لمكافحة الفساد يعني ان هناك فسادا .. و اول خطوة يجب اتخاذها في علاج اية مشكلة كما يقول الخبراء هي الاعتراف اولا ان لديك مشكلة .. اذن نحن سائرون بإذن الله في الطريق الصحيح ما دمنا نعترف ان لدينا مشكلة فساد مستشر كالسرطان في جسد الدولة .. هذا الفساد قد أعاق الكثير من الانجازات الوطنية وشوه الكثير منها أيضا .. في الحقيقة لقد تحول الخوف من الفساد الى شجاعة في مواجهته بعدما أصبح هاجسا اجتماعيا وشكا دائما في الصالح والطالح معا .. شك وريبة في كل شيء وفي كل شخص مسئول حتى وان كان بريئا .. والاهم شك في نجاح أي مشروع .. لقد تمكنت حالة الريبة والشك من مشاعر الناس .. أصبح الفساد جزءا من تفكيرهم الدائم .. من نظرتهم الى كل شيء حتى وان كان غير موجود سوف يبحثون عن طرق وأساليب غير عادية لتؤكد نظرتهم انه موجود هنا أوهناك .. والسبب في ذلك هو أنهم يسمعون ويرون من حولهم أشياء أكثر مما يرى المسئول ويسمع .. فالفساد ليس في سرقة الأموال العامة فقط كما يبادر الى ذهن البعض بل في التعاملات والمعاملات مع المواطن ايضا .. فعندما تتعطل معاملة احدهم في دائرة حكومية وتتم مماطلته من قبل موظف صغير شهورا طويلة بينما تسير معاملة مواطن آخر بسرعة البرق .. فهو فساد .. وعندما يخسر حق له في مقابل من لا يملك الحق على أساس المعارف والنسب والعلاقات الشخصية فهو فساد أيضا .. وعندما يلف المواطن وتحفى قدماه على الدوائر والمؤسسات حاملا ملفه الأخضر من أجل وظيفة وتتوفر لديه كل المؤهلات المناسبة لها ولا يجد أذنا صاغية ثم يتفاجأ بغيره يحصل عليها بين ليلة وضحاها .. فهو فساد وإحباط كبير له سوف يترك أثرا نفسيا عليه من الصعب تغييره .. ولان الفساد يتجاوز هموم المواطن الفردية .. فهو يراه ايضا في الشارع الذي ظل محفورا قرب منزله شهورا وربما سنوات دون أن يتم الانتهاء من العمل فيه .. انه مرض عضال يمكن ان يداهم أي شخص في أي وقت وفي أي مكان .. والمثل البريطاني الشهير يقول : لا يوجد إنسان بلا ثمن .. أي ان الفساد قادر دائما على إفساد الضمائر والقلوب مهما كانت نزيهة وقوية اذا لم تكن تخاف من الله قبل كل شيء .. ذلك هو السبب الذي يدفع الدول دائما لتطوير آليات العمل لديها وتحديثها باستمرار لحماية نفسها والناس من الفساد.يعني ان هناك فسادا .. والطريق الذي تعثر انشاؤه دهرا لم يكن ذلك بسبب موظف صغير .. لانه فساد لم يتم في حينه ولا مباشرة بل حدث من قبل وفي زمن مختلف فأعاق تنفيذ هذا المشروع مثلما أعاق الكثير من المشاريع غيره على خلفية الهبات والمنح التي تمت بطرق وأساليب ملتوية لا يعلمها إلا الله .. كل ذلك جعل المواطن ينظر الى الفساد في كل شيء وبمنظور واحد فقط وغير دقيقة أيضا .. ذلك يعني ان الهيئة الوطنية المستحدثة لمكافحة الفساد وأمينها الشريف مضطرة لخوض معاركها في وضح النهار و في العتمة أحيانا اكثر لتثبت جدارتها .. والاهم انها سوف تكون مضطرة حتما لمواجهات من نوع غير قابل للحلول الوسط .. ولا حتى للحلول الاولية وهو ما يعني ان نجاحها في هذه الحالة قد يكون نسبيا وقد لا يكون ابدا .. وبالتالي فان البحث جديا في الاساليب المتبعة في تعاملات المواطنين مع الدوائر الحكومية إضافة الى الآليات المتبعة في تخصيص وتنفيذ مشاريع الدولة وترسيتها على الشركات والمقاولين هو الاهم و الأجدى .. هو خط الدفاع الرئيس ومفتاح الحل الاول للهيئة في مكافحة الفساد .. ليس لأن الفساد الذي تم مسبقا يجب السكوت عنه أو القبول به كأمر واقع .. بل لان الآليات المتبعة هي التي منحت ذلك الفساد فرصته للتمكن طوال السنوات الماضية .. وثانيا وهذا هو الاهم .. لان الفساد بطبيعته مرض شيطاني متلون ومتجدد دائما يبحث عن ثغرات وفرص له للتكسب على حساب الدولة ومصالح الغير دائما .. والاهم من ذلك انه مرض عضال يمكن ان يداهم أي شخص في أي وقت وفي أي مكان .. والمثل البريطاني الشهير يقول : لا يوجد إنسان بلا ثمن .. أي ان الفساد قادر دائما على إفساد الضمائر والقلوب مهما كانت نزيهة وقوية اذا لم تكن تخاف من الله قبل كل شيء .. ذلك هو السبب الذي يدفع الدول دائما لتطوير آليات العمل لديها وتحديثها باستمرار لحماية نفسها والناس من الفساد.